الزيارة التي يقوم بها السيد البارزاني الى بغداد ، لها أهميتها السياسية ، خصوصاً وأنها تاتي في ظل الاستعدادات التي تقوم بها الحكومة لتحرير الموصل ، كما ان هناك أوجه اخرى لهذه الزيارة ، فهي تاتي بعد الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها كردستان ، وخصوصا الديون الضخمة والتي تقدر (٣٦ مليار دولار ) ديون مستحقة الدفع للشركات العاملة في الإقليم ، كما ان هذه الزيارة جاءت بعد الأزمة التي عاشتها ويعيشها الإقليم مع الحكومة الاتحادية ، وحقوق البيشمركة ، وغيرها من ملفات عالقة بين الطرفين . بقراءة دقيقة للأحداث ، وتحليل الزيارة نجد ان السيد البارزاني هذه المرة جاء طائعاً ، دون شرط او قيود ، كما كان سابقاً ، عند زيارة اي مسؤول في اقليم كردستان الى بغداد ، فهناك شروط مسبقة ، وهناك مطالب تصاعدية ، ترتفع عند كل أزمة او صراع سياسي يحصل ، لهذا جاءت هذه الزيارة لتهدأ الأوضاع المتوترة بين الطرفين ، وتقديم الدعم للسيد العبادي في إصلاحاته ، كما جاءت لتقديم الدعم للسيد الحكيم في رئاسته للتحالف الوطني ، والتي تعتبر زيارة استثنائية ولافتة ، لهذا يمكن قراءة هذا الهدوء في زيارة السيد البارزاني الى بغداد للاسباب والمعطيات التالية ؛
العامل الداخلي للإقليم ؛ اذ ان الإقليم يعيش اوضاع اقتصادية وسياسية صعبة ، فالعلاقات متوترة بين القوى الكردية ، وتسوده عدم الثقة بين الأطراف ، وآخرها الاتفاق بين الحزب الوطني وبين التغيير ، مما يجعل الأوضاع تسير نحو التشنج بين الحزبين (الديمقراطي والجمهوري ) ، ناهيك عن كون نفس هذه القوى قد بدات تتململ هذه الصراعات والخلافات ، وضرورة ايجاد ايجاد رؤى مشتركة بين القوى الكردية ، وإيجاد الحلول الناجعة في العلاقةمع بغداد .
العامل الإقليمي ؛ اصطدمت نوايا الأكراد بالانفصال ، بالوضع الإقليمي الرافض لهذه النوايا ، اذ أعلنت الدول المجاورة للعراق موقفها الرافض لإقامة الدولة الكردية ، وان اي تحرك كردي يجب ان يتم من خلال الحكومة الاتحادية ، الامر الذي جعل البارزاني يعيد حساباته بدقة ، والعودة سريعاً للتفاهم مع بغداد لإنهاء مشاكله الداخلية .
العامل الدولي ؛ اذ بدا موقفه واضحاً في ضرورة توحيد الموقف السياسي ، وان العالم ينظر الى عراق واحد موحد ، وعلى الجميع تحمل المسؤولية في بقاء البلاد موحداً ، وان اي تقسيم طائفي او عرقي ، سيجعل من العراق أرضاً خصبة للصراعات والنزاعات ، تاكل الاخضر قبل اليابس .
معطيات الأكراد في الانفصال بدات تهدا، وتختفي من المشهد السياسي ، وهذا ما نراه واضحاً في خفة حدة التصريحات الكردية المؤدية الى الانقسام ، وان الرؤى تسير نحو الوحدة وتوحيد الموقف السياسي ، لذا عموماً فان زيارة مسعود بارزاني لبغداد لم تلقى الترحيب اللازم ، وذل بسبب المواقف المتشنجة من البارزاني ، وعموم الموقف الكردي ، ما ان اختفاء العلم الكردي اظهر مسعود البرزاني في موقف دعم للحكومة الاتحادية ، ولكن في الاحوال فان الموقف السياسي بصورة عامة بدا موحداً ، وان المواقف بدات بالتحلل ، وانهاء عقد من الخلاف ، وتوحيد الجهود نحو تحرير الموصل .