23 ديسمبر، 2024 7:15 ص

البصرة…. لعنة الذهب الأسود

البصرة…. لعنة الذهب الأسود

تعدّ مدينة البصرة من أوائل المدن العربية التي تأسّست في بداية العصر الأسلامي ، ثمّ تطوّرت أجتماعيّاً ، وأقتصاديّاً ، وثقافيّاً في العصور التي تلت نشأتها .. فقد تأسّست فيها إدارات الدولة المختلفة ، وتحرّكت فيها عجلة الإقتصاد وانتشرت فیها الحرف والمهن، والصناعات ، وبرزت فيها حركة اقتصاديّة وعمرانية كبيرة ، من خلال استحداث الموانئ والمرافئ ، وتنشيط التجارة مع دول العالم عن طريق المنفذ البحري الوحيد للعراق ، ممّا أدّى إلى إنفتاح هذه المدينة على العالم ، واحتكاك سكّانها مع حضارات مختلفة ومتنوعة، ساعدت كثيراً على تغيير نمط حياة
 البصريين آنذاك .
أدّى إنفتاح البصرة أيضاَ على ثقافات العالم، إلى بروز شخصيّات علميّة ، وأدبيّة ، وثقافيّة كبيرة مازالت آثارهم الخالدة والتي أسهمت برفد الحركات العلميّة ، والأدبيّة ، والثقافيّة وما زالت تنهل منها البشريّة كـ الفراهيدي ، وأبو الأسود الدوؤلي ، الجاحظ ، الأصمعي ، والماورديّ ،  و..و..و.
إنّ نشوء طبقات التجّار ، والحرفيين ، كان له أكبر الأثر في حركة الأقتصاد في البصرة ، ممّا جعلها محطّ أنظار المدن والمناطق المجاورة ، حيث أزدهرت فيها فرص العمل ، وأصبحت قبلة لطالبي العمل، والتجارة …. وكان لرحابة صدور البصريين ، وطيبتهم ، وحسن أخلاقهم ، وتعاطفهم مع الغرباء ، العامل الأكبر في حركة النزوح ، والهجرة إليها ، والإستقرار فيها! وهذا ما ميّز البصرة عن سائر المدن الأخرى بأنّها مدينة تستوعب الكلّ ، وتتعايش مع الكلّ بودِّ وسلام !!
تنوّعت فيها الأديان ، (الأسلام- اليهوديّة- المسيحيّة- الصابئة- …) واندمجت فيها المذاهب الأسلاميّة، والمدارس الفكرية ، والتجمعات القبليّة ، والعشائريّة …..
برزت فيها أشهر مدارس النّحو واللغة وبرز فيها أساطين علماء اللغة ، والنحو، والبلاغة ، والشعر ، والأدب.
تعرّضت للكثير من الحروب ، والغزوات ، والمجاعة ، والتشريد لسكّانها ، ولم يكن لأهلها فيها ناقة ولا جمل !؟ بل كانت تدفع ثمن عنتريات ، ومغامرات  السياسين ، والعملاء لهذه الدولة وتلك!؟
ومنذ إكتشاف النفط فيها في ثلاثينيات القرن الماضي ، أصبحت البصرة ساحةً للصراع الدولي ، بين الأنجليز ، والألمان ، والهولندين ، (وكلبيكيان) ، وفي الوقت الحاضر ، الأميركان ، ولم يحصل منه البصرييون على أيّ فائدة ، أو نفع ، أو ساهم في تغير واقع حالهم ، بل حصل الأسوء من ذلك ، فقد أنتشرت الأمراض ، الناجمة عن عمليات التنقيب ، والحفر ، والأنتاج ، وما يصاحب ذلك من ، تلوّث للأجواء ، وأكتضّت البصرة بالعمالة الأجنبيّة وأصحاب الشهادات الجامعية والمعاهد يفترشون أزقّة العشّار لبيع السجائر ،أو ألعاب الأطفال وأصواتهم تصدح ( حاجة بربع)!!
لم تطوّر البصرة ! بل توقّف الإعمار والتطوّر في البصرة منذ نهاية الستينيات من القرن المنصرم!؟
تنتج البصرة لوحدها ما معدّله 2,500,000 برميل يوميّاَ من النفط الخام، أي ما يعادل 91,250,000,000  دولار سنويّاَ؟؟؟؟!!!!
تذهب كلّها إلى خزينة الحكومة المركزيّة! هذا غير إيرادات الجمارك، والموانئ ، والمنافذ الحدوديّة ، والضرائب !!؟؟ وتمنح البصرة حالها حال بقيّة المحافظات ميزانيّة لا تغطّي مشاريـــــع   ( المقرّنص ، و ترميم المدارس ، و فرش السبّيس ، و بناء جسور لا يمشي عليها أحد) …. لا مجاري ، ولا كهرباء ، ولا مياه صالحة للشرب ، ولا عمران ، ولا مستشفيات ( مرضانا يوميّة زاتّينهم للهند) .
مشاريع دعائيّة للضحك على ذقون البصريين الطيبيين، الخوش ناس، الحبابين ، (شيّم المعيدي وأخذ عباته) كما يقول المثل مع عظيم اعتزازي ، واجلالي لهذه الشريحة من المجتمع البصريّ الأصيل …
 يعيش سكّانها حالة من الفقر، والعوز ، والبطالة إذ يقدّر عدد العاطلين عن العمل في البصرة حوالي 30 بالمائة حسب جريدة الفرات في عددها 13/1/2014 بينما تجلب العمالة من مصر ، الاردن ، الباكستان ، بنغلادش ، سريلانكا ، للعمل في البصرة؟!
أليس هذا عاراً على سياسيّ البصرة ، ومسؤوليها الذين انتخبوا من قبل أهلها!؟
 
الحيـــــــــاء نقطة معلّقة في الجبين فإذا سقطت …….
وعَودٌ على بدء ، هل نفط البصرة نعمة على أهلها أم نقمة؟
نعم إنّها نعمة ، أنعم الله بها على أهلها ، وعمّ خيرها أهل العراق كلّه! ولكن أنظر، ثمّ دقّق النظر ، وألبس النظّارة إذا لزم الأمر وأحسب … على ماذا يحصل البصرييون مقابل استخراج، وتصدير نفطهم ؟ تلوّث بيئي ، بسبب إحتراق الغاز المصاحب لاستخراج النفط ، إستخدام موادّ كيميائيّة وأخرى مشعّة في حفر الآبار؟! تعطيل القطاع الزراعي بسبب استيلاء وزارة النفط على مساحات كبيرة جدّاً من الأراضي الزراعية لصالح شركات النفط ، نقص في الأراضي المخصصة للسكن ممّا ولّد كثافة سكّانيّة في مناطق دون غيرها ؟!
استهلاك كبير في الطاقة الكهربائيّة لصالح شركات النفط على حساب سكّان البصرة ، وأنقطاعها المستمّر خصوصاً في فصل الصيف؟!
لذا يعتبر البصرييون النفط نعمة إلهيّة ، واجبة الشكر، حوّلها السياسيّون والشركات الرأسماليّة ، والمنتفعين ، إلى نقمة ، يدعون الله ليل نهار أن يخلّصهم منها!!!!!؟؟؟؟
لذا نوّجه سؤالنا إلى كلّ الساسة ( مراهقين ، وراشدين) والقادة والزعماء ( من صغار السنّ و كباره) وقادة الأحزاب والتيّارات ، والكتل من أصحاب الضمير ومنعدميه …. هل هذا هو جزاء البصرة ؟!
كم هو عدد الوزراء من أهل البصرة في هذه الحكومة ؟ والتي قبلها ، وقبلها …وما قبل قبلها ؟
كم هو عدد السفراء أو المدراء العامّون أو وكلاء الوزارات من أهل البصرة نسبةً إلى تعداد سكّانها ، وثرواتها ، ومساحتها ؟!
هل ما زالت الحكومة المركزيّة تنظر إلينا نحن البصرييون بنفس النظرة التي كانت تنظر بها إلينا الحكومات السابقة من قبيـــــــــل ( معدان- شروكية- هنود- بسطاء- سذّج)؟!
هل ما نزال بعيون بعض( الروزخونيّة ) أقصــــــــــــد السياسيين ( جنــــــد المرأة وأتباع البهيمة)؟!
ثمّ سئوالي إليكم إيّها السادة في الحكومة المحليّة: منذ السقوط ولحدِّ الآن هل عمّرت خمسة ميل ، أو الحيّانيّة ، أو الجمهوريّة ، أو حيّ السكك، أو الكزيزة ، أو صبخة العرب ، أو الزبير أو … أو … أو
إذاً متى تعمّر هذه المدن الخربة … وأين ذهبت الأموال التي خصصت لها ؟!
أنا بصريّ، وأبي بصريّ، وجدّي بصريّ، وأبو جدّي بصريّ ولا أملك من نفط البصرة حتى cc واحد ؟! ولا من إرضها شبراً واحداً
ولا من أموالها ديناراً واحداً ، ولا من غازها (دبّةً) واحدةً ؟؟!!
إلى متى يتحكّم فينا الآخرون ، وأنتم ساكتون ، عارفون ، عالمون ، متعمّدون، هل هو الكرسيّ والمنصب ، أم ….؟
أما آن لأهلِ البصرة أن يأخذوا حقوقهم ، دون أن تنقص من حقوق الآخرين… لِم حقوقنا مؤجّلة ، وحقوق غيرنا معجّلة ؟!