لبيت الأسبوع الماضي دعوة كريمة من السيدة بيتسي ماتيسون الأمين العام لاتحاد الجاليات الأجنبية في البحرين لحضور إشهار جمعية “هذه هي البحرين”، والتي تم تأسيسها بعد سلسلة من الفعاليات الناجحة التي أقامتها المجموعة داخل وخارج مملكة البحرين.
تابعتُ على مدى الأشهر القليلة الماضية فعاليات هذه المبادرة النبيلة وكيف شد أعضاؤها الرحال إلى بقاع الأرض. الفكرة واضحة وهي حمل رسالة حضارية سامية من شعب البحرين إلى جميع أفراد شعوب العالم بكل ثقافاتهم ودياناتهم وطوائفهم.
ليس مستغربا على البحرين أن تبدأ هذه المبادرة النبيلة، فقد تم انتخاب البحرين لرئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2006، وعُينت بموجبها المحامية هيا بنت راشد آل خليفة رئيسا للجمعية العامة للأمم المتحدة، وثالثه امرأة في التاريخ لرئاسة المنظمة الدولية. كذلك نجحت البحرين في تعزيز المساواة بين الجنسين؛ فالمرأة البحرينية عضو فاعل في البرلمان، وأصبحت سفيرة ووزيرة.
تزامنا مع هذه التطورات الهامة، شهدت البحرين أيضا أجواء الانفتاح والتسامح لترسيخ أحد أهم مبادئ الإنسانية التي تقوم على ضمان حرية المعتقد للجميع كحق يكفله الدستور والقانون. الشواهد كثيرة؛ فالبحرين تحتضن مختلف الأديان والطوائف بما فيها الأوقاف السنية والجعفرية والأرثوذكس والمعبد اليهودي والسيخ الهندية والهندوسية والمعبد البوذي والكنيسة الكاثوليكية.
كان لي شرف حضور مناسبتين هامتين في مسار تدشين رحلة “هذه هي البحرين” النبيلة. الأولى كانت ضمن زيارة مجموعة من الكُتاب والإعلاميين للملك حمد بن عيسى آل خليفة في مجلسه للتعرف على هذه المبادرة الطيبة. مازلت أتذكر قوله “البحرين حاضنة لجميع من يعيش على أرضها ويعمل لخيرها وصلاحها، دون أي تفرقة أو تمييز”. المناسبة الثانية هي تلبية دعوة فعالية “هذه هي البحرين” لحضور غبقة رمضانية في كنيسة القلب المقدس في المنامة والتي احتضنت جميع مكونات المجتمع بمحبة وسلام.
فعالية “هذه هي البحرين” زارت دولا كثيرة، وأثبتت للعالم أنها تحترم جميع الطوائف والجنسيات، وتحرص على نبذ الحقد والكراهية وتضمن حرية الأديان. الآن وقد أصبحت جمعية رسمية “هذه هي البحرين” سيكون لها مقرها وناديها الاجتماعي الخاصين بها. كذلك هناك جهود للبدء في تصوير فيلم “هذه هي البحرين” ليجسد نجاح هذه الفكرة النبيلة، وسيتم عرض الفيلم في المهرجانات السينمائية في جميع أنحاء العالم عن فئة السينما الأجنبية.
نعم هذه هي البحرين، مهد الحضارات والمثال الحي للتعايش السلمي بين مختلف الطوائف والأديان ونبذ الإرهاب واحترام جميع الثقافات. الرسالة واضحة؛ في البحرين تُقام الصلاة في المسجد بجانب المآتم، والمعبد بجانب الكنيسة والكل يعيش في وئام وسلام.
على الضفة الأخرى من الخليج العربي، يتشدق ملالي طهران بصراخهم ولطمهم وشعاراتهم الفجة تبركا بمشاريع الولي الفقيه التوسعية. شتان بين الضفتين؛ الأولى تذخر بالوجدان والأخلاق الحميدة والثقافة والتعايش السلمي والإنسانية، والثانية صراخ وطمع وفراغ وعويل وفقدان للهوية. على طهران أن تفهم أن الإخوة من الطائفة الشيعية الكريمة في البحرين وغيرها لن ينصاعوا لأكذوبة ولاية الفقيه. باختصار، ملالي الفتنة لن يبنوا حضارة.
نجاح “هذه هي البحرين” كما قالت السيدة ماتيسون، يرجع إلى جهود كل فرد في فريق العمل وخارجه ممَن عملوا بجد لدعم المبادرة. أضيف أن بجانب جهود السيدة ماتيسون وفريقها، يقف جنود مجهولون وراء نجاح جمعية “هذه هي البحرين” وأخص بالذكر القديرة فوزية زينل. أما “الدينامو” المحرك للجمعية، فهو عضو مجلس الشورى سمير البحارنة، المشرف على المبادرة الذي يعمل بصمت ولا يكترث لتصدّر الأخبار في وسائل الإعلام. وهذه ميزة نادراً ما نجدها في قادة مبادراتنا العربية الإنسانية.
نقلا عن العرب