السمة البارزة لأغلب ساسة في العراق, ومن يمثلهم برلمانياً هي “النفاق السياسي”!! لذا تجد إن مسلسل افتعال الأزمات الطائفية والقومية مستمر, بدليل سقوط ثلث العراق, لم نجد له صدى برلماني, بقدر ما يحدث مؤخراً من استجوابات بناءاً على ردات انعكاسية.
فالاستجوابات الأخيرة؛ كشف في مضمونها عن تحرك بركوب موجة الإصلاح, التي تباطآ رئيس الحكومة بتنفيذها, لأسباب؛ تتعلق اغلبها بالوضع الأمني, ومواجهة داعش, واسباب غير موضوعية أصلاً, حيث رئيس الوزراء تعامل بطريقتين متناقضتين مع شركائه, فمع الفريق الذي أوصله للرئاسة, بالاستماع لتوجيهاتهم وعدم تنفيذها حتى تخلى عن بعضهم, بينما تعامل مع الفريق الأخر بالمهادنة والسكوت عن أفعالهم حتى استفحلوا كثيراً, واخذوا يستخدمون أوراقهم لاستهداف الفريق الحكومي.
فاصطفاف جبهة الفاشلين مع مطالب الإصلاح, كان مخطط تكتيكي, بحيث “يقتل القتيل ويسير بجنازته” واغلب الفاسدين هم منتمين لجبهة الفاشلين, وكانوا شركائهم ويدافعون عنهم, فسقوط الموصل, والصفقات الاسلحة, وغسيل الأموال, وفساد القضاء, وامتناع رئيس الوزراء السابق وبعض وزرائه من تنفيذ استضافتهم للبرلمان, دليل على عدم احترامهم لرأي السلطة التشريعية, فهل حقيقة الإصلاح تكون بصرف الأنظار عن طرف؟, والتصدي للطرف الأخر مع أننا مع الاستجواب الأصولي.
فالاستجواب وزيري الدفاع والمالية, “السني والكردي” منطلق من دوافع سياسية, وإلا فأن مفاسد الهيئات المستقلة والوزارات الأخرى, اكبر من إقالة وزير حرب, والعراق مقبل على تحرير أخر معاقل ما خلفه الفاشلين, فهذا دليلاً قاطعاً على ازدواجيتهم, ناهيك عن استجواب وزير أخر لأسباب سلوكية, بينما لم يستجوب وزير المالية عندما كان العراق يعيش ميزانيات انفجارية, وعدم فتح ملفات القضاء, يعد وصمة عار في تغافل الفاشلين عنه.
أما عن أسباب تقديم وزراء النفط والنقل والداخلية والتعليم استقالاتهم, فما خفي كان أعظم, فلم نجد من يطرح تساؤل عن أسباب تلك الاستقالات, فيبدو إن الشريك الأساسي “رئيس الوزراء” أسهم بسحب البساط منهم, بعدما أصم أذانه عنهم, وجعلهم بمواجهة المنافسين, وعدم التصدي لأساليب الاستهداف التي مورست ضدهم, وأوضح مثال الهجمة ضد الزبيدي, وأيضا ما تعرض له الشهرستاني في السماوة, فالخطة كانت محكمة لإسقاط هيبة الحكومة.
إذن الاستجوابات الأخيرة؛ كانت وسيلة الخاسرون لتدمير الحكومة الحالية, وتفتيت الفريق القوي, والذي لم يستعد لمواجهتهم, فرغم عدم استجواب أي وزير فاشل خلال أعوام السابقة, استفاد الفاشلين من سقوط الموصل بأيديهم, واقنعوا الشارع بأن النجيفي والبرزاني ورائه, بالنتيجة تحررت الأراضي, ليبدأ الصراع البرلماني, تمهيداً لعودة الخاسرون, بعدما فرقوا الفريق المنسجم.