حصيلة الاحتجاجات في البصرة يوم الثلاثاء ستة شهداء واكثر من خمسين جريحا وهو الاكبر في تاريخ التظاهرات منذ نشوبها في يوم واحد ،كما تم احراق ممتلكات عامة ” مبنى المحافظة ومجلسها ودائرة السجل العقاري” . مرة اخرى تخضب ارض البصرة وتصطبغ شوارعها بالدم المسفوح غيلة واجوائها بالدخان الاسود وقبلها مياه انهارها بالوان فريدة ليس من بيها الازرق ،ولم تصحو الضمائر ويبادر مسؤولها الى تقديم استقالاتهم .
الاحداث خطيرة ومؤلمة وما كان لها ان تقع لو جرت المعالجات بشكل سريع
ووضوح كاف يطمئن المتظاهرين واستيعاب حجم المشكلات وتاثيراتها .
اللجوء الى العنف لم يكن له داع وليس حلا جذريا واستهتار فاضح بارواح الاهالي وجريمة يحاسب عليها القانون ..اطلاق الرصاص الحي لم يات لحظة انفعال ورد فعل من شرطي اوجندي ، وانما يبدو انه نهج محلي وسياسة وتخطيط على اقتراف هذه الفعلة النكراء من قيادات محلية غير انه لا يعفي الحكومة الاتحادية من مسؤوليتها عن عناصرها التي شجعتهم في حوادث سابقة .
الحكومة الاتحادية تدين استخدام العنف وشكلت لجنة تحقيق لمعرفة الذين اصدروا امرا باطلاق لرصاص الحي وفي اماكن قاتلة ،ولكن هذا لاينفي عنها اتهامات التورط في الجريمة ما لم تقدم الجناة على وجه السرعة الى القضاء لينالوا عقابهم العادل كي لا تتكرر الجريمة مرة اخرى ، وسابقا شكلت مثل هذه اللجنة وانتهت من دون نتائج تحرم الاعتداء مرة ثانية .
ان تطبيق القانون يشكل رادعا لمن يتهور ويستهين بارواح الناس ويخرب الممتلكات ويخرج عن سلمية التظاهر ويرتكب ايضا ضد القوات الامنية ،وبالتالي تصعيد لا يعطي الفرصة للاستجابة للعمل وتنفيذ متطلباته ويفسح في المجال الى قوى تستهدف الاستقرار ،واعلنت عن ذلك علنا واغلب الظن هي من تندس بين صفوف المتظاهرين وتدفع نحو الصدام .
ما الفائدة التي جنيت من استشهاد عدد من المتظاهرين والقوات الامنية غير توتر الاوضاع وتعقد الحلول وتصاعد اصوات القوى التي تزايد على المتظاهرين وعلى الحكومة ؟
لو كانت الحكومة المحلية جادة في العالجة والحرص لنفذت المشاريع التي تبرعت بها الجهات المانحة واكملت ماهو قيد الانشاء ومتاخرا لاسباب تافهة ويديم الازمة وتستفز الناس وتفقدهم الثقة بها وتثير الشكوك بنزاهة المسؤولين .
القرارات التي صدرت عن مجلس الوزراء امس الثلاثاء استغرت وقتا طويلا ليس في صالح الحكومة دفع حركة الاحتجاج الى التوسع في مطالبها المحقة ، ومع ذلك هي كافية ان تخفف وتفك بعض الاختناقات التي تعاني منها البصرة وطلب الاسراع في المباشرة فيها.
كما طرحت افكار مهمة واراء ملموسة بشان المشاريع جديرة بالدراسة وحلول للازمة ، والاهم من ذلك انها تواكب طموحات المحتجين وتطورها وكلما كان الحل سريعا حد من المغالات في المطالب واتجاهها الى مناحي ليس بالامكان تلبيتها في ظل الاوضاع الحالية …
لقد خصص الى البصرة 143 مليار دولار منذ عام 2003 ولكن لم يتحسس ويلمس المواطن مردودات انفاقها على الارض وحياته اليومية ، ان قسما كبيرا منها بدد واهدر والتهمه الفساد وتحول الى تمويل المجموعات والاحزاب ، هذه موضوعة ينبغي ان تكون برسم الاجابة كي ننهض ببناء البصرة .
ان البصرة مختطفة من المافيات والمنظمات المتطرفة والاحزاب النافذة ، فهي المسؤولة عن التتدهور المريع ، فلا غرابة ان يهدد بعضها اهلها على رؤوس الاشهاد وبفرض ارادته على مؤسسات الدولة لخلق الفوضى وللتملص مما فعلوه وبددوه ونهبوه طيلة السنوات الماضية .
لا يمكن اصلاح الاحوال في البصرة من دون ازاحة النخبة الحاكمة ودعم الرقابة الرسمية والشعبية التي تتجسد بشكل رئيس بالتظاهر السلمي .