22 ديسمبر، 2024 1:48 م

البصرة: صرخة عطش من بين الدم والنفط

البصرة: صرخة عطش من بين الدم والنفط

ما الفضل الذي يمن به الساسة على العراق؟ ماذا قدموا وماهي منجزاتهم؟ أي سياسي سيجيب أطحنا بالنظام السابق! والحقيقة أن أغلبهم دخلوا على ظهور دبابات أمريكية, لو أنهم فعلاً أسقطوا النظام لكانت أمريكا الآن تعاملهم كحكام للعراق وصناع قرار, لا أن توجه لهم الأوامر وتتدخل بكل صغيرة وكبيرة, وتفرض شروطها من الألف الى الياء!.
من قوض نظام صدام أبناء العراق الذين صنعوا الانتفاضات والثورات رغم كل أساليب القمع والقتل, وتحملوا الحصار والجوع والحروب الطاحنة بينما فزاعات الحكم التي يحركها اللاعبون الآن يقطنون القصور في الخارج.
كان الجنوب في زمن النظام السابق يرفع شعار أذا حل الظلام سقط النظام وكانت البصرة تحديداً تمثل عقوبة آنذاك لمن يؤدي مهامه فيها, فمن يقصر في عمله, أو يمثل مصدر إزعاج للنظام يعاقب بالنقل للبصرة أو محافظات الجنوب بشكل عام, فهي عصية على الطغاة في كل وقت وحين.
عند دخول القوات الأمريكية وحلفاؤها الى العراق كل المدن دخلوها بفترة قياسية الا البصرة, تركت بصمتها الواضحة كالمعتاد, وألحقت خسائر فادحة بالقوات البريطانية والأمريكية, وفي القريب العاجل في معركة العراق ضد الدو اعش, خلت البصرة من ساكنيها بين مقاتل ومتطوع ومتبرع لخدمة الجيش والحشد, كعادتها في أيام عاشوراء وهي تخدم زوار سيد الشهداء عليه السلام.
لم تبخل البصرة بنفط أو ثروات فقد أتخمت كروش ,وقصور وبنوك الساسة, وعندما طلبوا دم قدمت قرابينها, ونحرت فحمت البلاد وثبتت العروش, جادت بفلذات الأكباد وقرر العيون وعلاء العيداني مثال حي, فقد قدم عينيه للعراق وأهله.
أني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً أنما خرجت لطلب الاصلاح, هكذا أعلنها المصلح العظيم سيد الشهداء (عليه السلام), وهو لسان حال أهل البصرة, فبين جوع تنكره الأحزاب, وترفض الاعتراف به, وبطالة دفعت الخريجين الى البيع على الأرصفة, لأن الاحزاب أستحوذت على الوظائف فأعلنت الدولة تخمتها فواقع الحال أصبح (حزبي تتعين ما عندك حزب اشتغل عمالة)
غياب العدالة الاجتماعية بين شخص يتقاضى ثلاث رواتب وأخر لا يملك الف دينار, عائلة واحدة يتعين منها 12 شخص, وعائلة لم يتمكن أحد منها من الولوج الى منفذ للعيش الا أذا دفع 12 مليون دينار, ليحصل على توقيع وكيل وزير لتخصيص درجة وظيفية, وحملة شهادات عليا يبيعون المناديل الورقية, ويعملون في المطاعم ومحلات المثلجات, بين أسرة لا تملك الا متقاعد يعتاش على تقاعده طلاب وخريجون من عائلة كاملة لم يحصلوا على وظائف, بطالة وفساد, ومحسوبية ورشاوى وصفقات مشبوهة!
وزيرة صحة حولت المستشفيات الى مزابل, ووزير تعليم غارق في الفشل حتى أذنيه, ووزير تربية عاث بالتربية وأهلها فساداً لدرجة أن المواكب الحسينية أخذت على عاتقها طباعة الكتب لطلاب العراق, ووزير تجارة يستورد الرز التالف والطحين الذي يصلح علفاً للحيوانات, مدارس طين وأمية وفقر وجوع, طوابير من الأرامل والايتام وشهداء راحوا ضحية عمليات إرهابية وآخرين سقطوا على السواتر
برلمان متخم بالصرعات, وفزاعات ترفع الأيادي للتصويت مع الوزير الفاسد الفلاني, وتغض الطرف عن المدير العام التابع لجهة حزبية تشاركها الغنائم, فلماذا يسكت أهل البصرة؟ ولماذا يسكت أبناء العراق على هذا البؤس والتعاسة؟
بينما يسرح ويمرح ابناؤكم في الخارج قدم الشعب قرابينه للعراق, ليكون جزاؤه أزقة تختنق بالنفايات, وكهرباء أصبحت عقوبة جماعية, والموت مجاني, نازحون بلا مأوى, وخريجون بلا عمل ولا أمل, والمهاجرين من جور الحكام غرقى بين تركيا واليونان, زاد على هذا عطش أهل البصرة التي تمنح دون كلل أو ملل, لهذا كله خرج أهل البصرة, لأعادة هيبة العراقي الذي تنعتونه (بالحيوان ), اذا مر بالقرب من أرتال حماياتكم, فعلى من تطلقون الرصاص في البصرة؟
ما حدث من انحراف في مسار التظاهرات من حرق مكاتب الحشد, لايمثل مطالب أهل البصرة, فهم أهل الحشد وأبناؤه وقادته, سرعان ما تدارك البصريون حجم المؤامرة وتمكنوا من وئد الفتنة, مطالب أبناء العراق البصرة واضحة ولا لبس فيها, أعيدوا الحقوق لأصحابها نفط الشعب لمن قدموا الدماء وليس لسكان الخضراء, قد حذرتكم المرجعية مرارا وتكرارا فتجاهلتم المراجع, وأهملتهم معاناة الناس والجياع والمعوزين, حان الوقت ليقول أبناء العراق كلمتهم, وتقض صرخة عطش البصرة مضاجع الفاسدين!