23 ديسمبر، 2024 9:45 ص

البارزاني لم يتعلم الدرس

البارزاني لم يتعلم الدرس

السياسيون في العراق وفي بلدان عربية اخرى لم يبلغوا سن النضج رغم إن عمر بعضهم يتجاوز الستين! فكثير منهم مازالوا يصدقون بأن من يخدم أمريكا بـ(اخلاص) سترد له واشنطن الفضل وتبقيه على كرسي الحكم عشرات السنين أو الى أن يموت !
ورغم إن الواقع يكذب هذا الوهم، إلا أن الكثير من السياسيين في العراق مازالوا على ماهم عليه من ولاء لامريكا على أمل مقابلتهم بالوفاء. ولعل من الغريب إن هؤلاء السياسيين لم يتعلموا من درس شاه ايران وصدام من بعده وحسني مبارك وابن علي وغيرهم .
والسيد مسعود البارزاني واحد من هؤلاء السياسيين الذين مازالوا حتى بعد تلقي اللطمات واللكمات الامريكية ، إلا أنه ظل على العهد من دون أن يحصل على دليل واحد يثبت حسن ظنه بالادارة الامريكية .
كان السيد  البارزاني منذ سقوط النظام السابق يتباهى على غيره من السياسيين العراقيين الفاشلين والمتخلفين، يتباهى بانه رجل امريكا الاول في العراق، وإن سادة البيت الابيض والبنتاغون لايقررون امراً من دون أن يأخذوا رأيه، ويستمعوا الى نصائحه! فصدق الرجل هذه الكذبة، ومع الاسف صدقها حتى خصومه ، لانهم من نفس طينته !
امريكا في مناسبات عديدة تخلت عن حكام نصبتهم واعتمدتهم ولكنها في كثير من الاحيان كانت ترميهم الى الوحوش المسعورة بمجرد أن تنتهي حاجتها اليهم، ومن الغريب أن لايتذكر السيد مسعود أحداث عام 1975 عندما نصحت واشنطن شاه ايران بالتصالح مع صدام حسين في الجزائر بعد أن التقى الرجلان هناك على هامش مؤتمر خاص بالدول المنتجة للنفط. كان الشاه –وقتها- يدعم (ثورة كوردستان) بالمال والسلاح والغطاء السياسي. وبالطبع لا يقدم الشاه على هكذا مصالحة من دون ايعاز او أمر امريكي. وحين عاد الشاه من الجزائر استقبل بعد عدة ايام من وصوله طهران بعض السياسيين الاكراد. وكان سؤالهم الوحيد : ما موقفكم من الثورة الكردية بعد المصالحة مع صدام؟ ولم يجاملهم الشاه ولا حاول خداعهم عندما قال : إن مصلحة ايران لها الاولوية وقد اعطانا خصمنا السابق ماكنا لا نتوقعه. فانسحب الزعماء الاكراد من مجلسه بهلع وانكسار. وكانت الكارثة بعدها حيث ضاقت بالزعماء الاكراد الارض فمات معظمهم مقهوراً في المنافي او وقع في اسر صدام .
والسيد البارزاني ، لم ترسم تجربة احداث عام 1975 المريرة أي اثر على ذاكرته، ومع ذلك فان السنوات الاخيرة قد شهدت تجربة مريرة اخرى لسياسي عراقي ظل، هو الآخر ، يتباهى على غيره من السذج بأن امريكا لن تستغني عنه، وإنه ذراعها القوية، وانه مطمئن الى انها لن تفضل عليه أحدً.. لكن هذا السياسي، وهو اياد علاوي ، ذاق مرارة الشعور بالخديعه و وضع الثقة في غير أهلها . وعند أقرب فرصة لتحسين علاقة امريكا بايران، تخلت واشنطن عن حليفها وصديقها وصنيعتها. وعندما اشتكى علاوي هذا الانكار الذي أظهره الامريكيون ، قال له زعماؤهم إن وجودك على كرسي الحكم سيقودنا الى صِدام مع ايران وهذا ما لانريده! وانتهت فقاعة علاوي، رغم انه مازال يحاول جاهداً على ترديد احاديثه المملة بأنه رجل امريكا الاول والاخير في العراق !
قبل ايام تلقى السيد البارزاني لطمة، حين اتصل به نائب الرئيس الامريكي ليبلغه بخبر غير سار، وهو إن الرئيس اوباما  لن يستقبله في البيت الابيض، لأنه –اي البارزاني- يمارس سياسات تتقاطع مع الحكومة الاتحادية في بغداد. وحسب ماتوفر من معرومات في اربيل فأن السيد البارزاني قد صدم بهذا اللطمة غير المتوقعة .
ولعل ما استغرب له البارزاني بعد فجيعته بالأخ (اوباما) هو : كيف تفضل امريكا خصمه المالكي عليه، وهو – يقصد المالكي – لم يخدمها كما خدمها (أبو مسرور) طيله حياته ؟!
الدرس الامريكي الاخير يصلح أن يتدبره كل السياسيين، كرداً كانوا أم عرباً. لكن ذلك يبدو وكأنه أمراً مستحيلاً . فجميع من جاءت بهم امريكا بعد أن لملمتهم من المنافي لتسلمهم السلطة في العراق، جميع هؤلاء لهم ادوارا مؤقته واعمارً قصيرة تنتهي بهم دائماً كالحقن النبيذة
فمن يتعلم الدرس او الدروس الامريكية بعد فجيعة البارزاني بـ(الاخ اوباما) ومن قبله اياد علاوي ومن قبلهما صدام حسين الذي قال مرة بان امريكا لن تحاربه أو تكسر العظم معه لأنها محتاجة اليه لمواجهة ايران ! ولكنها على عكس ماتوقع انتهت به الى حبل المشنقة .. ومثله كثيرون ، اعدموا، او ماتو قهراً في المنافي وما تعلم احد من خواتيمهم المأساوية !