9 أبريل، 2024 2:20 ص
Search
Close this search box.

البصرة الطَّيّبة قبل 60 تُمُّوز 1958- 2018م/ 5

Facebook
Twitter
LinkedIn

صباح اوَّل أيّام عيد، الشَّيخ الوَقور نقيب الأشراف السَّيّد «هاشم النقيب»، بكشيدته البيضاء وزيّه العربيّ، مِن شُرفةِ دار مُتصرّفيَّة البصرة، دعا إلى صلاح الأُمّة وإلى رفاهيتها. وصباح عيد يجمع تلاميذ وأساتيذ المدارس الابتدائيَّة، التبرّعات لفلسطين وتوضع شارة قماش أسود على صدر المُتبرّع بالنقود الَّتي توضع في صندوق محمول صغير. للطّائفة اليهوديَّة عيدها الَّذي يُقام بقوسٍ مِن النخيل امام بيوت يهود البصرة يُسمّى العرزوله.

في بداية ثلاثينيّات القَرن الماضي العقد الأوَّل لمولد الدَّولة العِراقيَّة الحديثة، كان التداول بالعُملة الهنديَّة (الرّوبيَّة والبيزة والقران والعانة) ثم دخلت العُملة العِراقيَّة، الرّيال (مائتا فلس) والدِّرهَم (50 فلس) و20 فلس و4 فلوس ثم الفلس. اقدم المدارس الأهليَّة مدرسة ألأرساليَّة التبشيريَّة الأميركيَّة في العشّار (لاحقاً سُمّيت “ مدرسة الرّجاء ” مُديرها لعدَّة عقود الأميركي فان نيس يُسمّى مستر وانيس) تُدرّس المرحلة الابتدائية فقط، ثمّ “ مدرسة حدّاد الأهليَّة ”، مُديرها المسيحي عمّو عيسى، انتهت بعد عقود مِن انتقالها إلى شارع 14 تُمُّوز- مِنطقة الگزّارة – السَّعدي.

في ثلاثينيّات القَرن الماضي في العشّار مدرسة واحدة ابتدائية للبنين اسمُها “ مدرسة الدَّبّة ” في محلَّة الخندق (مقام علي). ومدرسة مُتوسطة وإعداديَّة (ثانويَّة) في العشّار (احد طُلّابها الشّاعِر بدر شاكر السّياب عاش خلال الدراسة مع قريبه عبداللطيف السّياب في بيت قريبه الحاج عامر الكامل في مِنطَقة الگزّارة قرب نهر الخورة)، ثانويَّة جوار مسرح مديريَّة المعارف (المعارف كان يرأسها لسنوات عديدة عبدالرّزاق إبراهيم)، حيثُ تقام به بعض المسرحيّات الطُّلّابيَّة او الفرق الوافدة مِن بغداد وغيرها من الفعاليّات الاجتماعيّة او الثقايَّة. ومدرسة ابتدائيَّة في محلَّة القبلة في البصرة القديمة. ومدرسة ابتدائية للبنات. مدرسه الطّائفة اليهوديَّة الابتدائيَّة في البصرة القديمة اسمها “ الأليانس Alliance ” اي التعاون بالفرنسيَّة تُدرّس اللُّغة العبرية والفرنسيَّة والعربيَّة. Alliance française، مُنظمة دولية تهدف إلي ترويج الثقافة واللُّغة الفرنسيَّة في جميع أنحاء العالم. أُنشئت في باريس في 21 تُمُّوز 1883م. كانت الدراسة صباحاً ومساءً وكُلّ صف يضمّ عدد محدود مِن التلاميذ والمُعلِّم يبذل أقصى جَهده التعليم وكان التلاميذ يُجلّونَ مُعلِّميهم. وكان المُدرسون والمُدرسات فضلاً عن العِراقيين من أقطار الشّام سوريا ولبنان وفلسطين، ومصر. مِن مُدرسي الثانويّة إبراهيم نعوم للُّغة الإنگليزيَّة وحبيب هدايا للفيزياء وعبدالكريم المناصير للتأريخ وأحمد النقشبندي للدِّين. ومُدرّس اللُّغة الإنگليزيَّة بريطاني الجنسيَّة.

مركز البصرة (سُمّي العشّار لأن الجّهات الإدارية تستقطع 10% مِن اصحاب المراكب والسُّفن وتُجّار المواد الغذائيَّة وغيرها). قلب العشّار المقام مقام الأمير علي، المختارشاكر. السُّوق المسقوفة سوق شيخ خزعل مطعم ميرزا باجة وكباب. الحلّاق (زاير جولان، زيانه كجزّ نبات الجولان). سوق هرج فيها صيارفة منهم عبدالله ومحمد عبود ونعيثل وعلي سكر وموحان گزار وبائعو الملابس القديمة (البالات ) والعباءات والاقمشة ومِنهم حاج سبع وحاج حسن السّوداني وبائعون مِنهم بيت الرّديني واحمد حسن. ومن الخيّاطين عبدالصاحب الاسدي وحميد سوَيّف ومن باعة غرف النوم علي مطشر وبيع الخيوط والازرار مِنهم حاج حسين مُلّا علوان. مكتبة الجَّواهري. فندق نُزهة المُؤمنين وفندق الشَّمس. سوق موسى العطيَّة وخان «محسن غريب» وعبّاس العطّار وحمّام عبدالرّزاق سوق الصّاغة وقهوة التجار منهم بيت الفليج والذكير وأصحاب السُّفن سيّد غالب وحاج عبّاس الشّاوي وعرفت تجّاراً مِثل بيت الغانم والحمد والعُثمان والخضيري المعروف بجامع الخضيري.

سوق المغايز بدءً بساعة سورين اُزيلت في عهد عارف الأوَّل، التوابل والملابس والقرطاسيّة. مكتبة الجَّميع ومكتبة صبري شمعون ومكتبة شعبان. صيدليّة البلاد وصيدليَّة العراق وصيدليَّة المُختاروصيدليَّة جوليس وصيدليَّة الشَّعب وصيدلية شط العرب وصيدليَّة حامد النقيب وصيدلية ددي. عيادات مصطفى الخضّار وداود سكر ويعقوب بُني ومحمد الحمداني واحمد مُصطفى السّلمان وعبدالجّبّار الشَّمخاني وصبيح مدحت. إصلاح السّلاح فكتورسليم وفرج وبهجت اولاد سلمان. علاوي المُخضرات تستورد الفواكه من ابي الخصيب ولمدينة شَمالاً ومن القرنة والعمارة وقرى ديالى مِثل ابوصيدا وغيرها. علوة بيت الرَّحماني وعلوة الهاشمي والصَّگار وعلوة ابني العم كاظم وناجي الهوّاز والصَّگار والمعيدي واليوسف وعلوة حاج مزبان وگحوش وعلوة حساني وجبّار المعيدي وصبري وادي. العلاوي امتداد شارع ابو الاسود شرقاً في موقع القشلة العُثمانية سابقاً تحوَّلت مركز شرطة العشّار مُنتصَف القرن الماضي، اُزيل المبنى. اطراف العشّار شَمالاً على الجّانب الأيمن من شط العرب محلّة المُفتيَّة كان فيها معمل توزيع الگازولين (نِفط ابيض) يُؤتى به من مدينة عبادان بعبوات (تنك) والبنزين يوزع على اصحاب السّيّارات معدودة العدَد. ومحلَّة الصّوفيَّة ذات القصور كقصر الشّيخ خزعل وقصر عبدالرّزاق مير. ومناطق شعبية مثل نهير اللّيل وبيت مارين اشتهر بتربية الخنازير وبيت السّادة الرّديني وبيت الجّزائري. وجراديغ التمر وبيع بواري القصب تسوّق إلى الخليج عبر اهل الهوير مِنهم حاج عُثمان الحجّاج وحاج عبدالحسين شيخ محسن وحاج عبدالنبي الرّاشد وحاج شغاتي السّلمي وحاج حسن العبادي. نهر الرّباط ومكينة السُّوس لكبس عرق شجر السّوس لصنع الأدوية الشَّعبية والمشروبات الغازيَّة. مقبرة الانگليز قتلوا خلال الحرب العالميّة الاُولى والقوّات الموالية لهم.

الخندق (أُمُّ الدَّجاج) اسواق بيع الدَّجاج وبيوتات بيت مُلّا جري السّامر والسّادة عبدالغني الشَّرع وبيت عبدالعزيز الشَّيخ محسن و«عبدالعزيز غريب» (وابنه عبداللَّطيف الوسيم الأنيق يعمل في تشريفات مطار البصرة وشقيقه الأصغر “ عضيد ” بيلت الموانىء)، وبيت العاشور، وبيت راضي الهلالي وبيت الجاسم وبيت عبّاس الشّاوي وبيت العاتي وبيت ابريج وبيت سيّد فاضل الخرسان وبيت كاظم الصَّبر وبيت حاج مهاوي وبيت حاج علي مطشر وبيت جعفر الحاوي وبيت الدّيوان وبيت عبدالزَّهرة السَّماك وبيت العيبي وبيت شويّش ومِنهم مكي ومحمد علي وبيت مُلّا خلف المشكور وبيت الزُّوار ومِنهم محمود الحبيب وبيت بنيّان والمهاجرون النّازحون مِن المُحمرة ومِنهم بيت اللّيث. منطقة الخندق بين نهري الرّباط والخندق تشتهر بأسياف (سايلوهات) الحنطة والشَّعير والرُّز وأهم التُّجار فيها عماد عبدالقادر المهيدب وحاج جمعة وحاج ابراهيم ابراهيم العبادي وسيّد ثامر الموسوي والعقيل والذكير والخضيري والبعيجان وعبدالرّحمن البسّام ومحمد السَّهر وحاج سعيد وعبدالعبّاس جبارة وعبدالصاحب عجّام. شركة اندروير الانگليزيَّة تسيطر على تجارة الحُبوب والتمور وبيت اصفر. مدرسة عتبة بن غزوان وجامع الحاوي وجامع حاج عبّاس الحبيب. التميمية مختارها شاكر ابو محمود واُمّ التفاح لكثرة بساتين الفواكه الاعناب والتفاح. الداكير اصل التسمية انگليزي dockyard تعني ساحة الرّصيف منطقة صناعية على شط العرب مقابل منطقة گردلان عند الضّفة الشَّرقية للنهر. جزيرة خضراء محاطة بالماء اُشتهرت بصناعة وإصلاح السُّفن الكبيرة والزّوارق بانواعها شِركة (گري مگنزي) عمل فيها عراقيون واجانب تقابلها علاوي الخشب علوة نوري عبيد وعلوة الياقوت وعلوة محمد العبدالله وبيت مال الله وعلوة حاج عبدالزهرة وعبدالعزيز شيخ محسن السَّلمي وعلوة بيت الجَّلبي وعلوة توفيق البغدادي وعبدالله السّام وحاج هاشم الشَّلّال وعلوة نجم عبود الشَّريف وعلوة حجي عبود الصّالح وحاج عبدالجليل الحجّاج وعبدالله صالح الحجّاج. مكينة الثلج لبيت شاكر طليا ومحلّات الشَّهيد عبدالحسين جيتا.

في قلب العشّار النابض سوق «المغايز» محل “ دوندرمة ” (آيس كريم) الإيرانيّ «زينل» اشتهرَ بألذّ أنواع المُرطَّبات وبنكهات الفاكهة المُتنوّعة. صحيفتا «الناس» صاحبُها عبدالقادر السّياب و«الثغر» عائدة لأحد أبناء عائلة النعمة، تصدران في العاصمة بغداد، اكثر ما تُنشر الأخبار المحليَّة تحت رقابة مُشدَّدة وكانت تُغلق الصُّحُف والمَجلّات مِن حين لآخر. وصحيفة «حبزبوز» السّاخرة الناقدة، للشّاعِر الشَّعبيّ “ مُلّا عبود الكرخي ” الَّذي يصل البصرة لاستلام الاشتراكات، وويلٌ للَّذي لايشترك في جريدته، يكون عِرضة للهجاء بقصيدة وبعكس ذالك فالمدح يُكال على مَن يكرمه، الكرخي اطلق على احدهم لقب (صاحب العطوفة). مِن كُتاب البصرة «طه الفياض». في باب الزُّبير في العصر العُثماني الباب معناه الدائرة الرَّسميّة، الباب العالي في العاصمة العُثمانيَّة اسطنبول، باب الآغا في بغداد يُنسب إلى مقرّ آغا الانكشاريَّة (الآن المقرّ العام للحشد الشَّعبي) تقابلَ السَّجن (القشلة في العشّار= مُديريَّة الشرطة انتقلت بجانب المُتصرفيَّة) والمُستشفى الوحيد لجفاف مناخ باب الزُّبير وبُعده عن المدينة وكانت كثير مِن الأمراض المُستوطنة في البصرة كالملاريا والبلهارسيا والسُّل والتراخوما والتيفوئيد. سُمّي بالمُستشفى الملكيّ ثمَّ الجُّمهوريّ ثمَّ التعليمي لقُربهِ مِن كُليّات جامعة البصرة، وكان يعمل فيه أطباء بريطانيّون وغيرهم مِن الأجانب، ثمَّ بدأ الأطباء العِراقيون بالعمل بعد تخرجهم مِن الكُلّيَّة الطِّبيَّة التي اُنشأت في بغداد. وكان أوَّل هؤلاء المُقرَّب مِن جدّنا الجَّراح محمد حسين السَّعدي. مبنى المُستشفى كان يضمّ دائرة الصّحة ومديرها المُشرف على المُستشفى وعيادات الأطباء وغيرها مِن شؤون الصّحة. كانت تقع في منطقه البصرة القديمة قرب البلدية. والمحكمة رئيسُها في ثلاثينيّات القَرن الماضيّ بريطانيّ، وبتخرَّج الطُّلّاب في كُلّيَّة الحقوق في بغداد، بَدء تعيينهم في محكمة البصرة الأوائل مِنهم نوري الخضيريّ واندرس عشو وحقي الجّيبجي وعبدالحافظ الطّه وعلاء الوسواسي والسَّيّد هادي صالح، اُفتتحت لاحقاً محاكم فرعيَّة في الأقضية والنواحي. انتهجَ الحُكّام النزاهة والعدل. دائرة البلديَّة كانت في البصرة القديمة مقابل المحكمة يرأسها رئيس البلديَّة ومِنهم عبدالجليل بيرتو و حسن خالد النقيب. دائرة الطّابو (السّجل العقاري) في بيت قديم واسع في البصرة القديمة جوار دكاكين المُعقبين للمعاملات والكتبة (ألعرضحلجيَّة) الذين يكتبون للأميين طلباتهم إلى الدّائرة المعنيَّة. دائرة البريد (البوسطه خانه، أمامها صندوق بريد أحمر اللَّون يُشبه الموجود في بريطانيا) سُمّيت لاحقا دائرة البريد والبرق والهاتف، تقع في مبنىً كبير على الضفة الجَّنوبيَّة لنهر العشّار مقابل جسر شارع الكويت. وجهاز الهاتف مُنفصل عن جهاز (السّماعة)، على المنضدة او نوع يُعلَّق على الجّدار وتعلق معه السّماعة. الاتصال بالمُدن الاُخرى بواسطة بدّالة البريد Central والخطُّ غير واضح (كثير الوشوشة) يتطلب التكلم بصوتِ نداء (هُتاف). دائرة الكهرباء وأجهزتها تقع في مِنطقه العشّار غربي مبنى المُتصرفيَّة. دائرة الماء وخزاناتها في البراضعيَّة جَنوبيّ العشّار مُديرها في ثلاثينيّات القرن الماضي هندي يسكن مع عائلته بنفس الموقع يهوى مُشاهدة الأفلام السّينميَّة. وموقع إسالة الماء شمال الموقع الحالي في البراضعيَّة. دائرة الموانئ العراقيَّة في المَعقِل تعلوها قُبّة رأسها لعدَّة عقود البريطاني الكرنل ورد مسؤولة عن الميناء الوحيد في المَعقِل ومِلاحة شط العرب حيث كانت البواخر الكبيرة تدخله مِن الفاو حتى ميناء المَعقِل يُعيّن مُرشدين كانوا أجانب اسُتبدلوا بعراقيين يقودون البواخر مِن مَدخل المياه الإقليميَّة في الخليج حتى رصيف المَعقِل لاستيراد ما يحتاجه العراق وتصدير التمور والحنطة والشَّعير في المواسم. وعندما لا يتسع الميناء لجميع البواخر القادمة ترسو البواخر في وسط شط العرب وتربط بطوافات مُنتشرة على سطح النهر أو تستعمل ما لديها مِن مُعدات للرسو (ألأنگر) وترسوا بجنبها الجَّنائب او السُّفن الشّراعيَّة (المهيلات) لأنزال حمولتها أو بالعكس وبواسطه رافعات الباخرة. وتتكاثر الزّوارق الصّغيرة (المشاحيف) حولها لبيع ركّابها المواد الغذائية والفواكه وغير ذلك وثمَّت مُتعهدون لتجهيز البواخر بالغذاء اللّازم. السُّفن الشّراعيّة بوم سفار تدخل شط العرب قادمه مِن الهند وسلطنة عُمان وموانئ الخليج ناشرة اشرعتها عندما تكون الرّياح مُؤاتية وتُسحب بقارب ويجذف بحارتها لسحبها نحو مرساها وهم يغنون الأغاني الخليجيَّة. وكانت القطع العسكريَّة البريطانيَّة تزور البصرة مِن فرقاطات وطرّادات ومِن المُعتاد عند وصولها العشّار تطلق مدافعها 22 طلقة مِدفع صوتيَّة تحيَّة ويتجول ملاحوها في اسواق العشّار للسّياحة والتبضع. كان رصيف آخر على ضفة نهر شط العرب قرب مدخل نهر العشّار مُنذ الحُكم العُثماني ترسو فيه باخرة ركاب تأتي مِن الهند اُسبوعيّاً تُسمّى (الميل) أي البريد على ظهرها هنود (خصوصاً من طائفة البهرة) لزيارة العتبات المُقدَّسة في العِراق. مطلع القرن الماضي كان أسطول مِن البواخر النهريَّة والجَّنائب تنتقل مِن البصرة إلى بغداد وبالعكس وشِركة بريطانيَّة (بيت لنج) وأُخرى تعود لعبدالقادر الخضيري (القادري) لنقل المُسافرين والبضائع. توقفت بواخر المُسافرين وبقيَت المِلاحة النهرية لنقل البضائع وامتلكت شِركات حنا الشَّيخ وعبدالجَّبّار الخضيري ثم ولده عبدالكريم وعبدالمنعم الخضيري وإخوته، بواخر صغيرة وجنائب. في شط العرب الزّوارق السّريعة الخشبية (الماطورات) والسُّفن الشّراعيَّة الكبيرة (المهيلات) وزوارق نقل الأفراد والتنزه بالبلم العشّاري بالمجاذيف. جسرٌ واحدٌ على نهر الگرمة مكوَّن مِن جنائب العائمة (دُوَب) يربط طريق بصرة بغداد مِن الجّانبين. ولم يكن ايّ جسر على شط العرب فأهالي منطقه شط العرب المقابلة للعشار يجتازون النهر بالماطورات (الزّوارق السَّريعة) او في الأبلام العشاريَّة وكانت بعض الزّوارق تغرق بمن عليها بين حين وآخر عند الرّياح القويَّة خصوصا إذا اتجاهها مِن الجَّنوب.

صحيفتا «الناس» صاحبُها عبدالقادر السّياب و«الثغر» عائدة لأحد أبناء عائلة النعمة، تصدران في العاصمة بغداد، اكثر ما تُنشر الأخبار المحليَّة تحت رقابة مُشدَّدة وكانت تُغلق الصُّحُف والمَجلّات مِن حين لآخر. وصحيفة «حبزبوز» السّاخرة الناقدة، للشّاعِر الشَّعبيّ “ مُلّا عبود الكرخي ” الَّذي يصل البصرة لاستلام الاشتراكات، وويلٌ للَّذي لايشترك في جريدته، يكون عِرضة للهجاء بقصيدة وبعكس ذالك فالمدح يُكال على مَن يكرمه، الكرخي اطلق على احدهم لقب (صاحب العطوفة). مِن كُتاب البصرة «طه الفياض».

في باب الزُّبير في العصر العُثماني الباب معناه الدائرة الرَّسميّة، الباب العالي في العاصمة العُثمانيَّة اسطنبول، باب الآغا في بغداد يُنسب إلى مقرّ آغا الانكشاريَّة (الآن المقرّ العام للحشد الشَّعبي) تقابلَ السَّجن (القشلة في العشّار= مُديريَّة الشرطة انتقلت بجانب المُتصرفيَّة) والمُستشفى الوحيد لجفاف مناخ باب الزُّبير وبُعده عن المدينة وكانت كثير مِن الأمراض المُستوطنة في البصرة كالملاريا والبلهارسيا والسُّل والتراخوما والتيفوئيد. سُمّي بالمُستشفى الملكيّ ثمَّ الجُّمهوريّ ثمَّ التعليمي لقُربهِ مِن كُليّات جامعة البصرة، وكان يعمل فيه أطباء بريطانيّون وغيرهم مِن الأجانب، ثمَّ بدأ الأطباء العِراقيون بالعمل بعد تخرجهم مِن الكُلّيَّة الطِّبيَّة التي اُنشأت في بغداد. وكان أوَّل هؤلاء المُقرَّب مِن جدّنا الجَّراح محمد حسين السَّعدي. مبنى المُستشفى كان يضمّ دائرة الصّحة ومديرها المُشرف على المُستشفى وعيادات الأطباء وغيرها مِن شؤون الصّحة. كانت تقع في منطقه البصرة القديمة قرب البلدية. والمحكمة رئيسُها في ثلاثينيّات القَرن الماضيّ بريطانيّ، وبتخرَّج الطُّلّاب في كُلّيَّة الحقوق في بغداد، بَدء تعيينهم في محكمة البصرة الأوائل مِنهم نوري الخضيريّ واندرس عشو وحقي الجّيبجي وعبدالحافظ الطّه وعلاء الوسواسي والسَّيّد هادي صالح، اُفتتحت لاحقاً محاكم فرعيَّة في الأقضية والنواحي. انتهجَ الحُكّام النزاهة والعدل. دائرة البلديَّة كانت في البصرة القديمة مقابل المحكمة يرأسها رئيس البلديَّة ومِنهم عبدالجليل بيرتو و حسن خالد النقيب. دائرة الطّابو (السّجل العقاري) في بيت قديم واسع في البصرة القديمة جوار دكاكين المُعقبين للمعاملات والكتبة (ألعرضحلجيَّة) الذين يكتبون للأميين طلباتهم إلى الدّائرة المعنيَّة. دائرة البريد (البوسطه خانه، أمامها صندوق بريد أحمر اللَّون يُشبه الموجود في بريطانيا) سُمّيت لاحقا دائرة البريد والبرق والهاتف، تقع في مبنىً كبير على الضفة الجَّنوبيَّة لنهر العشّار مقابل جسر شارع الكويت. وجهاز الهاتف مُنفصل عن جهاز (السّماعة)، على المنضدة او نوع يُعلَّق على الجّدار وتعلق معه السّماعة. الاتصال بالمُدن الاُخرى بواسطة بدّالة البريد Central والخطُّ غير واضح (كثير الوشوشة) يتطلب التكلم بصوتِ نداء (هُتاف). دائرة الكهرباء وأجهزتها تقع في مِنطقه العشّار غربي مبنى المُتصرفيَّة. دائرة الماء وخزاناتها في البراضعيَّة جَنوبيّ العشّار مُديرها في ثلاثينيّات القرن الماضي هندي يسكن مع عائلته بنفس الموقع يهوى مُشاهدة الأفلام السّينميَّة. وموقع إسالة الماء شمال الموقع الحالي في البراضعيَّة. دائرة الموانئ العراقيَّة في المَعقِل تعلوها قُبّة رأسها لعدَّة عقود البريطاني الكرنل ورد مسؤولة عن الميناء الوحيد في المَعقِل ومِلاحة شط العرب حيث كانت البواخر الكبيرة تدخله مِن الفاو حتى ميناء المَعقِل يُعيّن مُرشدين كانوا أجانب اسُتبدلوا بعراقيين يقودون البواخر مِن مَدخل المياه الإقليميَّة في الخليج حتى رصيف المَعقِل لاستيراد ما يحتاجه العراق وتصدير التمور والحنطة والشَّعير في المواسم. وعندما لا يتسع الميناء لجميع البواخر القادمة ترسو البواخر في وسط شط العرب وتربط بطوافات مُنتشرة على سطح النهر أو تستعمل ما لديها مِن مُعدات للرسو (ألأنگر) وترسوا بجنبها الجَّنائب او السُّفن الشّراعيَّة (المهيلات) لأنزال حمولتها أو بالعكس وبواسطه رافعات الباخرة. وتتكاثر الزّوارق الصّغيرة (المشاحيف) حولها لبيع ركّابها المواد الغذائية والفواكه وغير ذلك وثمَّت مُتعهدون لتجهيز البواخر بالغذاء اللّازم. السُّفن الشّراعيّة بوم سفار تدخل شط العرب قادمه مِن الهند وسلطنة عُمان وموانئ الخليج ناشرة اشرعتها عندما تكون الرّياح مُؤاتية وتُسحب بقارب ويجذف بحارتها لسحبها نحو مرساها وهم يغنون الأغاني الخليجيَّة. وكانت القطع العسكريَّة البريطانيَّة تزور البصرة مِن فرقاطات وطرّادات ومِن المُعتاد عند وصولها العشّار تطلق مدافعها 22 طلقة مِدفع صوتيَّة تحيَّة ويتجول ملاحوها في اسواق العشّار للسّياحة والتبضع. كان رصيف آخر على ضفة نهر شط العرب قرب مدخل نهر العشّار مُنذ الحُكم العُثماني ترسو فيه باخرة ركاب تأتي مِن الهند اُسبوعيّاً تُسمّى (الميل) أي البريد على ظهرها هنود (خصوصاً من طائفة البهرة) لزيارة العتبات المُقدَّسة في العِراق. مطلع القرن الماضي كان أسطول مِن البواخر النهريَّة والجَّنائب تنتقل مِن البصرة إلى بغداد وبالعكس وشِركة بريطانيَّة (بيت لنج) وأُخرى تعود لعبدالقادر الخضيري (القادري) لنقل المُسافرين والبضائع. توقفت بواخر المُسافرين وبقيَت المِلاحة النهرية لنقل البضائع وامتلكت شِركات حنا الشَّيخ وعبدالجَّبّار الخضيري ثم ولده عبدالكريم وعبدالمنعم الخضيري وإخوته، بواخر صغيرة وجنائب. في شط العرب الزّوارق السّريعة الخشبية (الماطورات) والسُّفن الشّراعيَّة الكبيرة (المهيلات) وزوارق نقل الأفراد والتنزه بالبلم العشّاري بالمجاذيف. جسرٌ واحدٌ على نهر الگرمة مكوَّن مِن جنائب العائمة (دُوَب) يربط طريق بصرة بغداد مِن الجّانبين. ولم يكن ايّ جسر على شط العرب فأهالي منطقه شط العرب المقابلة للعشار يجتازون النهر بالماطورات (الزّوارق السَّريعة) او في الأبلام العشاريَّة وكانت بعض الزّوارق تغرق بمن عليها بين حين وآخر عند الرّياح القويَّة خصوصا إذا اتجاهها مِن الجَّنوب.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب