المؤتمر عبارة عن تجمع لفئة معينة في المجتمع تجمعها الفكر الواحد و الهدف الواحد وهو احد اساليب الحوار من اجل تحقيق التعاون و التنسيق الاكثر و للحفاظ على المصالح القائمة و بحث السياسات المتبعة في المستقبل .
تتعدد انواع المؤتمرات بتعدد الاهداف و الموضوعات و الاعضاء و النطاق الجغرافي فمنها لتحقيق مرامي سياسية – عسكرية – رياضية – دينية – اقتصادية – أمنية – سياحية … الخ و ان جميع المؤتمرات تحتاج الى خطط التأمين المحكمة و نهج واضح من البداية الى نهاية و ان المؤتمرات تخرج بتوصيات و مقررات تمثل البداية لطريق الاصلاح والتغيير في تلك المؤسسة بعدما عجزت الاساليب السابقة تحقيق الاهداف المرسومة لها .
ان الاحزاب السياسية كمؤسسات فاعلة في المجتمعات تجتمع تحت قبتها جمع غفير من الناس تشترك في الاهداف والمصالح و تتفق في الوسائل للوصول الى السلطة لوحدها او بمشاركة الاخرين او الاقرار بالعمل كمعارضة لها .
في كل مرحلة من مراحل النضال السياسي تحتاج الاحزاب السياسية الى وسائل و اساليب تختلف عن سابقتها , ولا يكون ملائماً للقادم من الايام , لذا فأن كل الاحزاب باختلاف افكارها و رؤياها و حجمها و فاعليتها تعقد المؤتمرات منذ تأسيسها باعتبارها حاجة ملحة لمواكبة الاحداث و التطور و غالباً ما تقرر الاحزاب الفترة الزمنية اللازمة لعقدها او يترك امر انعقادها للهيئة العليا كلما دعن الظروف و المواقف اليها .
الحزب الديمقراطي الكوردستاني (البارتى) صاحب اكثر من سبعين سنة من النضال و القيادة للحركة التحررية الكوردستانية حقق من المنجزات مالا يحصى و شهد العديد من الاخفاقات , و بحجم قوتها و فاعليتها كانت تأتيها الاعداء بالمؤتمرات و الاتفاقات العلنية و السرية و قدمت الآلاف من الشهداء الذين رسموا طريق العز و الكرامة بدمائهم الزكية و بحكم التجربة و سنين النضال الدؤوب جعل منها حصناً منيعاً و قلعة صامدة يشع بالامل في النفوس لأنه كان الضرورة التاريخية ليقضي على اليأس و يزرع حب الوطن و لا يزال مستمراً على هذا النهج .
ان هذا الحزب جعل من عقد المؤتمرات نقطة انطلاق الى المرحلة القادمة و ايماناً منها بالديمقراطية فكراً و ممارسة فانه يعقد المؤتمرات الحزبية و انه اكثر الاحزاب الكوردستانية و ربما العراقية في عدد مؤتمراتها ليخرج في كل منها بفكر و طاقة جديدة متلائمة مع المرحلة متخذاً من نهج قائده (البارزاني الخالد) اساساً للآتي في المستقبل و ان عقد المؤتمرات الحزبية دليل على شجاعة الحزب و قدرته على التجدد و زرع بذور الامل في نفوس الكوادر العاملة للعمل والتضحية و ضرورة ان لا يكون عقدها من اجل الانعقاد بل من اجل التغيير و الاصلاح و الاستفادة من التجارب السابقة .
نرى من الضرورة بمكان ان يستعد البارتى لعقد مؤتمره الرابع عشر بحيث يكون مؤتمراً نوعياً في المشاركة و الاهداف و الاساليب قبل اجراء انتخابات برلمان كوردستان و مجالس المحافظات و اللاسباب الاتية :
لقد مر على انعقاد آخر مؤتمر للحزب حوالي (ثمان) سنوات و قد شهدت الساحة الدولية و الاقليمية و الداخلية (العراقية – الكوردستانية) العديد من المواقف و الاحداث و التغييرات في الانظمة السياسية و المستوى الاقتصادي بين العجز و الارتفاع و ظهور الجماعات الارهابية (داعش) و ما تلاها من احداث و هجومها على الاقليم و صد قوات البيشمةركة الابطال لها و قطع الموازنة عن الاقليم و دخوله في ازمة مالية دفعتها الى اتباع سياسة الترشيق و الادخار واجراء الاستفتاء الشعبي في 25/9/2017 بعزم و ارادة القيادة السياسية و خاصة السيد (مسعود البارزاني) و بعدها دخول قوات الحشد الشعبي الى كركوك و المحاصرة السياسية و المحاربة الاقتصادية لشعب كوردستان و بعدها الانفراج البطيئ للعلاقات مع الجوار الاقليمي و فتح المعابر الحدودية بعد غلقها , و التغيرات التي شهدها العراق لا مجال لذكرها و لا يزال المسلسل مستمراً.
ان تحقيق الفوز الساحق في انتخابات مجلس النواب العراقي في 12/5/2018 بالحصول على اكثر من (25) معقداً بعد كل المؤامرات و الصفقات التي عقدت وراء الكواليس لضربها و محاولة انهاء وجودها اصلاً زاد من قوة صلابتها و ارادتها و ثقة الجماهير الكوردستانية بها ، على انها صاحبة المشروع القومي لبناء كيان سياسي مستقل لهم ، و بما انه الحزب الذي لايغرر بالانجازات و لايفقد الامل مهما كانت الظروف صعبة و حرجة ، فأن الوقت يدعوا الى عقد مؤتمر للوقوف على نقاط القوة و معالجة مداخل الضعف و استعداداً للآتي من الزمان و ما يحمله من خفايا و اسرار .
ان عقد المؤتمر يمنح الامل للكوادر العاملة بأن ثقل المسؤولية تقع على عاتقهم و على اكتافهم تبنى الوطن و خاصة ان روح التغيير نحو الافضل نار يلتهب في نفوسهم و يحملون من الارادة و الحماسة يحسد عليه و ما اكثرهم فهذا الحزب الغني بكوادره الفتية وأصحاب الخبرات و التجارب .
ان قول الظروف غير ملائمة فأنها في غير محلها لأن كفالة الآتي بالحسن و الافضل غير مضمون بالبتة فعليه الاستعداد وإن كان مستعداَ فالمنطقة مقبلة على التغيير .