لم تكن التظاهرات التي اجتاحت مدن العراق وليدة الصدفة او مقرونة بهدف معين , بل هي ثورة الانفس التي ذاقت ذرعا من وعود كاذبة ساخرة اغدقتها الحكومات السابقة على شعب ترقب الغوث من مطالب اقل بكثير مما طالبت به تظاهرات اليوم والتي تفجرت نتيجة احتقان الجروح بتراكمات الاخطاء الفادحة، فكانت الثائرة الكبرى صرخة تنفض الغبار عن صمت السنين لتتفجر ينابيع التغيير فرحة لم تكتمل غبطتها حلما جميلا لم يغادر جفون الاوهام.
واستجابت الحكومة العراقية لمطالب المتظاهرين فكانت ورقة الاصلاح الوزارية والبرلمانية حزمة تغيير جاءت بارقة أمل للقضاء على الطائفية والتقسيمات العرقية عبر خلق تيار وطني جديد يعزز صوت الوحدة والشراكة الوطنية ومحاربة الفساد واقتلاع جذوره المتشعبة التي تسيدت داخل ارض العراق دون قيد او شرط , ولكن السؤال الذ يتكرر دائما وفي كل مرة , هل ستبقى الاصلاحات كما يراها البعض حبرا على ورق؟؟؟
الجواب مقرونا بما تتخذه الحكومة من اجراءات فعالة تجد طريقها بالكلمة السديدة التي تستمد قوتها من قوة الوحدة الدستورية والقانونية , وهذا مالم يعتمده العبادي في اصلاحاته عندما اراد التفرد بهذه الاصلاحات بعيدا عن البرلمان والمؤسسات الاخرى ولوح بالتفويض المليوني الذي يتيح له اطلاق الاحكام العرفية وحل البرلمان والغاء الدستور وهذا ما جعل العملية الاصلاحية تتعرض للخطر الامر الذي جعل المرجعية الدينية الى التدخل، وهذا ما جعل العبادي يعود الى جادة الصوب عندما عقد اجتماع للرئاسات الثلاثوهو ما اعطى صورة واضحة عن عودة الامور الى الوضع المناسب وجعلها نقطة شروع نحو اصلاحات حقيقية ضمن دعم دستوري ورئاسي مما يمنحها شرعية اكبر ويجعل تنفيذها اسهل, لذلك فان احترام مبدأ الفصل بين السلطات من الامور المهمة التي يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار في تشريع الاصلاحات وعدم تدخل أي سلطة في اصلاحات السلطة الاخرى لان موضوع التغيير هو موضوع تكاملي لا يخص جهة معينة.
ولكن زرع الثقة لتخطي هذه المحنة بقي الحلقة المفقودة لاكتمال السلسلة الاصلاحية, فمازالت العيون تترقب وتنتظر لمسات المصداقية التي وعدت بها حكومة العبادي في ورقة اصلاحه التي من الممكن ان تكون خطوة على الطريق الصحيح للتغيير الإيجابي والجذري داخل العراق , فمما لايقبل الشك ان للوعود ابواب تقود الى فسحة الامل , وفي اختراقها انتصار عظيم في تحطيم قيود الصمت, فهل لأبواب الوعود مفاتيح خير , ام ستبقى تلك الابواب موصدة الى اشعار آخر.. الكرة في ملعب العبادي..