بالرغم من سحب الدخان التي تفوح روائحها في بعض وسائل الاعلام هذه الايام عن ظهور صراعات جديدة في كردستان ، فأن نجم رئيس الإقليم مسعود البارزاني سيبقى ساطعا يتحدى الصعاب وليس بمقدور الآخرين ان يزحزحوه قيد أنملة كما يقال عن تولي الولاية الثالثة ، لأن الرجل يستحقها عن جدارة، اما غيرة الآخرين وحسدهم ومحاولاتهم لازاحته ، من وجهة نظر محللين ومتابعين للشأن الكردي ، فهي أقرب اليهم من منال الشمس كما يبدو، وقد بنى لهم كيان دولة يشعر الاكراد بالفخر والكبرياء ، لأن الأوضاع وصلت بإقليمهم الى هذا المستوى من الرقي والتطور والازدهار..ويبدو أن بعض الاكراد ومن مسؤوليهم الكبار وصراعاتهم على السلطة والكراسي لايقدرون حجم هذه النعمة الآلهية التي نزلت على ربوع إقليم كردستان من السماء!!!!
لا أحد من شعب كردستان سيكون سعيدا بأن تزول تلك النعمة التي انعمها الله على ربوع إقليمهم ، وبلا حسد.. بل ان عرب العراق ودول المنطقة هم من يحسدون الكرد لأنهم وصلوا الى كل هذه المرحلة من الرقي والتطور، حتى تحولت كردستان الان الى واحة خضراء تنعم بالأمن والأمان بالرغم من محاولات ارهاب صغيرة تظهر هنا او هناك ، ويتمنى أي عراقي لو ان حال بلده العراق يصل الى نصف ربع مماوصلت اليه التجربة الرائعة في كردستان، إذ بنوا اقليما اصبح ملاذا لعشرات او مئات الالاف من العراقيين الذين تركوا محافظاتهم واضطروا للهرب الى كردستان لأن مدنهم تحولت الى ركام وحطام ونيران ارهاب ملتهب يأكل الاخضر واليابس،وبخاصة تلك التي ظلمتها الاقدار بسيطرة داعش على مقدراتها وقبلهم ركام ومخلفات الحروب الطائفية المقيتة ، ولا يقدر رجالات السياسة في كردستان كما يبدو ، مدى الاثر الذي تركه وجود مسعود البارزاني كشخصية قوية محترمة نالت ثقة الجميع وهو يشكل في نظر اغلبية الاكراد البطل الاسطوري الذي اوصلهم الى هذه المرحلة من النهوض العمراني والامن المجتمعي ماكان لهم ان يصلوا اليها لولا العقلية الراجحة لهذه الشخصية الصلبة والمتعقلة والتي عرفت كيف تهيء لشعبها معالم الكرامة وان تعيش في أفياء الحرية والنهوض وتبني بلدا تتوفر فيه كل مستلزمات الحياة في أبهى صورها!!
قد يكون أنصار حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ومعهم احيانا بعض الجماعات من انصار التغيير لايروق لهم ان يحصد البارزاني رئاسة الاقليم لولاية ثالثة وهم يسعون للحصول على رئاسة الحكومة على الاقل ويتهمون البارزاني بالاستحواذ على المناصب القيادية العليا في الاقليم، ولم يتبق لجماعة الاتحاد كما هم يروجون موطيء قدم مهم سوى منصب لايقدم ولا يؤخر في الدولة الاتحادية وهو رئاسة الجمهورية، وهم يرون ان المستقبل لهم داخل اقليمهم كردستان وليس داخل مواقع الحكومة الاتحادية التي لايحلو لمسعود البارزاني ان يحشر نفسه في كراسي حكومة لاتضيف اليه مجدا او تعود بالفائدة على اقليم كردستان العراق.
مسعود البارزاني رفض ان يتولى منصب رئيس الجمهورية في الحكومة الاتحادية لانه يشعر ان هذا المنصب فخري، بينما عينه تتطلع على مطامح الزعامة لافليم كردستان الذي يبني عليه الامال ليكون احدى قلاع المنطقة التي يتباهى ان تصبح في يوم قريب مثل دبي او احدى دول جنوب شرقي آسيا التي تحولت الى معلم تجاري كبير يحلم ملايين الناس من دول العالم ومن شخصيات الدول المهمة ان يزوره ان يعقد اتفاقات تجارية معهم، ومن المنتظر ان يتحول اقليم كردستان في ظل ولاية مسعود البارزاني الى واحة تجارية تستقطب اهتمام كبار المستثمرين واصحاب رؤوس الاموال اذا ما انفتحت الاستثمارات على مصراعيها امام كل الوافدين اليها من كل الدول والجنسيات، حتى تتفوق من حيث المكانة على دول مجاورة لها، وربما يكون حلم الانفصال عن الحكومة المركزية في بغداد اصبح اقرب الى التحقيق عندما يستكمل الاقليم بناء تلك المنظومة التجارية الاستثمارية ليقف على قدميه، وهو واثق الخطى من ان اقامة دولته اصبح قاب قوسين او ادنى من هذا الحلم الكبير!!
نعم سيحاول حزب الاتحاد الوطني وبمساندة بعض قيادات من التغيير ان يحرضوا بعض السياسيين داخل الاقليم من اتباعهم لمواجهة البارزاني وعدم ضمان حصوله على الولاية الثالثة ، بحجة ان دستور الاقليم لايقر بولاية ثالثة ، الا ان البارزاني وهو الشخصية المتمرسة والتي لها ولاء جماهيري كبير في محافظتين مهمتين في الافليم في كل من اربيل ودهوك وحتى داخل السليمانية من اعجاب بشخصيته والولاءات العشائرية والحزبية تحت ظل الحزب الديمقراطي الكردستاني وامساكه بالملف الامني وقيادة الاستخبارات واجهزة الامن من ابرز المقربين للبارزاني هو من يمنحه هذه القدرة على ان يبقى يتربع على عرش الاقليم دونما منازع، حتى لو وقفت كل الاحزاب الاخرى ضده بضمنهم الجماعات الاسلامية اذا ما ارادت الإنضمام الى رأي الاتحاد الوطني والتغيير، علهم يحصلوا من خلالهم على كراسي سلطة مهمة في كردستان ، ولن يحصل هؤلاء على مبتغاهم بأن يزحزحوا البارزاني عن الحصول على الولاية الثالثة قيد انملة ، لأن لدى الرجل من الامكانات والقدرة على تغيير دستور الاقليم او تجاوز ماورد فيه تحت اطار المصلحة العليا للاقليم وتحت ضغط الرغبة الشعبية الواسعة المساندة للبارزاني، اضافة الى علاقات البارزاني مع المحيط الدولي وبخاصة مع الولايات المتحدة ودول اوربية تضع له الاعتبار والمكانة وليس بمقدورها تجاوز هذه الشخصية المحورية التي تعتمد على ماض نضالي عريق هو والده مصطفى البارزاني الذي كان له الفضل في بناء كيان اقليمهم، اما جماعة الاتحاد الوطني بزعامة الطالباني الذي انحسر نفوذه الان بعد حالة زعيمهم الصحية المتردية ، فلن يكون لحزب الاتحاد موقع مرموق كالذي يحصل عليه مسعود البارزاني، وهو الشخصية التي وان كانت تتهم بممارسة دكتاتورية في الاقليم الا ان الكرد يعدون أنفسهم مدانين لهذا الرجل الذي بقي الشخصية الاكثر قوة والاكثر تماسكا واحتراما ومكانة وبعد نظر ، ولم يضع نفسه في احضان دول الجوار كما يفعل بعض ساسة الافليم المحسوبين على جماعة الطالباني الذين مازالوا يتعكزون على الدعم الايراني لهم في ان يكون لهم مكان في سلطة الاقليم، اما مسعود البارزاني فقد اقام علاقات قوية مع تركيا والاتحاد الاوربي ومع كل حكومات الاقليم بطرقة تحفظ هيبته وضمن بسبب تلك العلاقات المتطورة مكانة مرموقة لنفسه لن يكون بوسع تلك الدول التفريط بها، وهو يريد اضافة الى هذا ان يمسك بالثروة النفطية داخل الاقليم او على مقربة منه ليكون المتصدر في توفير الثروة التي تدر على الاقليم مبالغ ضخمة تكفي لبناء معلم متطور يحظى بالاحترام والتقدير في دول المنطقة والعالم وقد مد صلات وطيدة مع شركات نفط امريكية واوربية عملاقة لضمان ان توفر له تصدير كميات كبيرة من النفط عبر كردستان، ويكون ثروة الاقليم المقبلة عندما يجد نفسه ان الظروف الدولية مهيئة للانفصال!!
قد يقول الكثيرون ان البارزاني لن يكون في مقدوره تحقيق حلمه بالانفصال عن العراق لكن الوضع الدولي والجيبولتيكي المتوقع رسم معالمه في الخارطة الجديدة يهيء لمرحلة مقبلة تكفل قيام هذه الدولة ولن يكون حتى بمقدور تركيا وايران وسوريا وحكومة العراق معارضتها، لان الدعم الدولي الذي قد يحصل عليه مستقبلا لانجاز هذا الحلم سوف يقوض كل محولات الدول الاقليمية لمنعه من تحقيق الحلم الكبير الذي يرواد مخيلة البارزاني الذي لن يتخلى عنه حتى لو كلفه حياته او المنصب المهم المرموق وهو رئاسة الاقليم، فهو سيعود اليه في نهاية المطاف ويكون لابنائه ومقربيه من حزب البارزاني النصيب الاوفر من تلك المكانة المرموقة التي حفظها لهم مسعود البارازاني وحقق لهم حلما حينها سيكون انتقالة نوعية في مسار مستقبل الكرد ، ومن حقهم ان يكونوا هم قادة الدولة المقبلة ان تحقق هدفهم باقامة هذا الكيان الجديد وهو بناء دولة كردستان، حتى ولو أغاض كل دول المنطقة، لكنها ستضطر للاعتراف به في نهاية المطاف ورغما عن أنوفهم ، وستكون تركيا اول من يعترف بقيام دولة كردستان الجديدة تحت زعامة مسعود البارزاني كونها الاكثر استفادة اقتصاديا وماليا من قيامها، اضافة الى انه ترتبط بروابط قوية مع تركيا في الجوانب الاقتصادية والنفطية والامنية وكذلك في الاستثمارات التي يكون لتركيا حصة الاسد بكل تأكيد!!
أجل إن شخصية مهمة وقوية ومحورية ومتمرسة وذات تاريخ عشائري عريق مثل شخصية مسعود البارزاني لابد وان يبقى لها دور فعال في ارساء دعائم الامن والاستقرار في كردستان وتبقى كلمته لها من القوة والتأثير والمراس ما يفرض هيبته وسطوته على الجميع، بعد ان استفاد من كل تجارب الماضي القريب، وبات تحقيق حلمه باستقلال كردستان من الركائز التي يتم تهيئة مستلزماتها ، وهو بمقدوره ان يصل الى مبتغاه هذا، وهو يراهن على ظهور خارطة جديدة للمنطقة تجري نسج خيوطها في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوربي، كجزء من خططهم لرسم معالم تلك الخارطة الشرق الاوسطية من جديد، والتي ستكون إسرائيل والولايات المتحدة والعالم الغربي عموما أول المستفيدين من قطف ثمارها، أما الخاسر الاكبر فهي دول المنطقة والتي ستتشرذم الى دويلات وطوائف وكانتونات وصراعات نفوذ ليس بمقدورها ان تحققت ان يكون بمقدور تلك الدويلات المتفككة المنقسمة على نفسها الوقوف على قدميها!!