كل دول العالم الديمقراطية منها والشمولية ايضا عندما تتعرض الى نكسة سياسية وأمنية تأخذ بالبلاد الى الهاوية والانزلاق الى حرب أهلية وتمزيق اركان الدولة نجد ان البرلمان في تلك البلاد يتجه الى الانعقاد الفوري وابقاء جلساته مفتوحة والعمل الدؤوب ليلا ونهارا من اجل الوقوف على حل المشاكل التي أدت الى تلك الكارثة .
عراقنا اليوم يمر بأخطر منعطف امني توافق توقيته مع التظاهرات الواسعة والكبيرة التي خرجت في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب تطالب بالخدمات وحياة حرة كريمة وقوانين تدعم المواطن العراقي حيث رافق تلك التظاهرات عمليات تخريب واسعة طالت الكثير من مؤسسات الدولة العراقية والاعتداء على مقرات سياسية الى درجة انها وصلت الى حالة الانتقام واستهداف كل ما هو له علاقة بالحشد الشعبي فوقع القتل بين صفوف المواطنين ، بالأمس المجتمع الجنوبي يقدس تلك الجهات الحشدية التي دافعت عنه وعن كل العراق في حرب طاحنة دموية اعطينا خلالها ما يقارب المائة الف شهيد من اروع وأجمل شبابنا بعمر الورد نحبوا عليهم وبكوهم كثيرا فهم اخوتهم وابناء عمومتهم وأصدقائهم وابناء مناطقهم وهناك الثكالى من الأمهات اللاتي فقدن فلذات قلوبهن ، الا يكفي اننا نريق الكثير من الدماء ولا زلنا، وهذه المرة بيننا وبأيدينا ولا نواجه تنظيما ارهابيا في معارك كلاسيكية وحرب شوارع، ولكن التساؤل هنا لماذا يقوم بذلك البعض من اللذين تسللوا الى التظاهرات التي بدأت سلمية خالصة للمطالبة بالحقوق المفروض توفرها من قبل الدولة ولكن للاسف منذ العام 2003 والى يومنا هذا عاش العراق في ظل فترة فساد لا مثيل لها والمصيبة ان الكل يعترف بوجود الفساد من اعلى الهرم الى ابسط موظف في الدولة العراقية ولا علاج او حل طيلة السنوات التي كان فيها العراق يعيش بحبوحة الامن والصعود الاقتصادي.
مؤلم جدا ما اوصلتمونا اليه ايها السياسيون بعدم احتضانكم للشباب العراقي الذي يتطلع الى حياة كريمة في ابسط الحقوق والعيش دون حاجة او ذل ورغم كل سنوات التظاهر المتتالية لم تجدوا ولم تفسحوا المجال امام الشباب لمشاركتكم في بناء البلد سياسيا واقتصاديا وامنيا وكان المفروض بكم ان تجعلوا منهم الخط الثاني لقيادة البلد حتى لا تتلاقفهم سفارات دول ومخابراتها لتصنع منهم قنابل موقوتة في العراق وها هم يستغلون البعض منهم ليندسوا بين المتظاهرين الحقيقيين فيخربوا ويقتلوا ويدمروا البلد خدمة لأجندات تلك الدول ومع ذلك لم يتحرك البرلمان العراقي رغم عِظَم المصيبة وخطورتها بل اكثر من ذلك أجّلوا جلساتهم الى ما بعد التظاهرات في ٢٥-١٠-٢٠١٩ ومع ذلك لم يجتمعوا الى اليوم بل ان عدم اكتمال النصاب جاء على خلفية سفر اكثر من ١٥٠ برلماني خارج العراق ، والاعتى من ذلك خرجت علينا كتلة سائرون بإعلانها كتلة معارضة وأنها تقف مع المتظاهرين وهذه مخاتلة وعدم وعي سياسي فأنتم من شكل الحكومة وانتم من ألغيتم الكتلة الأكبر واستلمتم جميع المناصب المهمة في الدولة، فلماذا تعتصمون وتلبسون “الدشداشة” وتتركون واجبكم في إقرار القوانين وتطبيق الإصلاحات التي اعلن عنها رئيس الوزراء،، ما أتصوره ايها السادة إنكم تركبون موجة التظاهرات وتريدون اخراج انفسكم بعدم تحمل المسؤولية لانكم مشاركون مع باقي الكتل السياسية في هذا الخراب في البلد..
امام كل ذلك الترهل والتلكؤ الذي قام به البرلمان العراقي والفوضى التي صنعها البعض في الشارع بانتهاك الحرمات وتخريب مؤسسات الدولة وسقوط الضحايا من المتظاهرين الحقيقيين السلميين نجد ان رئيس وزرائنا منزوع القدرة على فعل اي شيء للاسف وهذا ينبئ بشكل واضح الى ضياع البلد اذا استمر الوضع على ما هو عليه..
حمى الله العراق من المندسين والمخربين وأيادي العبث المدعومة من الخارج .