حيث أن العراق يسحق أهله وخاصة شبابه ويدفعهم إلى محارق لها أول ولا آخر لها ، وكأن ارض العراق تعشق دم أبنائها وتتلذذ بصرخات الثكالى وترتوي من أنين اليتامى و عذابات الأرامل ، من ركام هذه الأحداث التي عصفت وتعصف بالعراق بقيادة حكومة ابسط ما يقال عنها إنها ( دايحة ) وأنها حكومة سرسرية ولصوص لا غير ولا استثني من أعضاء الحكومة احد من صفة اللصوصية أو صفة ( الدياحة ) التي صارت صفة ملازمة لكل سياسي العراق بلا استثناء ، فسياسي السنة عجزوا على حماية مناطقهم من عصابة داعش ، أو الخروج بموقف واضح حقيقي حول المآسي التي يعانيها النازحين من السنة ، أما سياسي الشيعة فمازالوا يزجون بولد الخايبة الذين هدهم الفقر والعازة الى محارق داعش لا صلاح ما أفسدته رؤية مختار العصر وعقلية حزب الدعوة التي أنتجت داعش الشر واحتلالها لأراضي العراق ، من كل هذا الركام انتخت ثلة من شباب العراق الواعد الواعي لتعلن رفضها لكل الذي يحدث في العراق بسبب حكومات الفشل المتعاقبة ، معتمدة على النكتة اللطيفة والتحشيش العراقي الذي لا مثيل له في كل دول الأرض والمعتمد على فكرة ( + 18) القريبة على روح الشعب باعتبار إن الشعب العراقي يتميز بطريقة خاصة في استعمال الكلمات البذيئة ويوظف كل جديد لرفد قاموس البذاءة العراقي الرائع ، فأنتجت برنامج ( البشير شو ) ذائع الصيت وهو الأول من نوعه في العراق ( لو اكو مؤسسات إعلامية رصينة في العراق كان أتبنت البرنامج وطورته ووظفت له الإمكانيات المطلوبة لأني أتوقع أن يقترب البرنامج وكادره من العالمية وسجلوها علي ( حسب الزبيدي باقر تقدست أسراره )) .
المتتبع للبرنامج ( البشير شو ) يكتشف صنعة المونتاج المتطورة والرائعة رغم الإمكانيات البسيطة التي يعتمدها كادر البرنامج ، فالشباب يعتمدون على إبداعهم في مجال المونتاج فقط بدون إمكانيات مادية ليصلوا الى حالة التكامل التي نلاحظها بوضوح في الإيقاع العام الساخر والسياسي بالدرجة الأولى .
المادة التي يعتمدها البرنامج هي حال العراق وسياسيه وهي مادة غنية جدا لا تنتهي في ظل ساسة الصدفة والفشل ( إلي يجيبون الحجي لرواحهم ) لأنهم لا يفقهون ولا يتعلمون من شؤؤن السياسة والقيادة شيء .
الملاحَظ إن كادر البرنامج يقوم بتغطية فضائيات كثيرة ويتابع بدقة كل شاردة وواردة تظهر في تلك الفضائيات لكي يوظفها بحرفية عالية الى المادة الساخرة التي تظهر في البرنامج بأسلوب تحشيشي رائع قريب من كل المشاهدين .
البرنامج يتناول أكثر من شخصية لينتقدها في كل حلقة وهذه ميزة رغم إن الكثير من معدي البرامج التي على شاكلة برنامج البشير شو يركزون على تناول شخصية واحدة ليشبعوها بالنقد ، وهذا يدلل على الإبداع الكبير والحرفية الذي يتميز بها كادر البرنامج والذي يظهر واضحا في هندسة الصورة والأفكار في البرنامج .
مقدم البرنامج احمد البشير يتميز بثقافة عالية وروح نكتة وبديهة حاضرة ، وهو واجهة لطيفة لهذا النوع من البرامج وهو يقترب من حرفية وإبداع الدكتور باسم يوسف صاحب برنامج البرنامج الذي كان له دور كبير في إسقاط حكم مرسي والإخوان في مصر ، ونتمنى أن يكون للبشير دور أيضا في توعية الشارع العراقي لإسقاط حكومة حزب اللغوة الإسلامية التي دمرت الحرث والنسل .
البرنامج يسلط الضوء على الإخفاقات والمشاكل التي يمر بها العراق بسبب غباء الحكومة ومن يمثلها ولكنه لا يعطي حلول للمشاكل والإخفاقات ، وقد يكون السبب في ذلك إنه برنامج نقدي سياسي ساخر يضع يده على الجرح ويشخص الخلل بأسلوب كوميدي ساخر ولا يعنيه سوى تشخيص الخطأ فقط . كما نلاحظ أن المشاهد التمثيلية في البرنامج ارتجالية في اغلبها بدون إعداد قوي مسبق بألاضافة الى إن الكادر التمثيلي عبارة عن مجموعة شباب لا علاقة لهم بالتمثيل وهذه قد تحسب على البرنامج ولكن الإمكانات المادية المحدودة للكادر هي السبب الأول والرئيسي في عدم توفر ممثلين محترفين للقيام بالمشاهد التمثيلية في البرنامج ، ورغم ذلك فإن جهود الشباب لا يمكن تجاوزها أو التغاضي عن إبداعاتهم .
المثل الذي استعملته في عنوان المقال هو مثل بغدادي أصيل ومعناه أن هناك فرقا شاسعا بين الذي يلتزم بالقيام بعمل ما إلزاما قسريا دون أن تكون له فيه رغبة وهكذا حال باقي البرامج التي تبثها القنوات الحكومية وقنوات الأجندات الخاصة مقارنة بكادر برنامج البشير شو ( الموزم ) الذي يحاول أن يكون على أعلى درجات الاهتمام والمسؤولية بالذي يحدث في العراق ، فكادر البرنامج من الشباب العراقي دفعته غيرته على البلاد لإنتاج برنامج سياسي ساخر من الطراز الأول بإبداع متجدد .
برنامج البشير شو خطوة متقنة كبيرة لشباب عراقي واعي صاحب عقيدة وسطية نقدية إصلاحية عابرة للطائفية البغيضة هدفها تحسين وإصلاح حياة الشعب العراقي ، نتمنى للبرنامج وكادره التطور والإبداع المستمر .