العراق والحروب قصة لا تنتهي، خاض العراق في القرن المنصرم حروب عديدة، بدئها بثورة العشرين مع الاستعمار البريطاني، ثم تلتها انقلابات عسكرية حتى تولى، في تلك الحقبة أكثر من خمسة عشر عسكري، من نوري سعيد إلى احمد حسن البكر الذي كان عسكريا، بعدها تولى صدام الذي كان صاحب عقل ورؤية عسكري، قادتنا إلى رماد وحطام. كان الحرب مع الجارة إيران من أطول الحروب في قرن العشرين، التي استنزف بها الوطن شبابه وأمواله، التي امتدت لثمان سنوات، وقبل أن يجف ذاك الجرح، حتى بدئها بالهجوم على الكويت، انتهى بحرب ثلاثين دولة، إبادة ما تبقى من الجيش العراقي، ثم حرب عام 2003 الذي أسقطت طاغية الزمان المجرم. إن العقل العسكري المتشبع بالخطط والإدارة العسكرية، لا يمكن أن يبني دولة مؤسسات، لان مثل هذه الأنظمة تسير إلى عسكرة الشعب، وتحويله إلى نواة لصراعات داخلية، تبحث عن السلطة، فقد عانى العراق من تلك السياسات العقيمة، التي عسكرة الشعب، وما تبعها من تأثير، على تفكير وسلوكية الفرد العراقي، حتى الأطفال لم يسلموا من تلك السياسة، حتى أصبح الرصاص والبارود والأسلحة، من مستلزمات التي يبحث عنها الطفل، حتى وان لم تكن حقيقية. تتجه الأضواء على أبطال الفصائل المقاومة، المنضوية تحت عباءة الحشد الشعبي المقدس، وما يقدموه من تضحيات عظيمة، من اجل الوطن والمقدسات، كثير من المتابعين على علم، بسياسات وتوجهات بعض الفصائل، الرامية إلى تحقيق مكاسب سياسية، من خلال ترويج مقدار تضحياتها، بشكل مفرط، لضمان كسب وتأييد الشارع لإنجاح الجبهة السياسية القادمة. ليس تقليلا من عمقها الشعبي، ولكن اغلب الناس مطلعة على ارتباطاتها الخارجي، ومرجعية الولاية التي تتبعها في سياستها الداخلية.. لم يدخل العراق إلى حد هذه اللحظة مرحلة الاستقرار، ليتسنى له بناء دولته المؤسساتية، القائمة على خدمة المواطن والوطن، فوق رؤية تبتعد بشكل كبير، عن النظرة العسكرية التي يطبل لها البعض، فقد اشبع هذا الشعب بالملابس العسكرية، أما آن الأوان، كي يتخلص من هذه البدلة، التي أخذت شبابه ورمتهم تحت التراب؟ متى يصبح الفرد العراقي مواطنا يتمتع بحقوق المواطنة، تحت ظل دولة مؤسسات حقيقية؟ متى؟