14 أبريل، 2024 3:02 ص
Search
Close this search box.

البحوث العلمية من الصعود الأكاديمي الى الانحدار التجاري

Facebook
Twitter
LinkedIn

تطرقت صحيفة الصباح بعددها الصادر يوم الاربعاء الموافق 27 تشرين اول لعام 2021 لاخطر موضوع يمس حياة جامعاتنا العلمية وينتهك ابسط مقومات سمعتها الاكاديمية ، الا وهو موضوع انسحاب التندي الاخلاقي الى البحوث العلمية والأكاديمية لتتحول بموجبه الى سلع تجارية رخيصة تباع عند مفارق الطرق الجامعية او في مكتبات قريبة من هذه الكلية او ذلك المعهد ، وهو عمل مشين لم تعهده جامعاتنا ولم نمر به نحن طلبتها منذ الخمسينات والستينات حتى لحظة سقوط بغداد الاخير الذي كان كسقوطها زمن هولاكو حيث اتى على الكتب والمخطوطات وحول ماء دجلة كما قيل الى ماء أزرق لزرقة الأحبار التي كتبت بها المعارف والعلوم ، وهجمة اليوم لا تختلف عن تلك ، فقد بدأت بقتل الاكادميين والعلماء والاطباء واساتذة الجامعات ثم تحولت بعدها الى تبليد الطلبة ابتداءا من تلاميذ المرحلة الابتدائية مرورا بالثانوية وصولا الى الاكادمية ، وهي جهود أفضت إلى نتائج عكسية لما أراده المعلم العراقي الأصيل والأستاذ الجامعي الأمين ، والأسباب الكامنة وراء كل ذلك هو تسليط الأميين على مقدرات الدولة وتنصيب مزوري الشهادة العلمية على الوظيفة العامة او تعيين الوزير غير المختص لوزارة مسؤولة عن تربية وتعليم الاجيال بقصد تحقيق القسمة السياسية والمحاصصة الطائفية ، وقد سألت يوما أحد الطلبة الدارسين في مرحلة الماجستير في علم الاقتصاد ، ما المقصود بالتضخم والانكماش .؟ اجاب لسؤ تعليمه ،، انا ادرس الاقتصاد الاسلامي،، وكان الاقتصاد الاسلامي لا يتطرق لتضخم السوق او انكماشه .
ان ما يجري اليوم هو تدني واضح وتخبط صريح في واجبات وزارة التربية ، وهذه الحالة كانت قبل الجائحة وتحولت هذه الوزارة تدريجيا الى وزارة مربحة حالها حال الوزارات الاخرى ولم يعد المنهج العلمي الرصين هدفها او الطالب المتمكن مقصدها وصارت المدارس فيها غير جاذبة والمناهج طاردة لعدم موائمة هذه المناهج كما كان معمول به سابقا لاعمار التلاميذ . وصار الامتحان هدف الوزارة وتخريج الدفعات بلا رقيب ولا حسيب وهو في نهاية المطاف عبئ جديد على التعليم العالي وكثيرا ما يتخرج الطالب من الاعدادية وهو غير ملم حتى بمبادئ لغته العربية ، وصار لا يكتب برصانة ويلحن في القراءة ، وهكذا يمتد التدني الى العلوم الاخرى لتبدأ بعدها مرحلة التراجع الأكاديمي ومرده الى أستاذ جامعي زور شهادته العلمية او تعيين آخر لأغراض حزبية او إنشاء جامعة تجارية أهلية او جامعة دينية أخلت بمعايير القبول الأكاديمي ، او تعيين عميد غير جدير بها ، او تنصيب رئيس لجامعة محسوب على هذه الكتلة او تلك ، وتراجعت الأساليب والطرق العلمية بين جامعة رصينة لا تستطيع تنفيذ مقاصدها لأسباب سياسية ، او جامعة لا تليق بهذه التسمية لأسباب ايضا سياسية ، وطالب مسيس او كسول قليل المعرفة غير خجول ، وبين قوانين تجيز التعادل العشوائي للشهادة العلمية يمنحها كل من هب ودب او يصادق عليها من لا اختصاص لديه ، وهكذا صارت البحوث العلمية تعامل على وفق معاييز الزمن الاجوف الذي لا يحتوي الا على معايير التبويب السياسي والتقييم الحزبي ، وافة تسويق البحوث الصفية او الرسائل العلمية لم تعد تخجل الحكومات المتعاقبة ، لانها حكومات لاهية في النخاسة السياسية ، ولم يعد يهمها البحث العلمي بقدر ما يهمها البحث السياسي ، وصارت عندنا البحوث العلمية والاكاديمية غير مجدية لانها لا تنتج المليارات لاصحاب المناصب الرفيعة ، ولم يعد الكثير من الأساتذة الجامعيين الآن يعيرون الأهمية للبحوث العلمية ، او لم تعد رسائل الماجستير والدكتوراه تخضع لذات القيود التي كانت تمنح بموجبها سابقا ، ولم يعد على ما يبدو ، ان يقارن الأستاذ بين الرسالة وعقلية حاملها .
ان وزارة التعليم العالي ومن بعدها القوى الأمنية مدعو كل منهم من جانبه لمتابعة عمليات بيع الرسائل والبحوث والعمل على محاربة هذه الظاهرة لانها أمضى سلاح فتاك بيد من يريد للعراق المزيد من النكوس أمام تقدم مذهل يشهده عالمنا المعاصر…

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب