8 أبريل، 2024 2:35 ص
Search
Close this search box.

البصرة الحبيبة.. اعطوها الف درهم

Facebook
Twitter
LinkedIn

كان لي في بدايات الستينات اخ ضابط بعثي كباقي اهلي وكان الاستبداد ورفض الآخر ناعما جدا في ذلك الزمن فمدرس شيوعي يبعد (ينقل) من حديثة مثلا الى الديوانية وأخي الضابط تم توقيفه يوم او ايام معدودات ونقل من الحبانية الى الموصل .. اما اخي الاكبر الذي كان بعثيا ايضا فتم سجنه لسنين قلائل واطلق سراحه ولم يكن هناك تصفيات او مسبار كهربائي وحتى الاعدام كان نادرا .

وكان اخي الضابط معيل للأب والأم وستة اخوة وكلما تم نقله ننتقل معه ووصل الامر اني انهيت دراستي المتوسطة في ثلاثة محافظات كان من بينها لحسن الحظ البصرة الفيحاء

أقسم اننا لم نطبخ الطعام في البصرة خلال الشهر الاول وكان اولاد المنطقة (الومبي) لا يذهبون الى نادي النفط او غيره الا بعد دعوتي معهم وأضيف اني عندما كنت اذهب لشراء الخبز (ابو عانة) وكان الدور طويلا يتخلى الجميع عن دورهم ويدخلوني في البدايات

هل تجدون هذه الاخلاق وهذه التقاليد في سويسرا ام في الموصل ام الحلة ؟؟ انهم عراقيون ويمثلون طيبة العراقي وكرمه وعطائه .وسيزعل علي اخي الكبير حسن العلوي كوني لم اذكر طيبة اهلي في حديثة كونه عاش فيها سنين وسنين

غادرتها ولم اعد اليها الا خلال معارك القادسية .. وفي اواخر التسعينات زرتها مرارا حيث كنا نأخذ طلبة دورة القيادات الادارية العليا لزيارة المنشآت الاقتصادية فيها ولم اجد البصرة بل وجدت ان اثار الحصار قد سحقتها سحقا ولم اجد شيء اسمه النجيبية والسندباد اما الكورنيش فكان فارغا من البشر دامعا ولاحظت ان في بدايته فقط كان هناك بحدود الف رجل يفترشون الارض ويحتسون المشروبات الروحية وكانت هناك عربة (لبلبي) واحدة تخدم كل هؤلاء فأوقفت الباص وسألت : كيف تكفيهم هذه العربة فأجاب احد الطلبة وهو بصري : من اين يأتون بالمال لشراء اللبلبي ..كل اربعة بليمونة واحدة وتجد اربعة بصحن شاي فيه ملح.. وكان كلامه صحيحا .. اليوم شارع الكورنيش يئن ونهر العشار (رمز البصرة) يلطم وغير ذلك الكثير

شكت لكم كثيرا وانتفضت كثيرا وطالبتكم بأن يكون لها اقليم رغم انها نعي ان العراق هو البصرة والبصرة هي العراق وأتذكر انه كانت لدينا محاضرة في منهج كلية الدفاع الوطني بعنوان (اثر الشريعة الاسلامية على المجتمع العراقي) ، وفي احد السنين القاها الشيخ احمد الكبيس فقال ابتداء : اقترح على الكلية ان تبدل عنوان المحاضرة الى (اثر المجتمع العراقي على الشريعة) كون الشريعة الاسلامية لم تكن تطورت وتم اغنائها لولا مدارس الفقه في البصرة والكوفة .

هذه هي البصرة التي تتراجع يوما بعد يوم تحت وطأة صراع الاحزاب على السلطة ومغانهما ..الموانيء للحزب الفلاني وشركة النفط للحزب الفلاني وما حصلت عليه البصرة هو ان عشائرها الطيبة العريقة بدأت تستخدم السلاح الثقيل في المعارك مع بعضها البعض .

كهرباء ، ماء، هل يوجد شعب في العالم يتظاهر اليوم للحصول عليهما حتى في قبائل الزولو.. ولكن هذه هي الطيبة البصرية وزادوا في طمعهم انهم يريدون فرص عمل ومدينتهم عائمة على النفط (ابو العمل وابو الاستثمار وأبو الرفاه الاقتصادي .)

هذه اسباب مباشرة بسيطة سيداتي وسادتي .. لأن المطلب الاساس واضح وهو تغيير النظام السياسي بالوسائل السلمية رغم ان هناك حكومة جديدة على الابواب مما يدلل على انهم يأسوا تماما من التغيير من خلال المؤسسات الدستورية نفسها والوجوه نفسها والفساد نفسه والانتخابات نفسها بل هي تسوء يوما بعد يوم حيث وصلت المشاركة الى 20% زور منها 10% وستأتي حكومة ال 10% فقرروا تنفيذ الدستور الذي جوهره يكمن في ان (( الشعب مصدر السلطات وشرعيتها)) بالوسائل المعروفة وأن صبر الشعب أن لم ينفع فسيستخدم حقه الدستوري في اعلان عدم رضاه وغضبه بالطرق المتاحة تظاهرات كانت ام اعتصامات ام عصيان مدني ليشعر الحكومة انه ان توانت السلطة الرقابية فان هناك سلطة رقابية على السلطة الرقابية وعلى الحكومة وغيرها .. انها سلطة الشعب

ويا اهلنا في البصرة السباقة دائما .. كلنا معكم على الدرب ..درب العز والكرامة والسيادة والرفاه وهذه كلها لا تحلها الألف درهم بل يحلها ان نرى بأم اعيننا المفسدين امام القضاء العادل فلهم في القصاص جياة ، ونفطنا لنا وليس للفاسدين

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب