في مسعى ساذج ومفضوح للحط من شأن الرئيس مسعود البارزاني وإظهاره بمظهر المتشبث بالسلطة، يعارضه بعضهم بأمثلة عن تنحي قادة دول من مناصبهم طواعية مثل مانديلا في جنوب أفريقيا و سوار الذهب في السودان.. الخ و ذلك بهدف تحريض الجماهير الكردية على مسعود البارزاني لكي يحذو حذوهم، وينسحب من رئاسة اقليم كردستان غير واضعين بالبال، ان الرؤساء اولئك تخلوا عن السلطة في دول مستقلة متمتعة بمقاعدها في الامم المتحدة، ولم تنتقص مغادرتهم للسلطة من سيادة واستقلال أوطانهم او تجلب الاذى اليها، في حين لم يزل الكرد في مرحلة تحرر وطني، ولا حركة تحررية بدون قائد تأريخي لها إن جاز القول، كما ليس من الصائب مقارنة البارزاني بأولئك الرؤساء، لأن كردستان ليست دولة ولا مستقلة، واي وطن في العالم لا ينعم بالاستقلال والسيادة وعضوية الامم المتحدة فأنه في وضع حركة التحرر الوطني ومن الخطاء مقارنة كردستان وقائدها البارزاني باوضاع تلك الدول وقادتها. ان (30) اجتماعاً للمسؤولين اللبنانيين اخفق في اختيار رئيس جمهورية للبنان ومع هذا فأن لبنان بقيت دولة مستقلة وستبقى ولا خوف على إستقلالها وسيادتها، واحتلت الكويت عام 1990 من قبل العراق، إلا انها لما كانت دولة مستلقة، فأن السيادة ردت اليها وعوقب المعتدي العراقي، ولكن اذا سقط الكيان الديمقراطي الكردي الحالي، فأن على الارجح لن يلقى منقذاً له كونه غير مستقل ولا عضو في un. وبهذا الصدد للكرد تجارب سابقة، فلقد إنهارت مملكة الشيخ محمود الحفيد ومن بعدها جمهورية كردستان لسبب انهما لم تكونا مستقلنين ولا دولتين، اما ثورة ايلول الكردية 1961-1975 والتي مارست حكما محلياً في العراق 19970-1970 وحكما فعلياً في المناطق المحررة من كردستان العراق، فبدورها اغتيلت لعدم توفر السبب نفسه.
إن أبسط تحول في وضع البارزاني بأتجاه ابعاده عن السلطة (قيادة الحركة الكردية التحررية) سيورد الكرد وكردستان موارد التهلكة والدمار، سيما اذا علمنا ان التحول لن يطاله انذاك فقط بل حزبه التأريخي ايضاً، الحزب الديمقراطي الكردستاني، والذي يشكل احد المقومات الرئيسة لأستمرار وبقاء الحركة التحررية الكردية في كردستان العراق وسيؤدي بالتالي الى اضعاف عشرات الالوف من بيشمركته ناهيكم من اضعافه للتعاطف الدولي مع اقليم كردستان والقضية الكردية في العراق، ذلك التعاطف الذي تكون بفضل جهود الرئيس مسعود البارزاني بدرجة اولى والذي يحتفظ بشخصية قوية ومكانة مرموقة في المجتمع الدولي. والقائد في أية حركة تحررية يكون بمثابة مقوم كبير ورئيس لها والعمود الفقري فيها. ولقد ادركت الدكتاتوريات العراقية السابقة هذه الحقيقة، لذا لجأت الى تدبير المؤامرات لقتل القادة التأريخيين في الاسرة البارزانية، ففي الاربعينات من القرن الماضي في الموصل ارادواقتل البارزاني الاب بالسم وفي 1962 حاكوا مخططاً لقتله في منطقة دهوك من خلال ترتيب لقاء معه وقائد عراقي هو المرحوم العقيد حسن عبود. وفي عام 1970 نفذت محاولة لاغتيال نجله ادريس في بغداد، وفي عام 1972 جرت عملية ارهابية ضخمة لأغتيال البارزاني الاب في حاج عمران وقبل الانتفاضة الكردية 1991 باعوام نجى مسعود البارزاني من محاولة اغتيال وقعت له في النمسا. وقبل هذه الاحداث اعدمت الدولة العثمانية الشيخ عبدالسلام البارزاني في الموصل. ان القادة من أسرة البارزاني كانوا مستهدفين من قبل الحكومات العراقية كافة، في وقت لم يكن اي رئيس حزب كردي اخر في كردستان العراق مستهدفا، لانهم لم يكونوا لا الان ولا في الماضي قادة تأريخيين حتى يثيروا خشية تلك الحكومات التي لم تجد فيهم خطرا عليها. ان القادة الكرد من اسرة البارزاني هم المستهدفون لأنهم بحق قادة تأريخيون وما زالوا للحركة التحررية الكردية في العراق، وتعد الجهود لعزل وابعاد مسعود البارزاني عن رئاسة الاقليم والحركة التحررية الكردية امتداداً لتلك المؤامرات والخطط المشار اليها، تمارسها (الجهود) ادوات طيعة للأعداء التقليديين للحركة التحررية الكردية وللقضية الكردية، وهذه الجهود محل رضى الاعداء التقليديين للكرد لأنها متممة لمؤامراتهم ضد البارزاني.
عليه، على السذج والأدوات من المروجين لتلك الامثلة ان يكفوا عن ايراد المقارنات غير الصحيحة لأضعاف مركز البارزاني، فضلاً عن هذا، ان كردستان في حرب ضروس مع الارهاب وصراع متواصل مع بغداد بدرجة اولى وقوى أقليمية بدرجة ثانية، وهي اي كردستان على عتبة الاستقلال، ويؤسفني القول ان اوضاع ليبيا واليمن وسوريا والصومال التي تعاني من التمزق والاقتتال الداخلي الامرين، فان مستقبلها مضمون
لتمتعها بالاستقلال والسيادة على الضد من وضع كردستان الذي رغم تمتعة بالأزدهار والتقدم والديمقراطية والرفاه والسلم الاجتماعي لكنه يظل قلقاً طالما ان كردستان ليست مستقلة ولا دولة ولا عضوفي الامم المتحدة.
[email protected]