فوضى الدعايات الانتخابية التي شهدتها مدن العراق قبل البدء بانتخابات مجالس المحافظات، حيث العشوائية في طرق الاعلان والغرابة في طرق اللجوء لكسب صوت الناخب التي وصل البعض منها حد السخرية ، وكذلك الاصرار الغريب من قبل العديد من أعضاء مجالس المحافظات على الترشيح لدورة ثانية بالرغم من الاخفاق الذي لمسه المواطن في ادارة ملفات محافظاتهم وبالتالي عدم ايفائهم بالوعود التي قطعوها لناخبيهم ، كل ذلك أحالني الى قصة الرئيس الفرنسي (شارل ديغول 1890 ـ 1970 ) الذي ينظر الفرنسيون اليه الى انه الأب الروحي للجمهورية الفرنسية الخامسة يوم اعتزل السياسة العامة في أواخر الستينيات وذهب ليقضي حياته في قرية ، وقد عبر بذلك التصرف والزهد في امتيازات السلطة عن المثل الذي يقول ان خير الممثلين هم الذين يتركون المسرح والجمهور مازال متعلقا بهم وليس أولئك الذين يصممون على الوقوف على خشبة المسرح حتى وان قذفتهم الجماهير بالحجارة ، ونحن قد مررنا بعدد من الدورات الانتخابية ، نتساءل .. هل تمكنت العملية الديمقراطية من بلورة وعيا راقيا ومسؤولا عند جمهورعريض من الناخبين بحيث يعرف هذا الجمهور الطريق السليم والأفضل لاختيار مرشحيه ؟ وهل نملك مثل هذا الجمهور الذي يتجاوز أخطائه حينما تتاح له فرصة جديدة لاختيار من يمثله ويحقق له ولأجياله سبل العيش الكريم ؟.
ان واقع الحال الذي نحن فيه ونتائج انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة تشير الى ان بعضنا لايزال بعيدا عن هدف الوصول الى مانطمح اليه من ناخب واع يدرك أهمية صوته في تغيير الحال نحو الأحسن ، وكذلك امامنا مشوار طويل للحصول على مرشح ينظر الى السلطة على انها شرف وطني وليست مغنمة وطريق لتحقيق المنافع ، الشيء الذي يدعوللأسف حقا هو ان بعض الناخبين غاب المستقبل عن ذهنهم و حضرت الحزبية والعشائرية والمناطقية والمذهبية وهم يتوجهون الى صناديق الاقتراع وبالمقابل ارتضى العديد من المرشحين الفاشلين بأدائهم للاستمرار بالتمثيل على خشبة السياسة غير مبالين بحجارات الجمهور وشتائمه .