يبدو ان تحذيرات زعيم دولة القانون نوري المالكي من عودة حزب البعث، لم تأتي من فراغ، وقد تكون مبنية على المعلومات ذاتها التي كشف عنها اياد علاوي، بافتتاح فرع للبعث المنحل في اربيل وبتوجيه من البارزاني، مع فارق التوقيت وثبات الاول على موقفه، وتقهقر الثاني امام رياح الجبل القادمة من مصيف صلاح الدين..
علاوي الذي اطل علينا خلال الاعلان عن تأسيس حزب يحمل عنوان المدنية، فجر العديد من “القنابل الموقوتة” اولها تحدث عن مرحلته مع البعث وتشرفه بهذا الانتماء، واستذكر واحدة من “بطولاته” بمحاربة الحزب الشيوعي، على الرغم من وجود العديد من القيادات الشيوعية في حركته الجديدة، وكانوا يستمعون لخطابه “بصمت” ابرزهم رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب والقيادية هناء ادور، ولم تتوقف استعراضات ابو حمزة عند مآثر البعث وتاريخه، ليحول الخطاب هذه المرة باتجاه كردستان متحدثاً عن تأسيس فرع للحزب المنحل في عاصمة الاقليم وباشراف مباشر من كاك مسعود، في رسالة احرجت السلطة الكردية ودفعت الحزب الديمقراطي الكردستاني للاستعجال باصدر بيان نفي واستغراب من تصريحات علاوي، وتساؤلات عن الاسباب، والتوقيت الذي اختار فيه زعيم ائتلاف العراقية سابقا “بث” هكذا معلومات تضع الشريك القديم للقوى الشيعية ورافع راية النضال ضد البعث في موقف لا يحسد عليه، امام جمهوره من ضحايا المقابر الجماعية والانفال وابادة البارزانيين، على اقل تقدير.
لكن بالعودة لارشيف المواقف الكردية وتحديداً قبل ثلاثة ايام او اكثر بقليل، سنشاهد تصريحات للوزير الاسبق هوشيار زيباري خلال لقاء تلفزيوني، يصف فيها حزب البعث بالاحرار، وخاطب مقدمة البرنامج السياسي التي تساءلت عن حقيقة وجودهم في اقليم كردستان، بعبارات “من حق جميع الاحرار التواجد على ارض الاقليم” وحينما استغربت المقدمة من طرحه، رد عليها، “كانت لدينا علاقات مع اعضاء بالقيادة القطرية لحزب البعث”، وهنا، نكون امام اكثر من سيناريو لاسباب تصريحات علاوي، ابرزها، حديث زيباري قد يكون تمهيداً لدفع جهة سياسية مِن خارج كردستان لتبني الاعلان عن وجود الحزب المحظور في اربيل، ليرد بعدها البارتي باستعراض للمواقف، يفند خلالها الرواية، ويستغلها في الوقت ذاته، لارسال اشارات ابتزاز جديدة للحكومة المركزية، هدفها كسب قضية رواتب موظفي الاقليم وبالشروط التي يضعها كاك مسعود.
وحتى لا نبتعد عن فصول القصة.. نعود للحزب الشيوعي الذي خرج من “صمته” بعد مشاورات استمرت لساعات، ليعلن مغادرة سفينة علاوي الجديدة التي تحمل “عجائز السياسة” كاسرع انسحاب في تاريخ الاحزاب، من خلال منشور مقتضب على صفحة رائد فهمي بمواقع التواصل الاجتماعي، برر في سطوره حضور قيادات الحزب لحفل انطلاق تجمع علاوي قائلاً “كنا مجرد ضيوف ولسنا اعضاء” ليضعنا امام مشهد كوميدي لا يبتعد كثيراً عن مسرح العملية السياسية وتقلباتها “المضحكة”.
الخلاصة… ان اياد علاوي حينما وصلته رسل كردستان، واخبار براءة الحزب الشيوعي، طبق نظريته الشهيرة (والله ما ادري)، واختار التراجع عن تصريحاته بافتتاح فرع للبعث في كردستان، بهجمة “مرتدة” نفذها تحت شعار “سوء الفهم”، مدعيا بان كلامه “تعرض للإجتزاء والتفسير غير الدقيق” بطريقة تعودنا عليها في التغطية على النوايا التي تكشفها زلات اللسان… اخيراً… السؤال الذي لابد منه.. هل فتح التغيير في سوريا شهية علاوي لاحياء تراث البعث والتشرف بالانتماء له؟…