26 ديسمبر، 2024 3:59 م

البرزاني …يبيع الوهم !!

البرزاني …يبيع الوهم !!

في مطلع السنة الثانية من الاحتلال الامريكي ،ناقش مجلس الحكم مسودة  قانون ادارة الدولة المؤقتة .وكانت هناك الكثير من الاختلافات حول معظم بنوده .وكان الحاكم الامريكي بول بريمر ،كثيرا ما يتدخل لفض النزاعت بين اعضاء مجلس الحكم ،وغالبا ما كان يفرض عليهم رأيه .اثناءتلك النقاشات اقترح البرزاني ،وكان وقتها عضوا بمجلس الحكم،ادخال فقرة على مسودة القانون ،تعطي للممثل الكردي في جميع مؤسسات الدولة ( رئاسة الجمهورية ،رئاسة مجلس النواب ،رئاسة الوزراء،ومجلس القضاء الاعلى) حق النقض (الفيتو )على اي قراريصدر عن هذه الجهات  والدوائر التايعة لها  . وقد قوبل هذا المقترح بالرفض التام من قبل اعضاء مجلس الحكم العرب ( سنة وشيعة ) .الا ان البرزاني اصر على موقفه وهدد بالانسحاب من اللجنة المكلفة بوضع القانون ومن مجلس الحكم ايضا .
ولما كان بريمر يقوم بدور( الوسيط ) في حالات الخلاف بين اعضاء المجلس،فقد جأ اليه الاعضاء العرب طالبين تدخله لاقناع البرزاني بالتخلي عن مقترحه والذي في حال ادراجه لن يبقي للاغلبية السكانية ايّ دور في ادارة الدولة .وفوجئ الاعضاء العرب بموقف بريمر حين قال لهم :انكم وحدكم قادرون على تسوية خلافاتكم ! لكنه اقترح عليهم تشكيل وفد منهم للذهاب الى اربيل للتفاوض هناك  مع البرزرني واوصاهم بالمرونة !
وفعلا غادر اعضاء مجلس الحكم الى اربيل .واجتمعوا في اليوم التالي من وصولهم بالبرزاني ،الا ان الاخير ظل مصرا على موقفه وعلى شرطه بالانسحاب في حال عدم ادراج مقترحه ضمن  مشروع القانون المقترح .
بعد يومين من التفاوض،وفي اخر جلسة لهم هناك ،طرح احد اعضاء مجلس الحكم من العرب فكرة لم يتوقعها احد من المفاوضين الاكراد .قال العضو العربي مخاطبا البرزاني : منذ سنوات ونحن نسمع منكم مطلبكم في حق تقرير المصير المفضي الى الاستقلال واقامة الدولة الكردية .وكنا نتجاوب مع مطلبكم حين كنا بالمعارضة ،ولكننا كنا نتمتى عليكم تأجيل هذا المطلب الى حين سقوط نظام صدام .وها هو النظام قد سقط وحان وقت تنفيذ مطلبكم المشروع بحق تقرير المصير واعلان قيام دولتكم .وأضاف :نحن سنتبني مطلبكم ونساعدكم في اقناع دول الجوار بقبوله ،واذا كنتم لا تجدون ما تستندون عليه ماديا عند اقامة الدولة ،فاننا لا نعارض الحاق محافظة كركوك بها .واختتم قائلا : لا اظن انكم ستحصلون على عرض مثل هذا العرض الذي اتفق عليه جميع الاعضاء العرب بمجلس الحكم .
فوجئ البرزاني يهذا الطرح ـ حسب قول ثلاثة من اعضاء الوفد العربي المفاوض ، واستغرق بالتفكير طويلا .وحين اكتمل عنده الرد ،فاجأ مفاوضيه بما لا يتوقعون .قال لهم وكأنه يفجر قنبله : هذا فخ لن توقعونا فيه ! واضاف : قبلكم صدام حسين عرض علينا الاستقلال هذا الذي تقترحون عندما سحب كل اجهرة الدولة العراقية من كردستان ،وترك فراغا سياسيا ليغرينا باقامة الدولة ،غير اننا ادركناالقصد من مقترحه ونصحنا الاصدقاء بان نية صدام ليست سليمة وانه يريد بنا التهلكة ،فما ان نعلن الاستقلال فان تركيا وايران وسورية سترسل الجيوش الى كردستان لتدمير الدولة الكردية ،لان هذه الدول تخشى ان يتحرك الكرد في بلدانها لاقامة دول كردية هناك ،وستحتل الدول الثلاث  كردستان وتدمرنا بحيث لن تقوم لنا قائمة بعدها .وبذلك يربح صدام معركته بسلاح غيره ،وتعود كردستان المحطمة اليه بدون ان يخسر جنديا واحدا .واضاف البرزاني لا نريد الاستقلال ولا الدولة ما دام جيراننا يتربصون بنا .
وتأسيسا على هذا ،فان تهديدات البرزني باعلان الانفصال عن العراق ليست جدية وانما يريد بها ابتزاز الجهلاء الحاكمين في بغداد من جهة ،ويريد بها ايضا خديعة الشعب الكردي بانه بطل الاستقلال القومي ،لكسب تأييده والوقوف معه ،عندما يشتد الصراع بينه وبين الزعماء الكرد الاخرين، الذين احجموا عن بيع الوهم لمواطنيهم ، كما يفعل مسعود البرزاني !!

أحدث المقالات

أحدث المقالات