18 ديسمبر، 2024 9:58 م

امامي البحر ومن يكن البحر امامه  وينظر اليه متأملا يسبح في  فضاء فسيح ,تتكشف له قصص و حكايا .

  البحر اسطورة الزمن  واحجية العصور فيه تتجلى آيات البارئ المصور واشعر انني واياه على وفاق دائم ,روحي تعشق البحر وتتلاحم الروى وتزدحم في بوتقة الزمن ولا تتلاشى في دياجير النسيان .

البحر يمنحني الانعتاق فأعيش فضاء الحرية واكون نفس حرة تؤمن بالحياة نفس تؤمن بان الانسان يولد حرا بريئا صافيا ومن اعظم الآثام  ان تشوهه الاتجاهات والمصالح وتحطم كرامته المطامع وتسلب حياته الحروب.

لم اشاهد البحر قبل اليوم كوني ولدت في مدينة لاوجود للبحر في تضاريسها ولا تجاور مدينة تطل على البحر ولكني رغم هذا احب البحر واشكل له صورا رائعة من خلال القراءة او مشاهدة الصور او المشاهد التلفزيونية ولكني ابدا بقيت أحلم بمشاهدة البحر مشاهدة حقيقية وحدث ذلك فعلا اثناء زيارتي للملكة العربية السعودية بلاد مكة ومنى والمدينة المنورة البلاد المباركة التي تحج اليها الأرواح والقلوب قبل الاجسام وتطير لهاالاشواق شعاعا حين تغلق منافذ تحقيق الاماني .

اجل البحر امامي .….

اي بحر…؟

هو البحر الاحمر

اي مدينة…؟

انها مدينة جدة .

كم من اللحظات السعيدة امضيت فيها وان كانت قصية ولكنها لحظات سعيدة تركت في النفس آثارها .

التقيت البحر لأول مرة في تلك المدينة الحبيبةالرائعة التي وفدنا اليها ضمن وفد الزائرين المعتمرين وتحقق اذ ذاك الحلم .

وجها لوجه امام البحر الذي احببته دائما وحلمت فيه كثيرا وتلك منة من الله تعالى .

ما زلت استذكر تلك اللحظات واستعيد تلك المشاهد ومازلت استرجع في مسمعي صوت البحر انه صوت الموج هدير المياه المتدفقة تتقدم وتتراجع كأنها كائن يدعوك لتتقدم نحوه  يدعوك لتصافحه وحين لا تفعل يرجع عنك معلنا الخصام وربما تقدمت منه ومددت يدك تغترف قطراته الفضية  تشعر بالطمأنينة تغمرك فهذا حبيب وصديق.

وجها لوجه امام القوارب التي تمخر عباب الموج تنقل الزوار وتعبر بهم الى مسافات ومسافات يغمرهم فرح وحبور فهم ايضا اصدقاء البحر.

وجهت لي الدعوات لأركب القارب لكني امتنعت فرغم حبي للبحر الا انني اخشى ان اركب قاربا والمانع هو (فوبيا ).!!!

ارتسمت الدهشة على وجوه الاصدقاء واصابتهم خيبة الامل وعلقوا على الامر بعبارة (كيف الشعور بالفوبيا من ركوب البحر….هذا مغاير تماما للحب الكبير للبحر)…؟

انه تساؤل  …انه ايضا استنكار…هو سؤال استنكاري اذن ولكن هذه هي الحالة التي انا اشعر بها ,حب كبير وخوف وفوبيا ,البحر بالنسبة لي حبيب أمين وجبار عنيد اخاف منه.

مدينة جدة الحبيبة شوقا وحبا واملا في العودة ان شاء الله تعالى .

………………………………

يطير النورس ,لونه الأبيض يشع مع شعاع الشمس ,تنعكس صورته على صفحة الماء.

الماء….أي ماء هذا…؟

انها بحيرة الرزازة

بحيرة الرزازة  وهي كما جاء في ويكيبديا هي مسطح مائي يقع بين محافظتي كربلاء والانبار يستمد مياهه من نهر الفرات .وتعد ثاني أكبربحيرة في العراق  وهي جزء من وادي واسع يضم بحيرات الثرثار والحبانية وبحر النجف وتقدر مساحتها الكلية ب(1810)كيلو متر مربع وتبلغ مساحتها الكلية للخزن (26)مليار متر مكعب  فيما يصل اقصى منسوب للخزن فيها (40)م فوق مستوى سطح البحر.

بحيرة الرزازة وما ادراك ما بحيرة الرزازة ….

البحيرة التي نشر النسيان عليها حجب الغفلة واشتدت اصابع الموت لتسلب الحياة من اجزاء كبيرة منها فتقلصت مساحتها واندثرت مأثرها ولم يجد زائرها مرفأ او متنزه او مساحات للجلوس لكنهم ابدا لن يتخلون عن بحيرتهم هذا ما شاهدته عيانا بتاريخ 25/10/2024.

كان الطريق المفتوح الى البحيرة رمليا متموجا ومع هذا تظل المركبات تتهادى اليه قاصدة قضاء وقت ممتع قريبا من تلك البحيرة .

بحيرة الرزازة بواقعها البائس الحالي ورغم ذلك  سعت للقائها الاسر وسعى للقائها الافراد وشهدت فرحة الاسر وفرحة الكبار والصغار بل وجدت البعض من سائقي المركبات يشيرون الى الطريق الاسلم للوصول الى المشاهدة الافضل والاطلالة الاجمل رغم الاهمال الذي يبدوا متعمدا للتقليل من شأن هذه البحيرة الرائعة التي يجب ان تكون احد اعمدة السياحة ومقصدا للترفيه العائلي وهذا يتطلب جهدا متواصلا من قبل المتصدرين لهذا الامر وان يضعوا في خططهم تطوير وازدهار هذه البحيرة بل وهذه المحافظة بل وهذا الوطن.

ليست البحيرة هي الوحيدة في هذا الاهمال بل هناك معالم كثيرة في هذه المحافظة وفي هذا الوطن لا تجد الاهتمام والجهد  لتتبوأ شانها السياحي او التاريخي او الديني او الثقافي .

اذكر على سبيل المثال لا الحصر( حصن الاخيضر) حين فكرنا ونحن في الطريق الى زيارته سألنا احد افراد السيطرة عن امكانية زيارة ذلك الحصن فاخبرونا بإمكانية ذلك ولكننا بعد ان وصلنا الحصن فوجئنا بمنعنا من الزيارة وذلك بسبب الترميم واعمال البناء التي كانت تبدو ظاهرة وهذا شيء جيد ولكني غضبت لكلمة قالها احد العاملين في ذلك الحصن وجاء بصورة سؤال استنكاري مفاده عبارة(لماذا هذا الاهتمام بزياره هذا الحصن فهذا مجرد مكان () هو ليس مقام نبي ولا مقام امام)….!!!!

هكذا يطغى هذا التفكير على البعض وما يؤسف له ان يكون لهذا البعض صوت وتأثير في صنع القرار اي قرار.

ربما عبرت الافاق وربما عبرت الزمن فارتسمت صورة اخرى لهذه الصروح الاثرية والسياحية في قادم الاعوام ومستقبل الزمن فشهدت بحيرة الرزازة معلما سياحيا وترفيهيا تؤمه المئات والالاف كل يوم وتقدم لهم افضل الخدمات وبأساليب راقية فأنشئت المرافئ الامنة ومهدت اليها الطرق المعبدة وزرعت الاشجار الوارفة وانتشرت فيها المطاعم والفنادق وهذا هو ما نأمل ان يحدث اليوم او غدا او بعد الغد انه استحقاق بحيرة غمطت حقوقها ولا اريد ان اضيف كلمة اخرى …