22 نوفمبر، 2024 10:47 م
Search
Close this search box.

البرلمان العراقي في القرآن الكريم

البرلمان العراقي في القرآن الكريم

ترددت كثيرا وانا افكر في كتابة مقال حول قضية تقاعد البرلمانيين التي ادت الى ضجة كبيرة في اوساط الجماهير العراقية والمرجعية الدينية.

لم يكن مصدر التردد خوفي منهم، فقد اصبحوا هم الخائفين، ولا شفقتي عليهم فلا يشفق عاقل على من لم يشفق على نفسه من غضب عباد الله في الدنيا وغضب رب العباد في الآخرة، ولا سترا على عيب اخفاه الله فقد كشفوا بقرارهم ما كان أولى بهم أن يستروه من سرائرهم؛ لكني كنت اتابع مشهدا دراميا تتلاحق فيه الاحداث وتسقط الاقنعة عن رجال ونساء كان البعض يتصورهم كبارا فاذا بهم صغار، ونفوس كان البعض يتصورها عفيفة فاذا بها وضيعة، وشخصيات كان البعض يتصورهم اتقياء فاذا هم لا يختلفون عن اللصوص وقطاع الطرق الا بالوسيلة…ذاك يكمن لك في الطريق فيسلبك محفظة نقودك، وهذا يجلس في البرلمان فيسلب محفظة الشعب.

تلاحُق الاحداث وتكشّف العورات جعلني اشطب ما كتبته مرةً تلو الاخرى لأكتب غيره في ضوء تطور آخر…كنت في اليوم الاول اريد ان ادعو الى كشف اسماء الذين صوتوا على القرار لكي اضع الرؤوس التي تسترت بالغياب أو اختفت “في السحاب” أو وراء الحواجز الكونكريتية وادعت انها ” آخر من يعلم ” بما فعله المنتمون الى تيارها أو الحاضرون  في مجلسها أو المرتبطون بكتلتها أو الممثلون لاقليمها او الناطقون باسم اقليتها…. لكن مطالبتي بكشف الاسماء احترقت عندما سبقتني الجماهير الى ذلك.

وكنت اريد ان أدعو الى عدم انتخاب الذين صوتوا على القرار فاذا بالمرجعية الدينية أول الداعين الى ذلك.

واردت ان ادعو الى قطع الطريق على القانون من خلال المحكمة الاتحادية فاذا بالمنافقين انفسهم يدعون الى ايقاف القانون عن طريق تلك المحكمة، وكأن الذي صوت عليه غيرهم.

وكنت اريد ان اصف البرلمانيين الذين اقروا هذا القانون بقلة الحياء فاذا برموزهم تكفيني المؤونة وتظهر امام الاعلام مدعية انها لم تصوت عليه او انها تطالب بكشف اسماء المصوتين، أو انها ستفصل من صوّت من المنتمين الى قائمتهم..الخ من ادعاءات سخيفة تكشف عدم (وليس قلة) حياء المدّعين بعدم معرفتهم بالاسماء، او عدم قدرتهم على معرفتها، أو عزمهم على فصل من صوّت …الخ من اكاذيب لم يصدقها الا من بقي لا يعرفهم لحد الان، فلا يصدق الكذابين الا المغفلون.

وبقيت متردداً لا ادري ماذا اكتب.

لكني وبعد صلاة الفجر برقت في ذهني فكرة: لماذا لا استفتح بالقرآن؟

وقطعت ترددي وقمت من فوري وتناولت القران الكريم واستفتحت به فطالعتني الاية الشريفة التالية من سورة براءة :

[ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ]

واقشعر بدني لهذا الامر الالهي بجهاد الكفار وا لمنافقين وأغلقت المصحف وقررت الكتابة، لكني فكرت قليلا: كيف اجاهد الكفار والمنافقين؟ ومن هم الكفار والمنافقون؟

النفاق هو اظهار الايمان وابطان الكفر

هؤلاء المدعون الايمان بالله ورسوله او بالشعب ومصالحه او بالوطنية والقومية او بالديمقراطية والشفافية او  بالشرف والغيرة او بالامانة والحياء، وقد صوتوا خلافا لكل هذه القيم التي يدعونها الايمان بها في الظاهر وهم بها كافرون،

هؤلاء المدعون عدم التصويت وهم الذين صوتوا،

والمدعون حرصهم على مصالح الشعب وهم اللاهثون وراء مصالهم،

والمدعون تمثيلهم للناخبين في تصويتهم وهم الذين خانوا الامانة فقرروا ما لم يفوضهم الناخب ولايرضى به،

والمدعون عدم معرفتهم باسماء من صوّت من كتلتهم وهم يعرفونهم كما يعرفون ابناءهم،

والمدعون نيّتهم فصل من صوّت وهم لم ولن يفصلوهم، ولو كانوا صادقين لاصدروا قرار الفصل بدل من اصدار الوعد بالفصل،

والمدعون انهم سوف يعترضون على القرار امام المحكمة الاتحادية وهم لم ولن يفعلوا ذلك وقد كسروا قرارها قبل ذلك، ولو كانوا صادقين لاعترضوا ثم ظهروا على الاعلام ليكشفوا وثيقة اعتراضهم،

والمدعون انصياعهم للمرجعية الدينية التي رفعوا شعارها لتضليل العوام ايام الانتخابات، ولو كانوا صادقين في انصياعهم للمرجعية لما صوتوا اصلاً على قرار قضت المرجيعة سنوات وشهورا تحذر منه،

هؤلاء ان لم يكونوا منافقين فماذا يكونون؟

هؤلاء جميعا منافقون يظهرون خلاف ما يبطنون، نسوا الله فأنساهم أنفسهم، هؤلاء يقولون ما لا يفعلون، وكبر مقتا عند الله ان يقولوا ما لا يفعلون.

لنتابع مع القران الكريم:

[يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا]

لقد خرجوا على الاعلام بلا حياء وهم يحلفون بالله ما قالوا نعم لامتيازاتهم وتقاعدهم….يحلفون لكم لترضوا عنهم، يحلفون لكم لكي تعيدوا انتخابهم..يحلفون ما قالوا كلمة نعم، ولقد قالوا كلمة نعم..وهمّوا بما لم ينالوا من المال الحرام

[وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ]

لقد اغناهم الله بالراتب الفعلي الخيالي وبالامتيازات الفعلية من مخصصات حراسة ورفاهية وعلاج وسكن وسيارة وقطعة ارض وجوازات دبلوماسية وايفادات و…..و….مما لا يعلمه الا الله والرئاسات الثلاث، لكن طالب الدنيا كشارب ماء البحر كلما ازداد شربا ازداد عطشا، ولأن جوع النفس اشد من جوع المعدة؛ فقد هموا بما لم ينالوا.

لقد كان مِن هؤلاء النواب مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ

فكانت النتيجة انه سبحانه أَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ

واخيرا يقول القران الكريم:

فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ

أحدث المقالات