23 ديسمبر، 2024 1:42 م

البركان…. قصة انطلاق المقاومة العراقية

البركان…. قصة انطلاق المقاومة العراقية

بادئ ذي بدء، استهل المؤلف كتابه – الذي نحن بصدد مراجعته – برؤية الزعيم الصيني ماو تسي تونغ لواحد من اهم شروط استمرار المقاومة حتى بلوغ اهدافها، في جملته الشهيرة ” يجب على المقاومة ان تتحرك وسط الناس كما تسبح السمكة في الماء” وبهذا الكلام خاطب الزعامات والقيادات السياسية التي تتحكم بحركة ونشاطات المقاومين، وقبل هؤلاء منظري حركات المقاومة ومفكريها، مازجاً بذلك الاشتراط الأمني والاستخباري بالاهداف المرسومة للمقاومة ودقتها.

واذا كان هذا الامر ينطبق على جميع المقاومات التي انطلقت في التاريخ فان المقاومة العراقية ليست استثناءاً ولا تخرج عن هذا الاطار رغم تفردها بخصوصية واضحة في نشأتها وانطلاقها، ميزتها عن تجارب المقاومة الاخرى التي سبقتها الامر الذي -اشار اليه المؤلف- يتطلب دراسة مستفيضة للظروف التي نشأت فيها المقاومة العراقية ، هذه الظروف التي تتوزع على عدة جوانب رئيسية لكل جانب منها اهميته وخطورته وتأثير تلك الجوانب جميعاً في بلورة اتجاه العمل المقاوم واتضاح منهجيته وفي المقدمة منها مسألة الدعم الدولي او الاقليمي الذي يعد من اهم العوامل المحفزة للتفكير ببزوغ وانطلاق اي مقاومة.

هذا العامل – يقول المؤلف- انتفى تماماً في تجربة المقاومة العراقية، ويُعزي المؤلف السبب بكل بساطة الى تفرد الولايات المتحدة الامريكية – دولة الغزو والاحتلال- بالهيمنة على العالم مما انسحب هذا التفرد على العوامل الاخرى المؤثرة في أي عمل مقاوم والتي يفترض توافرها لنشوء المقاومة وتحريكها والاعداد لكوادرها على طريق انطلاقتها العسكرية وتتمثل بالجوانب الاعلامية ووجود ارض تجري عليها معسكرات تدريب المقاتلين والدعم المالي والقدرة على تحرك قيادات المقاومة في المحيطين الاقليمي والدولي بغرض التعريف بقضيتهم وشرح ابعادها وتوضيح طبيعة برنامجها السياسي.

هذه الهيمنة الامريكية المطلقة على المنطقة والعالم تستدعي مستلزمات ضرورية لنشؤ المقاومة ، في العراق لم تتوافر على الاطلاق. من هنا تملك المؤلف على حد قوله –اليأس، لأن الدراسة النظرية الاولية التي تبحث في اماكن نشؤ المقاومة العراقية يمكن ان تذهب بصاحبها الى اليأس لعدم توافر الظروف الموضوعية والعوامل المساعدة على خروج مقاومة عراقية.

تصّور الكثيرون –يقول المؤلف- في ضوء ذلك، ان مقاومة في العراق قد تظهر لكن بعد حين قد يطول أمده لسنوات او عقود، وان بدأت فانها ستخبو بسرعة، وان المشروع الكوني الامريكي سيأخذ طريقه الى دول العالم الأخرى انطلاقاً من العراق.

على اساسه… جاء دافع المؤلف في تأليف كتابه حيث أشار الى ان الاغلبية العظمى من العراقيين تعذر عليهم الاطلاع على حجم المقاومة التي ظهرت في بلدهم والتعرف الى نشاطات المقاومين في العراق بسبب البداية المبكرة جداً للمقاومة وعدم وجود وسائل اعلام توثق وتنشر عملياتها، ولم يكن يعرف ابناء المدينة الواحدة بهجمات تستهدف قوات الاحتلال وتلحق بهم الخسائر الجسيمة على بعد كيلومتراتمن وجودهم.

كما ان الدافع الآخر للتاليف، هو ربما – كما يقول المؤلف- قد تتعرض المقاومة العراقية لهجمة اخرى فيظهر من يكتب عنها بهدف الاساءة اليها ويكون عمله مصدراً ومرجعاً للباحثين والمهتمين، وفي حال خلو الساحة من بحث علمي فان البعض قد يعتمد كل ما يرى امامه من كتب وبحوث ودراسات وينقل عنها الغث والسمين.

انها لمفارقة حقيقية – يفتخر المؤلف ونحن معه – ان تأتي الى ارض الرافدين اكبر واقوى جيوش العالم وتواجهها اسحلة المقاومين العراقيين منذ اليوم الاول للاحتلال وترغم هجماتهم الادارة الامريكية المتبخترة زهواً بهيمنتها على العالم لتغيير خططها وقناعاتها واساليبها خلال الاسابيع الاولى على وقع ضربات المقاومين في العراق.

وهذا ما أسعد المؤلف –كما أكد، وبالتأكيد كل الغيارى كذلك- ان يبحث في تاريخ المقاومة العراقية حيث وجد ان سعادته ستكون غامرة اكثر لو توافر الوقت للاستمرار في هذا البحث والتوثيق والتحليل… وعليه توقف المؤلف في دراسته هذه عند اول 80 يوماً من عمر المقاومة العراقية ضد الاحتلال الامريكي – البريطاني الكوني وهي الفترة الممتدة من العاشر من نيسان/ 2003، وهو اليوم الاول للمقاومة العراقية حتى نهاية شهر حزيران من العام نفسه، وبالقياس الزمني –الكلام ما زال للمؤلف- فان هذه المدة قصيرة جداً بالنسبة الى عمر المقاومة في العراق وتاريخها الذي وصل الى 3175 يوماً عندما ارغم المقاومون في العراق القوات المحتلة على اعلان انسحابها في الحادي والعشرين من شهر كانون الاول عام 2011.

يحدد المؤلف ثلاثة تواريخ هامة يجب الاشارة اليها عند الحديث عن الغزو والاحتلال والمقاومة، أحد هذه التواريخ هو الاول من ايار/ 2003، وهو اليوم الاول الذي توصلت فيه جميع القيادات الاميركية الى قناعة تامة تقول بان المهمة قد انجزت وان يد امريكا في العراق هي الطولى والاولى والاخيرة، وانه لا وجود لقوة اخرى تنافسها او تتحداها، لذلك اعلن في هذا اليوم 1/5/ 2003، الرئيس الامريكي والقائد العام للقوات المسلحة الاميركية جورج بوش من على حاملة الطائرات ابراهام لنكولن “انتهاء العمليات العسكرية الكبرى في العراق”.

اما التاريخ الثاني الذي لم يتحدث عنه أحد فهو العاشر من نيسان/ 2003، اي قبل عشرين يوماً من اعلانه انتصار الولايات المتحدة وهو اليوم الذي تأكد للجميع انه يوم انبثاق المقاومة العراقية.

اما التاريخ الثالث فهو 9/4/2003 الذي دخل صفحات التاريخ باعتباره يوم دخول القوات الاميركية مدينة بغداد، وخلال العشرين يوماً المحصورة بين 9/4 و 1/5، اذ حصلت احداث على ارض العراق لم يكن

يتوقعها القادة العسكريون الامريكيون ونقصد بها الهجمات التي أصابت قواتهم، فقد تصور قادة البنتاغون والبيت الابيض، ان بمجرد اسقاط تمثال الرئيس العراقي سيرفع العراقيون جميعاً الرايات البيض ويتبارون لنثر الورود….

يعرف اكثر الامريكيين والكثيرون في العالم –يشير المؤلف – أسَمي اول جنديين امريكيين قتلا في العراق في اول يوم من ايام الاحتلال الامريكي للعراق في حين لا يعرف العراقيون وغيرهم حتى الآن وبعد مضي كذا سنة على هذا التاريخ اسماء الاشخاص المقاومين الذين صوبوا نيران اسلحتهم وقتلوا كلاً من تيري همنغواي وهو القتيل الاول الذي اصطادته المقاومة العراقية في اليوم الاول للاحتلال، والقتيل الثاني جيفري بوه، ويجب ان يؤرخ – وفق وجهة نظر المؤلف – لليوم التالي (10/ نيسان/ 2003) باليوم الاول للاحتلال الامريكي للعراق.

بناء على ذلك، فان اي فعل عراقي مضاد للقوات المحتلة دفع بعد ساعة الثانية عشرة من ليل التاسع من نيسان على العاشر منه، هو فعل مقاوم وان منفذي الهجمات هم مقاومون.

لقد قيل الكثير عن تجربة احتلال العراق، لكن الاغلبية العظمى تتحدث عن هزيمة ونكسة وخيبة وفشل وغير ذلك من دون الاشارة الى القوة الحقيقية التي تقف وراء ذلك.

يقول المؤلف بكل فخر، انها المقاومة العراقية التي اصبح اسمها يرعب حتى السياسيين والباحثين والمراقبين ولا يعترفون في اغلبية كتاباتهم وتحليلاتهم بوقوفها بصورة مباشرة وراء هزيمة امريكا من العراق وفشل مشروعها الكوني.

انسحبت القوات الامريكية من العراق في اواخر عام 2011، بعد ان اعلن الرئيس الامريكي بارك اوباما، قرار الانسحاب في تشرين الاول من العام نفسه في خطاب ألقاه عبر وسائل الاعلام الامريكية والعالمية، وكان البعض قد شكل في ما اعلنه اوباما بسبب حجم القوات الامريكية في العراق وما انفقته ادارة البيت الابيض من اموال طائلة على حرب العراق، كما ان الاوضاع في هذا البلد لم تستقر ولم تكن هناك ملامح حقيقية لتجربة ديمقراطية، كما وعد القادة الامريكيون قبل الغزو الامريكي للعراق عام 2003 وبعده.

كتب الكثيرون عن الانسحاب الامريكي –يقول المؤالف- وذكر الكثير من الكتّاب والمحللين الخسائر التي وقعت بين القوات الامريكية وتكاليف الحرب الطائلة، لكن احداً لم يتطرق الى القوة الحقيقية التي ارغمت اكبر قوة عسكرية في العالم على مغادرة العراق وكيف بدأت ملامح الهزيمة وما هي النتائج التي تحققت لمصلحتها على الارض.

في الواقع – يؤكد المؤلف – هذه القوة هي المقاومة العراقية التي تعرضت لتشويه واسع من خلال محاولات الاساءة لها ولدورها في مقاومة الاحتلال الامريكي وفي التعتيم الهائل على نشاطاتها المتمثلة بشن هجمات واسعة وكبيرة ضد القوات المحتلة حتى بعد اقرار الادارة الامريكية بهزيمتها في العراق، وقول الرئيس الامريكي اوباما ان “جيلاً كاملاً من الامريكيين سيعاني من حرب العراق” فاذا ذكر المقاومة العراقية ظل في الكثير من المحافل ووسائل الاعلام شبه محرم.

في جانب من كتابه، يحلل المؤلف الظروف الدولية التي تؤثر بصورة كبيرة في مسار اي مقاومة باعتبار ان حصول الفعل المقاوم ينتج من حصول احتلال لارض محدودة المساحة او الدولة اي حصول اضطراب قد يرقى الى مستوى القلق الشديد في المنظومة الاقليمية او الدولية. وهذا هو الواقع الذي تنشأ وتتطور فيه جميع انواع واشكال المقاومة التي يتحدث عنها التاريخ. واذا نشأت جميع المقاومات تحت وازع الرفض الفطري للاحتلال باعتباره جريمة بشعة لا ترضاها النفس البشرية وترفضها جميع الفلسفات الاصلاحية وتقف بمواجهتها القيم والاعراف، فأن انطلاق المقاومة يحتاج الى عنصر هام يتمثل بالثقة بتحقيق اهداف المقاومة، وهنا يدخل العامل الاقليمي او الدولي او كلاهما، ويكون العمل على ثنائية حاجة المقاومة للدعم مقابل تحقيق اهداف الطرف او الاطراف الاقليمية والدولية التي تسير بالموازاة مع مسار اهداف المقاومة.

ولا شك – الكلام لازال للمؤلف – في ان شرط وجود تناحر دولي او اقليمي من اولويات حصول دعم المقاومة، وهذا الامر لا ينطبق على الظروف التي انطلقت فيها المقاومة العراقية، اذ كان العام 2003، عام الغزو الامريكي للعراق من غير المسموح به خروج اي دولة عن طاعة الولايات المتحدة، وهذا أحد السياقات المعلنة للحرب على العراق، اذ أعلن الرئيس الامريكي جورج بوش بصراحة ووضوح، ان الذي لا يقف مع الولايات المتحدة فهو ضدها، اي ان الجميع في خندق واحد، وهو الخندق الذي تقوده الادارة الامريكية.

ولسبب موضوعي –يشير المؤلف- فأن المقاومة العراقية لم تعمل وسط ظرف دولي يسهم في دعمها وتقويتها والحرص على توفير المستلزمات الضرورية لاستمرارها وتحقيق اهدافها، ولا يخفي على الجميع ان الظرف الدولي الذي تم فيه احتلال العراق لا يسمح بأي شكل من الاشكال دعم المقاومة العراقية بعد ان اختتمت الحرب الباردة آخر جولاتها مطلع تسعينيات القرن العشرين وتفرد الادارة الامريكية بالسيطرة على القرارات الدولية بعد تمكنها من جعل العالم بأسره يعيش القطبية الواحدة التي يمسك بجميع عناصر قوتها البيت الابيض ولم يعد بأمكان اي دولة او قوة اقليمية الوقوف بوجهها.. ولا يمكن اغفال هذه الحقيقة – يؤكد المؤلف – لانها تدخل في صلب العامل الاهم الذي يفترض وجوده لاستمرار المقاومة وتراجعها وانطفائها وحتى التفكير باطلاقها، ان لم تبقى تلك المقاومة حبيسة الاذهان والمشاعر والافكار، وقد لا يُسمح بخروجها على الاطلاق.

ان الظرف الدولي والثنائية التي لازمت تجارب المقاومة في العالم غابت تماماً خلال الاحتلال الامريكي للعراق، ووقف الظرف الدولي بالضد تماماً من المقاومة العراقية، ما حرمها دعماً خارجياً يسهم في دعمها بالميدان ويعجل بتحقيق اهدافها وبلوغ التحرير الكامل، وخير مثال على اهمية الخصومات والصراعات الدولية في دعم تجارب المقاومة، هو ما افتقدته المقاومة في العراق.

وعن فقدان الدعم الاعلامي للمقاومة العراقية، يتأسف المؤلف قائلاً – ان جميع المقاومات في العالم حظيت بدعم اعلامي واسع وكبير نظراً لاهمية الاعلام ودوره وتأثيره في الرأي العام، وعندما نقارن الدعم والاسناد الاعلامي في تجارب المقاومة ونقيس ذلك بالظروف الذي نشأت فيه المقاومة العراقية لا نجد وجهاً للمقارنة على الاطلاق… فقد وضعت المقاومة العراقية في الزوايا الخانقة ولم تتوافر لها ادوات اعلامية تخاطب الرأي العام

عن برامجها السياسية وعن نشاطاتها العسكرية، اضافة الى ممارسة تعبئة للرأي العام لتحصل على المزيد من المتطوعين الراغبين في الانضمام الى فصائل المقاومة.

ان المقاومة العراقية – يقول المؤلف – حرمت من الدعم الاعلامي نهائياً خلاف ما حصلت عليه المقاومات في العالم، كما انها تعرضت لعمليات اعلامية واسعة بقصد التأثير في روحية المقاومين وتضييق البيئة الحاضنة لهم.

فمن بين اكثر من (220.000( هجوم شنه المقاومون العراقيون ضد قوات الاحتلال الامريكية والبريطانية وقوات الاحتلال الاخرى من بينها ما يزيد على (100.000) هجوم موثق بالصوت والصورة، وتم ارسال اغلبيتها الى وكالات الانباء والفضائيات العربية والاجنبية التي لم تبث من تلك الهجمات ما نسبته واحد في الالف منها.

ان واحدة من اهم منجزات المقاومة العراقية – يختتم المؤلف كتابه – انها اعطت درساً بليغاً للولايات المتحدة التي اعتقد قادتها وشعبها انهم سيفرضون سيطرة غير مسبوقة على كل شعوب العالم بعد غزو العراق واذا بالمعادلة تنقلب وتفرض المقاومة على قيادات امريكا وشعبها، الخوف والذكر من مجرد التفكير بأرسال جنود وقوات لبلد آخر، وقد عبرت هيلاري كلنتون من ذلك بوضوح وصراحة اثناء تدارس شن هجمات في مدن افغانية حين رددت بالقول “لن نكرر ما حصل لنا في الفلوجة” في اعتراف واضح بما كبدته المقاومة العراقية للقوات الامريكية التي هاجمت هذه المدينة بوحشية وقتلت الناس وهدمت البيوت واحرقتها في شهر تشرين الثاني من عام 2004.

لو كانت الصورة معكوسة تماماً – يفترض المؤلف – وحققت امريكا كامل اهدافها في العراق ولم تردعها المقاومة العراقية وتلحق بها هذه الهزيمة لتمكنت من احتلال دول وفرض الهيمنة على الشعوب لمجرد اعلان الحرب عليها في وسائل الاعلام، لكن درس العراق ودور المقاومة في هزيمة وأفشال المشروع الكوني الامريكي، انهى (حرب المكانة) كما يسميها الباحث الامريكي ريتشارد نيدليبو في كتابه (لماذا تتحارب الامم؟) دوافع الحرب في الماضي والمستقبل) وهي حرب امريكا على العراق حيث يرى انها اول وآخر تجربة في هذا النوع من الحروب بعد ان حشدت اليها الولايات المتحدة كل ما تملك من قوة، لكن المقاومة العراقية افشلت هذه الحرب وقبرتها في ارض الرافدين التي بدأت فيها الكتابة والتدوين والمعرفة قبل آلاف السنين.

ان هدف المقاومة العراقية لا يقتصر على اخراج القوات الامريكية من العراق وانما يتجاوز ذلك الى تلقين العقول الامريكية الشريرة درساً بليغاً يمنعهم التفكير ولو مرة واحدة بغزو اي دولة في العالم، فخسائر امريكا تتجاوز تصور الكثيرين لهذا – يشير المؤلف – ان المقاومين في العراق لم يحرروا بلدهم فقط من المحتلين الامريكان وانما تجاوزا ذلك الى حماية امم وشعوب من مشاريع امريكا الكونية في القرن الحادي والعشرون.

* الكتاب:
البركان، قصة انطلاق المقاومة العراقية، تأليف – وليد الزبيدي، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2014، 192 صفحة.

*[email protected]