23 ديسمبر، 2024 3:14 م

البترودولار ومظلومية محافظة المثنى

البترودولار ومظلومية محافظة المثنى

البترودولار بالمعنى الاقتصادي هي العائدات بالدولار الأمريكي التي تدفع للبلدان المصدّرة للنفط مقابل النفط , لكنّ هذا المصطلح له معنى آخر في العراق , فهو يعني النسبة المستقطعة عن كل برميل للنفط تنتجه المحافظات المنتجة للنفط , وحسب قانون المحافظات الجديد فإن هذه النسبة هي خمسة دولارات عن كل برميل منتج , وبطبيعة الحال فإن هذه الموارد المالية ستستفيد منها المحافظات المنتجة للنفط حصرا , وهذا مما يساعدها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية , فمثلا أنّ محافظة البصرة ستكون المستفيد الأكبر من قانون البترودولار نظرا لكونها المنتج الأكبر للنفط في العراق .

وفي المقابل هنالك محافظات لا تنتج النفط كمحافظات الفرات الأوسط والبعض منها كمحافظة المثنى تعتبر من المحافظات الفقيرة والبائسة جدا , فموارد هذه المحافظة شحيحة جدا ولا تكفي حتى لتقديم الخدمات المطلوبة , ففي هذه الحالة يكون قانون البترودولار نعمة للمحافظات المنتجة للنفط وإجحافا للمحافظات غير المنتجة للنفط , مع العلم أنّ الدستور العراقي قد أقرّ بأن واردات النفط والغاز توّزع بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلد بما يحقق العدالة الاجتماعية بين العراقيين ويعالج ظاهرة الفقر في المحافظات الجنوبية والوسطى من العراق .

والجميع يعلم أنّ المحافظات الجنوبية والوسطى قد عانت من الفقر والإهمال خلال كل الحقب و الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق , ولا زالت هذه المحافظات وبالرغم من وجود الثروة والنفط فيها , تعاني من شحة الموارد التي تنهض بأعباء التنمية الاقتصادية والاجتماعية , إضافة إلى غياب التخطيط العلمي المدروس والهادف للنهوض بواقع هذه المحافظات المزري .

واليوم أريد أن أتحدث بالخطاب المناطقي كغيري من العراقيين الذين لا يترددون من طرح هذا الخطاب , فنحن ولله الحمد محافظة هي الأولى في الفقر والإهمال والبطالة وتردي مستوى الخدمات وانعدام مشاريع الإسكان والبناء وانعدام المشاريع الأقتصادية والاستثمارية والأولى بالإهمال الحكومي المتعمّد , مع العلم إن أبناء هذه المحافظة هم من أشعل شرارة الثورة العراقية الكبرى عام 1920 , وكانوا على الدوام في مقدمة أبناء الشعب في كل انتفاضاته ضد ظلم الأنظمة المتعاقبة , فهم من أوقفوا قطار الموت في السماوة لينقذوا حياة المئات من المناضلين الذين أرادت سلطات الحرس القومي القضاء عليهم , في واحدة من أروع الملاحم البطولية لأبناء هذه المحافظة , وهم أول من خرج على طغيان النظام البعثي المقبور عام 1979 في أول تظاهرة احتجاج ضد هذا النظام الدموي , مقدمين المئات من خيرة شبابهم قربانا على مذبح الخلاص والحرية من النظام الديكتاتوري المجرم .

فمن حقهم مطالبة الحكومة الحالية برفع الغبن والحيف المتراكم عنهم واعتبار المحافظة من المحافظات الأولى بالرعاية والإعمار والبناء والخدمات , وبهذه المناسبة أدعو مجلس المحافظة أن يفرض ضريبة على كل سيارة تمر من خلال المحافظة , وهذا إجراء تستخدمه الكثير من المدن الأوربية الفقيرة من أجل زيادة مواردها المالية , في الختام ندعوا الحكومة أن تنصف محافظة المثنى وأهلها وأن تنفض غبار الإهمال والحيف عنها , ولا نطلب إلا بمساواتها بمحافظات الرمادي وصلاح الدين والنجف وكربلاء .