الرعناء ابنائها اصلاء فتسمية الرعناء جائت وصفا لجوها المتقلب وليس لطباع اهلها ، هي الحاضرة الاولى للعرب المسلمين بعد المدينة المنورة وتعتبر من قلاع العالم التي اشتهرت بالمعرفة ولا ترتبط البصرة باي منحى طائفي ولا يبدر للاذهان اي امر فئوي حين تذكر البصرة فهي المدينة التي ساهمت بعدد هائل من علماء الامة الذين ساهموا في وضع اللبنات الاولى لتقدم الانسان معرفيا من مؤرخين وحكماء صنعوا اساسات العلوم في العالم كله فلا يخفى نتاج واسهامات اهلها في العلوم البصرية والرياضية والفيزياء والفلسفة والتدوين والوصف وعلوم اللغة وادابها ولا ينكر كاره ولاينسى محب فضل ابن الهيثم والجاحظ والسدوسي وسيبويه والفراهيدي وابن برد والحريري وغيرهم العشرات من اعلام هذه المدينة ، التي يعتبرها المؤرخون من المدن التي هي امتداد لماضيها فلم يكن مضايها قفار بالنسبة لحاضرها اليوم فحاضرها هو نفسه ماضيها عمرانا وفكرا وعطاء ، ولم تتغير طباع الناس اليوم عن طباعهم في الامس والسندباد لم يمت بالنسبة لعشاق الحياة بمنحى الخيال والجاحظ حاضرا لمن اراد ان يعيش الواقع بلمس التجارب ،، فأهل البصرة هم ذاتهم ناقدوا عيب السلطة غير ساعين لها بقدر سعيهم لاصلاحها هكذا قيل عن اهلها قديما وهكذا هم اهلها اليوم فعلا …
ان الحديث عن تقاسيم الاغلبية والاقلية من قبل السياسين في بلد مثل العراق وان كان واقع حال لا يعتبر مفخرة مثلما هو عيب …
ليس في العراق اغلبية يمكن على ضوئها اقصاء الاخر ومنعه مما حق للاغلبية المزعومة التي احقته لنفسها نصيب لها لا ينازعها فيه احد ولاينكر حقها بهِ فرد…
وان العمل على هذه الاساس لن يساهم في تغليب مفهوم مصلحة بلد مثلما سيتم تغليب مصلحة الفئة ، وعمر التقاسيم الفئوية والطائفية لم تصنع بلدا او صنعت نهضة وان الاغلبية التي يمكن الحديث عنها في العراق اليوم هي الاغلبية الدينية وليست الطائفية وعلى الانسان ان يبحث عما يجمعه بالاخر وليس عما يفرقه عنه اما الديانات الاخرى فلا تعتبر اقليات لو اعتبرنا ان الاسلام اغلبية بل العكس لان مفهوم الاسلام ودستوره هو التعايش ،،
وحتى مع التقسيمة الطائفية المزعومة اليوم للتمثيل السياسي في السلطة نرى غياب واضح للعدالة في هذا التقسيم من خلال عدم كفائة الاشخاص الذين توكل اليهم المهام والذين ينتمون لمناطق بعينها دون اخرى..
ولو سلمنا جدلا بقبول هذا التقسيم فان غياب التمثيل السياسي للبصرة ماهو الا ظلم كالظلم الذي يتحدث عنه الساسة الشيعة حين تسلب رئاسة الوزراء منهم وهم الاغلبية ، فهناك تمثيلا برلمانيا لمحافظة البصرة لكن لم نرى ان هناك تمثيلا سياسيا في ادارة السلطة التنفيذية وليس هناك وزير لاهل البصرة في الحكومة سواء لوزارة سيادية او غير سيادية … والتقسيم السياسي للسلطة على اساس طائفي يدعونا لتقسيم سياسي اخر على اساس مناطقي واقتصادي وتاريخي وثقافي فالبصرة هي اكبر محافظات الجنوب من حيث عدد السكان واكثرها ثروة ومساهمة في الميزانية الاتحادية للدولة واعرقها ثقافيا وارتباطا بالماضي وللبصرة حضور وقبول عالمي وفيها شخصيات مرموفة ومقتدرة على الادارة والسياسية ،، ان اهمية البصرة الاقتصادية متعددة الجوانب مثل مينائها الذي تمر من خلاله البضائع الاسيوية الي تركيا والاردن وسوريا لان مرورها عبر موانئ البصرة يقلص المسافة الزمنية والتكلفة المادية لو اريد نقلها عبر قناة السويس ثم الى تركيا وسوريا او عبر ميناء العقبة الى الاردن ، وكذلك اهميتها الزراعية والصناعية من حيث توفر كل الظروف اللازمة لذلك من مال وقوى عاملة وسلاسة النقل .. وكل ذلك لم يشهد تطويرا او اهتمام من قبل حكومات العراق المتعاقبة بعد العام 2003 …
فاعطاء الفرصة لاهل البصرة في تمثيل سياسي في الحكومة العراقية سيساهم في تطوير هذه المحافظة التي يعتبر تطورها هو نجاحا للعراق ككل فلم يسبق لها واهلها ان بخلت بما تملك عن عموم اهل العراق جميعا ..
ولم يشهد ان لاهل البصرة نفس في تعزيز فرقة طائفية او فئوية او نزعة انقسام عن العراق رغم مؤهلاتها لذلك لو قورنت بمؤهلات الاخرين الذين يدعون اليه ..
ولم يتكلم نواب البصرة عن المحاصصة كما تكلم نواب بابل او كربلاء رغم ان النفط الذي يدعي نائب بابل انه ملكه ويعطيه للاخرين “الاقلية” هو نفط البصرة الذي لم تقل البصرة انه نفطها لان اهلها يؤمنون بوحدة كل العراق .. فاختيار رئيس للوزراء من البصرة ينهي تقسيمة فئوية وطائفية ويساهم في تطوير هذه المحافظة التي يعتبر تطورها مكسب للعراق ككل واتخاذها كعاصمة اقتصادية دولية للعراق يعتبرا نجاحا للعراق ككل ، اضافة الى المقبولية التي سيحظى بها هذا الرئيس من قبل الاخرين سواء كانوا من الكورد او السنة ويكون بنظرهم رئيسا لوزراء العراق غير منتمي الى الفئة الاخرى حتى وان كان منها حقا لان مكانة البصرة لديهم ستعطيه المقبولية …
واقول مرة اخرى ان للبصرة استحقاق سياسيا يجب ان تحصل عليه في هذه الدورة … ونحتاج لمعتدل كاعتدال اهل البصرة وتأملوا هذه المحافظة واهلها كيف هم بعيدين الطائفية والحزبية بل حتى عن الاختلاس والنهب !!