مع أن الأجواء رمضانية وتوحي لأول وهلة بالحديث الروحاني والديني ..لكن اليوم ومع تفاقم مساحة الفقر والجوع في بلدنا الغني جدآ ..قمت بأستعراض تاريخي سريع للمفاهيم والنظريات الاقتصادية والاجتماعية التي خبرتها البشرية على مر التاريخ والتي نهضت بامم واقتصاديات إلى قمم الرخاء والاستقرار ..في نفس الوقت تابعت الانتكاسات التي قوضت حضارات وقمم اقتصادية أتت إلى الحضيض …فحصلت على فكرة مبسطة لما دار ويدور في هذا العالم. ..أولا _أن المجتمعات المدنية تتكون وبشكل جلي من طبقة برجوازية عليا متحكمة أو متسلطة على رأس المال ..طبقة وسطى هي وقود العمل وأداة الإدارة وأفراد حماية للمجتمع والشعب من جيش وأمن وشرطة وطبقة دنيا من العمالة الرخيصة المستغلة بظلم مفرط من أجل توفير الرفاهية للطبقات التي أعلى منها …وبين هذه الطبقات الكبرى في التكوين الاجتماعي لابد من طبقة انتهازية متأرجحة بينها مستفيدة من التزلف للطبقة البرجوازية لنيل بعض المكاسب أو من الاندساس بين الطبقة الوسطى أو المعدمة لسرقة مكاسبها الثورية لاحقاً
ثانياً _أن محور الصراع التاريخي بين الطبقات أعلاه يدور حول الاستحواذ على أدوات الاقتصاد باوجهه الرئيسية الثلاث الزراعة والصناعة والثروات الطبيعية. ..وإن الفوز بهذه الأدوات الثلاث أو بأي واحد منها هو العامل المنتج والمؤدي لنشوء البرجوازيات الملكية أو العائلية أو السياسية ثم ان هذه البرجوازيات المتخلقه من هذا السباق والصراع لحيازة رأس المال على نوعين أما هي سليلة حسب ونسب غني قد اكتسبت المال بالتوارث …أو أنها من منتجات دورات المادية التاريخية أو الديالكتيكية التي نجحت في السيطرة على أدوات الاقتصاد ووجهتها لمصلحتها النفعية دون المجتمع لتبرز على مدى عقود كقوى برجوازية متسلطة على مجريات الاقتصاد. ..ومؤثرة فيه سلبا أو إيجابا
ثالثاً _أن السلطة هي الإطار المؤدلج لهذا الصراع التاريخي أو المبرر لفساده أو هو بيضة القبان الذي يرجح الغلبة لطرف على حساب طرف آخر
رابعاً _ مقارنةً بين أنواع البرجوازيات المتخلقه أجد أن البرجوازية الإقطاعية العائلية أو الملكية. .تعمل بمناهج علمية وعملية للاستفادة من الثروات الطبيعية وأدوات العمل والزراعة لتطوير وتنمية اقتصادها ورساميلها وتمارس الاحتكار لكل شيء يخدم أهدافها وأولها السلطة ثم الموارد البشرية المتوفرة في البلد وقد توفر نوعاً من الرفاهية لعامليها أو تتعسف في استخدامهم لكن دائما هناك فرصة للمجدين في تطوير حياتهم
أما البرجوازية المتخلقه من ثورات شعبية ضد أصحاب رأس المال والتي تستحوذ على السلطة فهي التي تخلق دولا تعمل بنظم اشتراكية متعددة الأوجه ويكون رأس المال بيد الدولة لكن غالبا مايتحول رجالات رأس الدولة إلى بروجوازيات مغلفة بشعارات الدولة العقائدية وصلاحياتهم فيتحقق لهم المنافع الخفية على هامش المنجزات المتحققة للدولة التوتالارية ومشاريعها الاستثمارية خصوصاً إذا كانت التجربة الاقتصادية للدولة مبنية على أسس علمية رصينة ومع تنامي رأسمال الدولة وتنامي بروجوازياتها الرئاسية تتخلق دولة ناهظة قوية في مظهرها الخارجي وبناءها التحتي لكن ذالك غالباً ما يكون على حساب رفاهية الفرد من الطبقة الوسطى أو المعدمة لذلك بمرور الوقت ستتحول إلى دولة قوية في المظهر الخارجي خاوية في بناء الإنسان الذي يدافع عنها لذا ستنهار عند أول إمتحان حقيقي تجاه الأخطار الخارجية وهكذا انهارت اشتراكيات علمية بنيت في الاتحاد السوفيتي وأوربا الشرقية ويوغوسلافيا
كل ما أشرت إليه هو عملية تقديم موجز لاسقاطه على واقع حال بلدنا الحبيب العراق دولة خرجت من براثن الدولة العثمانية إلى مخالب الاستعمار البريطاني ثم إلى نظام ملكي يغلف سلطة بريطانية يديرها المندوب السامي البريطاني آنذاك. .إلى أن تأسست الجمهورية العراقية الوليدة في 1958 على ثورة تموز التي أسقطت الملكية وأقامت الجمهورية ليكون نمط الأداء الاقتصادي للبلد محكوم برأسمالية الدولة ثم النظرية العلمية الاشتراكية التي نادى بها حزب البعث والتي أنتجت دولة اشتراكية بكل شيء لكن خلقت لنا البرجوازية العائلية للطغمة الحاكمة ثم الديكتاتورية فنشات دولة دولة تعنى بكل مرافق الحياة لكن بما يخدم الحاكم وتوجهاته ودب الخواء في المجتمع والفرد فلم يجد القشر الخارجي القوي في الظاهر للدولة من يسنده من الداخل لخوائه. . فانهار هذا الكيان بشكل مخز في الف بائيات التاريخ لأنه لم يوجد الفرد والمجتمع المستفيد منه لحمايته ولم يرتق الوعي الوطني إلى درجة تناسي الخلاف مع الحاكم الديكتاتوري من أجل حفظ هيبة الوطن وتاريخه الضارب في القدم .والتنادي لحماية الوطن بوجه المحتل ثم بعد ذلك يأتي إعادة الحساب مع الديكتاتور على نمط التجربة الصينية إبان الاحتلال الياباني لكن حصل ماحصل وسقط الوطن وتسلطت عليه الإرادة الخارجية والاقليمية وجاءت دولة السيادة المبطنة برضا امريكا ودول الجوار …وبقيت الدولة تعمل باطر مخلفات النظام الاقتصادي المتوارث من الدولة السابقة ولم يزل يحكم حركة المال قانون إدارة الدولة المالي السابق أي لازلنا نعمل بمفاهيم رأسمالية الدولة وبعض مناحيه الإشتراكية من حيث التأطير والتنفيذ .ولكن أين الخلل الذي أودى إلى الانهيار الاقتصادي إنه هناك في خلق برجوازية جديدة مستفيدة من السلطة لكن هذه المرة هذه البرجوازية هي ليست سليلة الأسر الغنية العريقة وليست وليدة ثورة الجياع التي استلمت السلطة بعد صراعها مع أصحاب رأس المال …إنها الآن متخلقه من الطبقة الانتهازية التي أشرت اليها أعلاه المتزلفة للسلطة للاستفادة من نفوذها لنيل المكاسب أو أنها المندسة بين المعارضة لتكون لها نصيب من الفوز في بعض المقاعد النيابية أو الوزارات التنفيذية لاحتلاب منافعها. …هذه البرجوازية الانتهازية لاتقيم إستراتيجية مستقبلية للبلد لانها قصيرة النفس ضيقة الأفق تحاول الاستفادة من الخلل التاريخي الذي اوقعها على سدة الحكم أو جعلت موارد الدولة تحت ايديها. ..لذا فإن هدفها هو تضخيم رصيدها النفعي باقصر مدة ممكنة. .لأنها عارفة بأنها زائلة عن السلطة عاجلاً آو آجلا. …إنها لاتبني محطة كهرباء انها تستهلك موارد أكبر في ترميم مشاريع الكهرباء الحيزبون ليكون لها حصة أو رشا في مقاولات الترميم أنها على نفس الشاكلة لاتبني مستشفى بل ترقع القديم انها لاتشق طرق جديدة بل تعيد اكساء القديم وبشكل بائس انها لاتعيد الصناعة بقوتها ليبقى تجارهم المستفيدين منهم يجدون أسواقنا المحلية عطشى لبضائعهم. ..إنهم سوس الدولة والاقتصاد. ..إنهم لايطورون صناعتنا النفطية بكودارنا المحلية الأكثر خبرة بل يسلمونها بضاعة مزجاة لكارتلات الاحتكار العالمي
لذلك وكل ذلك ولكي نعيد دورة التاريخ إلى بداية انطلاقته نحو أفق خلاق جديد لابد من أخذ زمام المبادرة من أيدي هذه البرجوازية الفاسدة المتكونه حديثا والقيام بثورة العلم والعمل وإعادة الحركة إلى عجلة البلد على يد العلماء والعاملين المخلصين بما يحقق العدل والرفاهية والتطور لبلدنا
نحن لسنا بحاجة إلى ثورة جياع عشوائية تطلب الخبز من ظالميها بأي شكل نحن بحاجة إلى ثورة بروليتاريا جديده تستعيد أدوات الاقتصاد من أيدي الفاسدين. .وإعادة بناءً دولتنا الجديدة دولة العراق وان كره الحاقدون
ورمضان كريم عليكم