تحت عباءة الدين ( 39 ) عام من الترويع والقتل والانتهاكات والقمع الدموي , فمنذ تأسيس مايسمى بقوات التعبئة الشعبية أو المتطوعون اللذان يعرفان بالباسيج عام 1979 أصبحت الحياة السياسية والاقتصادية والمجتمعية للدولة الفارسية الإيرانية رهينة و مقيدة بسلاسل هذه العصابات المافيوية , إن 93% من المنتسبين إلى قوات الباسيج هم من أبناء الريف الفقير الذين وجدوا فيها مصدرا لامتيازات حرموا منها، وأسهل طريقة للحصول على دخل ثابت ,والانتساب إلى الجامعة بسهولة فائقة , تصوروا إن “65% من الموظفين في الدولة هم أعضاء فاعلون في هذه المنظمة الأمنية” كما أن طالبا إيرانيا واحدا من بين كل ثلاثة طلاب يمكن أن يكون عضوا فاعلا ومدربا فيها، بسبب قانون نافذ في إيران يخصص نسبة 40% من المقاعد الجامعية لأعضائها.
كل امة تأتي تلعن أختها, فبدلاً من توفير الحياة السعيدة والرفاهية الكاملة وتحقيق التطلعات المنشودة للشعب الإيراني الواعي والذي منح كل الثقة للخميني بل قدم الدماء والأرواح قرابين في سبيل الحرية ومشعلها , نجد إن الزعيم روح الله الخميني وعلى خطى الطواغيت والجبابرة ومنذ اليوم الأول لنجاح ثورتهُ دعا إلى إنشاء “جيش من عشرين مليون رجل” لحماية الثورة ونظامها السياسي والديني ؛ فهو قدم نسخة مطورة من الحزب الذي أسسه شاه إيران محمد رضا بهلوي وسماه “راستاخيز” (يعني البعث أو النهضة)، وأرادهُ قاعدة شعبية مكينة لحماية نظام حكمه الجائر والتغلغل في كل مفاصل المجتمع , لكن الخميني بدهاء العقل الفارسي استفادة من قواعد اللعبة البهلوية في ترهيب المجتمع حيث استطاع من مأخاة الباسيج وزرعه كعضو فعال في هيكلية الجسم العسكري للجيش الإيراني الذي يتألف من الحرس الثوري الإيراني وكتائب الحرس الثورية الإيرانية , وبهذا تمكن من جعل قبضتهُ متحكمة لكل من تسول له نفسهُ الخروج سواء كان حوزويا قـُمياً كأية الله العظمى منتظري الذي عاش حبيس الإقامة الجبرية حتى إن نجاسته كانت تحته ولا يسمح بنقله أو معالجته حتى فارقتهُ الحياة , أو سياسياً ككروبي وموسوي حسين اللذان يقبعان تحت حراسة مشددة ولا ادري أي ولاية دينية هذه التي قامت على القمع وإسكات الآخرين بالقوة .
لقد قدم الباسيج كل أنواع وصنوف وعبودية الولاء للملالي وللمرشد الأعلى بصورة خاصة , حيث استطاع من كبح وقمع كل معارضة سياسية تحاول المطالبة بحقوق الشعب الإيراني كما فعل عام 2002 عندما قمع بالحديد المظاهرات الطلابية التي رفعت بعض المطالب الإصلاحية , وفي عام 2009 حيث الانتفاضة الشعبية الأكبر على حكم رجال الدين وظلمهم ,حيث نزلت قوات الباسيج بقوة وكثافة إلى الشوارع الإيرانية لقمع مئات الآلاف من المتظاهرين وأطلقت عليهم الرصاص الحي وقتلت منهم الكثير حتى كبحت جماح الأحرار المطالبين بالخبز وتوقفت احتجاجاتهم التي عرفت بالثورة الخضراء .
وفي الخارج تدخلت الباسيج كنوع من فرض الإرادة لحماية المصالح الإيرانية في العراق تحت حجة حماية الأماكن المقدسة كما وأرسلوا الآلاف من قواتهم إلى سوريا لقمع الثورة السورية وإخماد هديرها بل وتقديم كل الدعم لنظام الدكتاتور بشار الأسد , وفي دلالة على عمق وتعدد الأدوار الخارجية الموكلة إلى هذه القوات؛ قال المرشد الأعلى للثورة خامنئي -يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 خلال لقائه قادة ومسئولين في الباسيج- إن إيران “أصبحت غير قابلة للهزيمة بسبب وجود الفكر والعمل الباسيجي الذي وصل إلى العراق وسوريا ولبنان وغزة، وسيصل إلى القدس المحتلة قريبا”.
ونقلت وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية مطلع عام 2014 عن قائد قوات الباسيج الجنرال محمد رضا نقدي (ذو أصول عراقية) قوله إن بلاده تعتزم إنشاء وحدات لمنظمته في الأردن ومصر بعدما خاضت تجربة تشكيلها في فلسطين ولبنان .
إذن كل الأموال والموارد النفطية والغازية والنووية والثروات الطبيعية ومصادر دخل الأماكن السياحية والمقدسة وكل موارد الصناعات والزراعة هي تحولت إلى عتاد مكدس وبراميل متفجرة وعبوات لاصقة ومسدسات كاتمة تحت يد و إشراف وتصرف هذا المارد والوحش الدموي والذي يتغذى على لحوم شعوب المنطقة العربية في سوريا والعراق ولبنان ويشرب من دماء شعبهُ المسكين الجائع والذي ناهز على 98 مليون نسمة .