تمهيد
صبرتُ كثيرا والالم يحز النفسَ ويُدميها، وأنا أتابع ما يسمى بمحادثات الغرب بزعامة امريك مع وفد النظام الإيراني, وكيف يتعامل الدبلوماسي الايراني وكـيف يحاوره وفد الغرب برئاسة أمريكا، وأنا أتذكر الدبلوماسية العراقية المنفعلة وهي تتعــامل مع لجان شكلت من مخابرات دولية هدفها وضع العراق في زاوية الاتهام والادانة لتبرير ضربة التدمير ثم تمهيداللاحتلال، ومع أن النوايا الامريكية تجاه العراق كانت معـــروفة وهي تدميره بعد خروجه منتصرا على عدوان النظام الايراني وليس اخراجه من الكويت،فإن الدبلوماسية العراقية كانت تتخبط بين جَهلٍ وعنجهية قيادة ،في الوقت الذي ما كان عند العراق حقا اي عمل جدي يخيف الدول الكبرى، لكن تصرف بعض دعـاة العلم اعطى فرصة لدول العدوان، ولأن البعض ما كان مخلصا للنظام رغم ان قيادة النظام وضعت ثقتها فيه جهلا، فقد ساعد بتصرفه جلب الشبهة حول عمل لا زال في بدايـة اول خطوة تقليدية فيه. ولإن الموضوع ليس مجرد دبلوماسية وسياسة وإنما هو علم وتقانـــة وحق للامم في إكتسابه فسنتطرق الى توضيح ذلك اولا ثم نبين ابعاد الاتفاق الإيراني الغربي بزعـــــــامة أمريكا وأبعاده السياسية الدولية والعربية.فلنبدا أيضا بمدخل علــمي تقاني للموضوع.
المدخل العلمي للموضوع
إن موضوع الطاقة النووية الذي أصطلح عليه بالطاقة الذرية ابتداء ً إنما هونتاج إنشطار لنواة الذرية، لذا فالطاقة المنطلقة هي تعبر عن حدث نووي بحت.حيث في عام 1939م كشف العلماء الالمان عن انشطار للنوي الثقيلة(مثل اليورانيوم 235) نتيجة قصفه بنترون حراري(أي طاقته بحدود بحدود0.025 الكترون فولط والالكترون فولط يعبر عن الشغل اللازم لتحريك الكترون مسافة اسم بين فرق جهد
واحد فولط). وكان وقتها قد بدأت الحرب العالمية الثانية ،فأنتهز بعض العلماء الالمان اليهود الاصول فرصة الهروب الى أمريكا ومنهم البرت آينشتاين وفكنر و أوبنهايمر وآخرون،فأبلغوا الرئيس الامريكي باهمية هذا الاكتشاف عسكريا للطاقة الهائلة لتفجير سلاح يتكون من كتلة بين 15 و20 كغم من اليورانيوم المخصب الى90% وأكثر235،يتم تصنيعها سلاحا يتحكم به تقانيا.وهكذ بدأ مشروع منهاتن الأمريكي لإنتاج أول قنبرة نووية القيت على مدينتي هورشيما ونكازاكي اليابانيتين في 6آب 1945م حيث انتهت الحرب بمأسات كبيرة عمرانية وبشرية لا زالت آثارها حتى اليوم. ولاعطاء فكرة مبسطة للقاريء الكريم غير المتخصص عن تلك الطاقة التي تتحول الى حرارة عادة،نقول ان الطاقة الناتجة عن انشطار نواة ذرة اليورانيوم235تقدر بحوالي 200 ميكا الكترون فولط(ميكا =10^ 6106= )
علما أن الغرام الواحد يتضمن حوالي 10^23( 1023) ذرة أي نواة منشطرة.
فإذن 1غم ينتج طاقة بحدود (2×1025) ميكا الكترون فولط وهي تنتج حرارة هائلة.
فكيف إذا كانت القنبرة ذات كتلة بحدود20-50كغم كما هو المتوقع لها؟ أنها ستكون عاصفة بطاقة بحدود(1030) ميكا الكترون فولط درجة الحرارة وسط مجالها يترواح بين الملايين والآلاف درجة مئوية بحسب القرب والبعد عن مركز انفجارها،فهي مدمرة وحارقة، علاوة على انطلاق اشعة كاما والنترونات ونظائر مشعة تبقى عشرات السنين ذات تاثيرات صحية وبيئية قاتلة او مضرة.
تلك هي حقيقة انحراف اكتشاف علمي مهم من الاستخدام السلمي الى الاستخدام العسكري . ومن هنا تسابقت الدول المتصارعة على حساب السلم العالمي الى انتاج تلك الاسلحة قبل استثمار تلك الطاقة للبناء العلمي والتقاني باتجاه تطور المجتمع علميا وتقانيا واقتصاديا.فلحقت بامريكا بريطاني ثم السوفيت ثم فرنسا والصين كل يدعي حقه دفاعا عن أمنه الوطني والقومي.ثم ولنفس الاسباب دخلت الهند وباكستان نادي منتجي الســلاح النووي. أما الكيان الصهيوني فهو المغتـــصب لأرض العرب ،فحفاظا على اغتصابه دخل النادي امريكيا وحسب تبريرات سارق حقوق الغير.
في ضوء تلك الصورة لاستخدام الطاقة النووية عسكريا ،ولضبط الامــور باتجاه استخدامها سلميا أنشئت الوكالة الدولية للطاقة الذرية كما سميت وقـتها ولا زالت.
فوضعت اسسَ استخدام الطاقة النووية سلميا، كما وضعت معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية ،وهناك من وقعها وهناك من لم يوقعها.وللوكالة حــــق الاشراف على انشطة الدول نوويا. فأصبحت الطاقة النووية مصدرا طاقيا مهما دوليا،يمثل مصدرا جديد ومتجددافي جانب الاندماج النووي غير الانشطار النووي.فتطورت بناء على ذلك تقانة بناء اجهزة السيطرة على تلك التفاعلات النووية لتوجيهها سلميا، وتسمى تلك الاجهزة بالمفاعلات النووية، وبتصاميم بحسب الهدف الاستخدامي للطاقة النووية. وتستخدم اليوم سلميا في المجالات الآتية:
1-إنتاج الكهرباء
2- تحلية المياه للزراعة والري والشرب
3-انتاج النظائر المشعة للاستخدام في
أ-الطب :بحثا وتشخيصا وعلاجا
ب-في البحوث الزراعية
ج- في البحوث الصناعية
4- في إجراء البحوث الاساسية
وهكذا حددت الامم المتحدة الاستخدام السلمي للطاقة النووية وتساعد الدول استشارة وتوجيها وفنيا في هذا المجال.
إن الطاقة النووية تعد اهم مصدر للطاقة رغم بعض المشاكل التي رافقت استخدامها في امريكا وروسيا واليابان، لكن وسائل الأمان اصبحت اليوم مطمئنة تماما. وتستخدم بنسبة جيدة في كورية الجنوبية وفرنسا وبريطانيا والمانيا وروسيا بين 30% و45%.
واذا ما استخدمت الطاقة النووية الناتجة اندماجيا واصبحت اقتصادية فهي نظيفة وأمينة!
حق الدول في استخدام الطاقة النووية
كما ذكر أعلاه نتيجة القوة التدميرية للطاقة النووية عسكريا لحظيا وعلى مدى سنين، فقد حددت الامم المتحدة المجالات السلمية لاستخدام الطاقة النووية وهو حق لكل دولة.
لكنها لا تسمح لاستخدامها عسكريا،وبحسب معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية.من هنا فإن الباب مفتوح أمام من يريد تطوير مجتمعه في مجال العلوم والتقانات النووية وليس من حق أحد أن يمنع أي دولة أن تدخل النادي النـــووي سلميا.لكن رغم هذا فقد لعبت السياسة الدولية لدول الهيمنة والسيطرة على العالـــم دورا مزدوجا وبحسب مصالحها المشروعة وغير المشروعة على تجاوز بعض الدول على اتفاقية منع انتشار الاسلحة النووية فانتجت سلاحا نوويا او قدرة لإنتاج اسلحـــة نووية،كالهند وباكستان وكورية الشمالية!!. وكل له مبرراته الوطنية والقومية، نتيجة وضــــع دولي لا يحترم حقوق الآخرين تحت هيمنة دول لا تهمها الا مصالحها وإن كانــــــت على حساب الآخر المستضعف.
واقع العرب في استخدام الطاقة النووية
إن الحديث عن الواقع العربي في حقل الاستخدام السلمي للطاقة النووية مؤلم بل محزن لمن تهمه شؤون أمة بأكثر من 320 مليونا نفوسا ومساحة شاسعة بين الخليج العربي والمحيط الاطلسي وثروات هائلة بترولية ومعدنية وزراعية وسياحية، لكنها بين يدي العابثين بها بلا ادراك ولا مسؤولية.
تبدأ قصة الواقع العربي نوويا منذ عام 1964م يوم حول الكيان الصهيوني مجرى نهر الاردن والحكام العرب يتفرجون!! فقيل أن العدو يمتلك اسلحة نووية لا يمكن مجابهته عسكريا فما العمل؟ فأجتمع الحكام بدعوة من المرحوم عبد الناصر لتدارس الأمر، فاجتمعوا في الاسكندرية، ربما هو اول مؤتمر قمة لهم، فقرروا الدخول في مجال العلوم النووية وتقاناتها،وقتها كان لمصر هيئة طاقة ذرية مبتدئة وفي العراق لجنة طاقة ذرية وكلاهما مشروعان حول مفاعل نووي سوفيتي بطاقة 2 ميكا واط، للبحث وانتاج بعض النظائر المشعة، والعراقي لم يتم بعد كان تحت الانشاء. فكان قرار المؤتمر أن تنشأ هيئة عربية للطاقة الذرية او النووية، وشكل مجلس علمي في الامانة العامة لجامعة الدول العربية!.كان صلاح هدايت من مصر سكرتيرا له. مهمته العمل على إنشاء تلك الهيئة الموعودة لمجابهة خطر العدو النووي!!.في ربيع عام1971م دعا لاجتماع فحضرت ممثلا للعراق وكانت اجندة الاجتماع الحصول على عشرين الف دولار لاجراء دراسة جدوى بشأن إنشاء عمل عربي في مجال استخدام الطاقة النووية أي بعد ستة سنوات من قرار القمة حيث بعدها استشهد عبد الناصر رحمه الله في خضم مشاكل الفلسطينيين مع الاردن،عام1970م، وقد عجبت لذلك الاهمال حيث بين بعض الاعضاء انهم غير مخولين لانهم لم يبلغوا بموضوع الاجتماع،!! وهنا طلبت انهاء
الاجتماع وان يقوم الامين العام المرحوم رياض بزيارة الرؤساء العرب مع ممثل كل قطر يزوره لشرح اهمية الموضوع وضرورة الاهتمام ماديا ومعنويا ثم يدعى لاجتماع بعد ذلك لبدء عمل جاد. ولم يتم أي اجتماع!!ثم في عام 1988م في 18آب قرر مجلس الجامعة تأسيس هيئة عربية للطاقة الذرية!! أي بعد 24عاما وبتو قيع 9دول فقط هي العراق وسورية وليبيا والسعودية ولبنان والكويت وتونس والسودان وفلسطين، وبموازنة 300000دولار!! تتحفظ الكويت على الميزانية ويدفع أميرها لحديقة الحيوان في لندن خمسة ملايين جنيه استرليني تبرعا!! بنفس الوقت. ثم بدأ العمل العربي بعد تلك المرحلة من الضياع ببداية مضحكة وقد عانيت مع هولاء الحكام كل مأساة يعيشها إنسان جدي وسط جمع هزلي لا يدرك ما يأخذ من قرارات خارج إطار الاعلام والضحك على الشعوب.وفي الواقع وللتاريخ كان العراق وليبيا اكثر اهتماما والتزاما ورغبة في تطوير عمل الهيئة العربية للطاقة الذرية التي بدأت العمل رسميا في 15/2/1989م بمدير عام وسكرتير وغرفة في الامانة العامة للجامعة العربية .وجاءت احداث 2/8/1990م وما تلاها من عدوان ثلاثيني بقيادة امريكا على العراق وتدميره
لينهي أي أمل للمدير العام للهيئة وقتها،وتبدأ مسرحية العمل العربي المشترك الهزيل أمانة ومنظمات. ولا أظن ان الهيئة رغم اخلاص من تعاقب عليها كانت في مستوى طموح الامة حالها كحال الجامعة العربية ومنظماتها الاخري.هذا هو واقع العرب,
وسيبقى كذلك ما دام كل قطر بما لديه فرح ويصغي للاجنبي أكثر مما يصغي لأخيه في العروبة والاسلام والوطن. وللأمانة كان في هيئة الطاقة الذرية المصرية امل زمن ناصر لكنها اصبحت بعده تقدم تقارير لامريكا عن استخدام اي جهاز في حوزتها، كلام رسمي وليس رواية.ثم بدأت أنشطة قطرية في كل من سورية والاردن والمغرب وتونس وليبيا والسعودية لكنها في مستويات متواضعة ومن امتلك مفاعلا فهو ذو قدرة صفرية كما يسمى يستخدم للبحث والتعليم.أما العراق فقد طور عمله في هذالمجال بعد 17تموز1968م وكانت عندها نواة العمل هو مركز للبحوث النووية بمفاعل 2 ميكاواط روسي الصنع ثم طور الى 5ميكا واط في السبعينات،ثم طور العمل بشكل جاد
من خلال مفاعلات اكثر قدرة ومراكز بحثية متخصصة، لكن سوء الادارة وطفولية التعامل والاعلام غير المسؤول اساء للمشروع العراقي بلا شك.بل فتح المجال للعدوان الصهيوني على مفاعل تموز عام1981م.
إن العمل الجاد في مجال التقانة النووية والاستخدام للطاقة النووية يتطلب وعيا وعقلا مدركا متزنا ومتوازنا،بعيدا عن الاعلام الغوغائي واستفزاز الآخرين، وقتها عام1971م بينت ذلك في مقالة بجزئين نشرت في مجلة الرياضيات والفيزياء التي تصدرها الجمعية العراقية للفيزياء والرياضيات وكانت مقصودة لجلب انتباه بعض من لا يفهم ما يتحدث به بشأن الطاقة النووية.لكن سارت الرياح بما لم يشتهي السفن كما يقال.المهم أخطأ من قاد منظمة الطاقة الذرية العراقية علميا وسياسيا ودبلوماسيأ، أنه الجهل والنفاق وعدم الولاء الذي كان سائدا بين بعض العاملين الذين غشوا قيادة لم تدرك ما تفعل في هذا المجال!!.
وحقا وأمانة ليس لدي أي أمل في وضع العرب اليوم فهم لا يفهموا حتى حِكَمِ حكمائِهم التي غالبا ما يرددونها ومنها لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين!!
إن نقدي للواقع العربي هو نقدُ من يؤمن بحق الامة العربية ، في موقع الاولوية والارادة في بناء حركة علمية، وفي مقدمة ذلك العلوم النووية وتقاناتها كاملة،ونقدُ من عاش الواقع مباشرة لا سماعا ولا عن طريق محللين سياسيين او اعلام.أنه نقدُ من كان يعيش مهزلة انظمة تخاف شقيقها القوي, وتخنع لعدو واضح تاريخيا وحاضرا, أنه وضع حكام جهلة أو مستهترة وشعب مقهور، او يعيش تناقضات فكرية او دغدغات دينية خاطئة ,او تبعات طائفية فرضت عليه،أو لدغات اثنية تقلل من اخلاصه لوطن او امة احتضنته قرونا. أليس تلك الامراض تتطلب حكم العدل اولا ثم الحزم واحترام من يحترم نفسه ،ولا يخل بمواطنته لصالح اجنبي طامع بوطنه وامته.؟ الجواب واضح للمخلصين المناصرين للحق.
إيران والبرنامج النووي وموقف الآخرين
سأناقش حق إيران في تطوير الحركة العلمية والتقانية في مجال الطاقة النووية، أهو فعلا حق أم باطل؟ بغض النظر عن نظامها السياسي القائم، الذي لا شك أنه متخلف ومعاد للامة العربية من منطلقات تاريخية وتصورات طائفية مضللة للشعوب.ثم اعرج على الاتفاق الغربي الايراني بإيجاز.
فأقول إن إيران دولة ذات خلفية حضارية معروفة، كانت يوما امبراطورية ساهمت في بناء الحضارة الإنسانية بطريقتها الخاصة، ومعتقداتها المعروفة ،قبل الاسلام، بالمجوسية والزرادشتية والمانوية.محتلة لشعوب مجاورة لها ومن تلك الشعوب والاوطان العراق،وقاومها العرب مرارا، ولا ننسى ولا ينسون هم معركة ذي قار قبل
الاسلام!، ومن ثم القادسية التي ادخلتهم الاسلام قهرا, تلك مقدمة حتى يرى البعض لماذا ايران تعادي العرب حقا لا اتهاما، ولماذا تشوه تاريخهم والاسلام الذي اجبرهم العرب بدخوله، لانهم شهروا السيف ضد الاسلام عجرفة وتعاليا.تذكروا كلام كسرى لمبعوث الرسول محمد (صلعم) له.
فأرجع للموضوع الاساس وهو حق ايران في ان تطور مجتمعها من خلال تبني العلم والتقانة، وتطويرها لمواكبة التطور العالمي حضاريا ، وإن الطاقة النووية وتقانات استخدامها هي اليوم من اهم وسائل عملية البناء والتطوير.وحيث ان البناء والتطوير حق انساني لمن يريد، فهو حق لايران ولجميع امم الارض. لكن سلوك النظام المدعي تصدير ثورته المذهبية طائفيا ودعم ملشيات عميلة له، جعل العالم يشك بتوجهاته النووية، فإيران بدأت بدخول المجال النووي منذ زمن الشاه، قبل مجيء الملالي للحكم لاسباب معروفة أمريكيا وغربيا،كما أن حقيقة سلوك هذا النظام المتدخل علنا بشؤون دول المنطقة العربية وبصورة وقحة لا تطمئن العرب اولا والعالم ثانياعلى أن ايران سلمية التوجه باستخدام الطاقة النووية، كما أن إصرارها على تخصيب وقود عالي التركيز لعنصر اليورانيوم او البلوتونيوم يجلب الانتباه تجاه نوايا النظام. فلو كان نظاما مسالما يهتم بشؤون شعبه وتطوير مجتمعه لما حق لاحد الاشتباه بنواياه في حقل العلوم النووية وتقاناتها!! ونحن العرب يهمنا أن تكون جارتنا إيران تقدر حق الامة العربية في وحدتها والطريق الذي تختاره لبناء حاضرها ومستقبلها، بعيدا عن إثارة النزعات الطائفية والادعاء بتمثيل مذهب حُسب على آل البيت، وهو مليء بما يسيئ لآل البيت، كما هو الحال بالنسبة لمذاهب مقابلة ايضا تسيئ للرسول بما تنسبه من كلام لا ينسجم مع القرآن. بمعنى آخر على الجميع الابتعاد عن تسييس الدين وافتعال حراب طائفي يتصارع حول ماض لسنا عنه مسؤولين، كما يقول لنا ربنا(تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون).لذلك هناك تخوف عربي واقليمي وعالمي من نوايا النظام الايراني،فكيف يا ترى تطمئن إيران العالم عموما والعرب خصوصا؟ من هنا جاءت المحادثات بين الغرب النووي برئاسة امريكا وإيران لوضع الأمور في نصابها المطمئن للجميع مع حق إيران كغيرها أن تستخدم سلميا الطاقة النووية وتقاناتها.كيف يتم ذلك؟ كا لآتي:
1- أن تلتزم إيران بمعاهدة حذر انتشار الاسلحة النووية بدقة
2- حيث تكشف عن اي عمل علمي تقاني في مجال استخدام الطاقة النووية لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية
3- تلتزم بتخصيب مناسب للوقود النووي المشغل للمفاعلات المستخدمة سلميا.
4- تلتزم بعدد الاجهزة المستخدمة للتخصيب المناسب للاستخدام في 3.
5- أن لا تمنع اشراف الوكالة على اي نشاط بحجة السيادة الوطنية، فالسيادة الوطنية ترتبط بالأمن والسلم العالمي.
6- أ ن تتبنى سياسة حسن جوار مع العالم العربي ولا تزج أنفها في شؤون العرب بحجة دعم مواطنيهم الشيعة جاعلة من نفسها وصي على الآخرين.
7- ولا بد أن يفهم نظام إيران أنه مسؤول عن ايران داخل ايران ويبين حسن نواياه مع شعوب ايران من جميع القوميات،ولا سيما عرب الاحواز الذين أنظموا الى إيران بالقوة والغدر عام1926م.
هل حقق الاتفاق بين الدول الاوربية الامريكية وإيران تلك النقاط أم بعضها وكيف؟ لاشك لم يتحقق ذلك تماما بل كان الاتفاق لحل مشكلة امريكية -إيرانية
لإن أمريكا أصبحت عاجزة او غير راغبة في حلول عسكرية وبنفس الوقت ابدت إيران هنا مرونة لكسب سياسي ومالي يساعدها على تحقيق أهدافها مرحليا،فالإتفاق لم يلزمها بعدم دعم المليشيات التابعة لها طائفيا بل نصحها ونصيحة المتعود على الشغب لا تلزمه.لقد كان واضحا كيري أمام الكونكرس الامريكي حين قال (كسبنا 35 مليون ايراني فرحوا بالاتفاق وهناك مليون معاد لامريكا)فهو لم يكن ذكيا فلا فرق بين ال 35 مليون والمليون فكلهم في خدمة ولي الفقيه وخططه.وهذا غباء أمريكي أو عجز عن ايجاد ما هو أفضل. كما أن أمريكا لا شك تتصور خلال العشر سنوات القادمة تغييرا ما سيحدث ايجابيا في ايران.أما موقف أمريكا من حلفائها العرب كان للعرب مهينا!! فاتهمهم بعدم فهم التفاوض وربما ذلك صحيح، وهنا هل سيفهم هؤلاء الحكام العرب اللعبة الدولية او لعبة الامم؟فلا صداقة عند المصالح ولا قيم عند المصالح،بل المواقف العملية! فهل سيفكر الحكام العرب بذلك ويعودون لذواتهم المريضة ويبنون أمة تجعل العالم يقدرها ويتفاوض معها على قدم المساوات كما فعل مع إيران!!وامة العرب بحجم ايران بين 4 الى خمس مرات. ومتى يدرك مثقفوا ومفكروا الامة بذلك ويتركون تنازعاتهم الفكرية رغم رؤيتهم فشل ذلك فشلا ذريعا.
إنا منتظرون رغم أن العمر معنا تمادى كثرا.