18 نوفمبر، 2024 12:52 ص
Search
Close this search box.

البذخ الديمقراطي العراقي … وفوضى الأقاليم

البذخ الديمقراطي العراقي … وفوضى الأقاليم

إذا لم تكن لديك طائرة خاصة تقلك إلى البيت الأبيض,بعد كل هذه الميزانيات والصرفيات الحكومية الهائلة, فعلاما ذهبتم يا سيادة رئيس الوزراء بالطائرة المستأجرة(600 ألف دولار وفقا لرئيس البرلمان-إضافة إلى رحلة رئيس الجمهورية السابقة إلى نيويورك المكلفة جدا-ورحلة رئيس مجلس النواب الجماعية إلى لندن لتبادل الخبرات الديمقراطية الغربية….حتى إن بعض النواب راح يسأل عن رواتب أعضاء برلمانات تلك الدول ليزداد خبرة في الرد على مواطني بلده حول استحقاقه الوظيفي والتقاعدي),
وعن أية إستراتيجية طويلة الأمد تتحدثون عنها,وشوارع العاصمة بغداد وأحياءها المنسية تكلمت قبل مرارة العيش وأصوات الانفجار وخانق الموت الكاتم,الذي يتجول دون رقيب أو حسيب………………
نحن أبناء الشعب العراقي(على الأقل من يشاطرني الرأي)
لا نريد مؤتمرات ,وسفرات مكوكية,وخبرات ورقية,ترهق ميزانية الدولة(المعني بالدولة المواطن وليست الحكومة وحدها),دون أن تكون لنا منفعة مادية ومعنوية بادية للعيان,بمعنى أخر إن المواطن الفقير(الفقير ودون خط الفقر)بحاجة ماسة لتلك المصاريف الخيالية
(يضاف إليها بالطبع أموال تهيئة مستلزمات القمة العربية)
,أيهما أولى من وجهة نظركم الوطنية أو الأخلاقية(الإسلامية)الشكليات الامبريالية الرأسمالية (الذي شهدنا اعتراض البنك الدولي على موازنة الحكومة السيادية للعام 2012),أم إنصاف شريحة الفقراء والمحتاجين من الأيتام والأرامل والعجزة والعاطلين عن العمل الخ.
إن الفوضى العارمة التي تهدد وحدة وامن واستقرار العراق,المصحوبة أحيانا برغبات وأجندات الخارجية,والمتعلقة بأزمة إعلان الأقاليم(السنية),هي ليست وحدها إلاشارة الشعبية المتوقعة أن تتفاقم وتنتقل إلى مناطق أخرى(الجنوب),لتكون شرارة الفوضى الناسفة لمجمل الانجازات (على قلتها وبساطة ملامحها)المتحققة في العملية الديمقراطية المتعثرة.
إن غياب هيبة الدولة بفعل عوامل داخلية وخارجية,منها ما يتعلق بحجم الفساد المالي والإداري المستشري في معظم مفاصل الدولة,والطلدولة,والطريقة التي تمت بها دمج المليشيات في الأجهزة الأمنية والعسكرية ,ومنح الرتب العسكرية خارج نطاق الاستحقاق العسكري الفعلي ,ووفقا للحسابات الفئوية الحزبية والشخصية,يضاف إلى ذلك تصادم الرؤى وتعارضها بين الكتل السياسية الحاكمة,واختلاف وجهات النظر الحادة والملغية للطرف الأخر,مع شيوع ظاهرة التشكيك والاتهامات المتبادلة,مع تذبذب وتراجع الوضع الاجتماعي والأخلاقي لبعض أفراد المجتمع العراقي
(الذي بدئنا نسمع عن شيوع ظاهرة الجرائم العائلية-أخ يقتل أخاه-ابن يقتل أمه أو أبوه,البعض يقول إنها حوبة دماء الأبرياء……..,الخ.),
كل هذه الملفات لا تدعم رحلة السيد المالكي وطاقمه الحكومي إلى الولايات المتحدة الأمريكية,لأننا لسنا في موضع الكفء لإجراء علاقات ثنائية بين السيد والعبد.
أما حديث السيادة والانسحاب فهذا لا يغني ولا يسد حاجة المواطن,الذي يبحث عن الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني إضافة إلى متابعة بقية المجالات الحيوية
(تقليل حجم البطالة-وضع الشخص المناسب في المكان المناسب-محاربة الفساد والمرتشين والمجرمين-الخ)
,كيف ٮ)
,كيف يمكن للمواطن المحروم من حقوقه منذ عقود, أن يتقبل واقع المنتفعين الجدد,شركات خاصة بالمسؤولين وسماسرة ووسطاء ينهبون ثروات البلد
( أين قوانين من أين لك هذا-استغلال المنصب للمصلحة الشخصية-الإثراء على حساب المنصب-تعيين الأقارب)
,مع الإهدار الواضح في مسائل اعتبارية قد تكون مهمة لكنها ليست بأهمية المعوزين من أبناء الشعب وحاجتهم الضرورية للحصول على مأوى(أيضا الحصول حصة تموينية كاملة) ,أو كوخ يشعرون به بوجود قيمة معنوية لمواطنيتهم,بدولة وحكومة مسؤولة عنهم,
(كان الأولى بهؤلاء المفسدين إن يتعلموا من الأمريكان كيفية سرقة أموال الدولة,هناك لاينشأ المسؤول شركة للنهب ,بل تعينه شركة عملاقة كمستشار, أو مدير ,أو خبير, يكون راتبه عبارة عن هدية أو هبة,ولهذا قامت الدنيا ولم تقعد على أموال آل بوش وتشيني لأنهما أصحاب شركات-بينما عندنا السرقة واضحة وأمام الأعين,المسؤول ينشأ شركة للاستحواذ على عطاءات وعقود الدولة,الغير مهيأة إطلاقا نحو الاقتصاد الرأسمالي الاستثماري,لغياب البنى التحتية الساندة للاستثمارات الداخلية والخارجية,علما إن الشركات في العالم الغربي جميعها كفوءة ولا تغش إطلاقا)
الاعتراض الذي نشير إليه(حول مصاريف الرئاسات الثلاث)ينم عن الشعور والإحساس الشعبي المشترك حول المخاوف المستقبلية المجهولة,التي سترافق الفراغ الاستعماري في العراق بعد اكتمال عملية الانسحاب الكاملة,وهو ما تتحدث عنه الأوضاع المتصاعدة في مناطق التواجد العربي السني,بتكرار دعواتهم لإقامة الأقاليم الدستورية(�راد منها الباطل),الأمر الذي اقلق الوضع السياسي والاجتماعي والأمني,وتسبب بإشاعة فوضى القرارات المحلية الصادرة من مجالس المحافظات والمخالفة للدستور أيضا.
الحلول لن تأتي بالعصا السحرية ولكن بالعودة للخبرات والكفاءات والطاقات الفكرية والثقافية والعلمية والأكاديمية عموما,لكي تساهم بعملية تنظيم البيت الداخلي دون الحاجة لاعطاءهم مناصب سياسية,وإنما السماح لهم بالعمل ضمن اللجان الاستشارية الخاصة بالمؤسسات والأجهزة الحكومية المحلية والمركزية,فهي صمام أمان لمتابعة تطبيق النظام الديمقراطي الحديث
خيبة الأمل تأتي ضمن رسائل البذخ الحكومي المستمرة,وغياب الوعي الوطني لبعض الأحزاب والكتل السياسية الواقفة خلف الدعوات المطالبة بتطبيق النظام الفيدرالي في هذه الأوقات السيادية الحرجة,وهو أول اختبار حقيقي للحكومة والشعب العراقي,التي يقف عليها مستقبل البلاد,بعد رحيل أخر جندي من أرضنا,فهل نحن أهلا للمسؤولية التاريخية لمنع عملية اللبننة والأفغنة الفوضوية في العراق الجديد.

أحدث المقالات