20 ديسمبر، 2024 7:07 م

البابا ! المنقذ ! الوهم ! ومن ينقذ العراق ؟

البابا ! المنقذ ! الوهم ! ومن ينقذ العراق ؟

بسم الله الرحمن الرحيم (( ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ))

احترم البابا كرجل سلام فلذا اي كلمة ترد في مقالي ليس القصد منها الانتقاص من مكانته المعنوية والدولية والدينية والانسانية فكل نقد يوجه للزيارة سببه الجانب العراقي اكثر من جانب الفاتيكان .. اما اهم ما يجب التاكيد عليه قبل البدء هو ان عصر الانبياء والمعجزات قد انتهى وان عهد الاّلهة انتهى منذ زمن الاغريق .. . فهل ننتظر من البابا ان ينقذنا وينقذ بلدا على وشك الانهيار وهل يستطيع ؟؟ اكيد لن يستطيع او على الاقل الامر صعب جدا .. لان اللصوص يجب التعامل معهم من قبل الثوار ولايستطيع الانبياء والاولياء التعامل معهم .. ولذا فأننا كثوار لاننتظر منه اكثر مما قدمه من كلام .. لكن نحن من سننقذ العراق نحن من سيخلص العراق نحن ثوار تشرين المنقذون .. سمعنا وسنسمع انواع التحليل والاخبار عن زيارة البابا منها ما ينم عن حسن نية ومنها ما ينم عن سوء نية ويدخل في اطار الاّلة الاعلامية وغالبا ما سيعطى للزيارة حجما اكبر من حقيقتها وخاصة في اعلام الدولة العراقية .. الا ان هذه لن تهمنا كثيرا وليس من الصواب الضياع في وهم ان الزيارة ستنقذ العراق بل وصل الامر الى ان البعض اعتبر ان الاستثمارات الاجنبية ستتدفق على العراق ؟ ياله من جهل !

لاشك ان زيارة البابا فرنسيس رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم وبما تمثله مكانته من ثقل ديني ومعنوي ومادي هي زيارة استثنائية بامتياز والسبب انها استثنائية لان ظروف العراق استثنائية ( ولابد ان نقر بشجاعة هذا الرجل ومجيئه الى العراق في الوقت الذي تخوف الكثير من زيارة العراق ) كما ان الزيارة ستجلب انتباه العالم الى ارض الرافدين بلد التدين والتوحيد والانبياء منذ ان خلق الله الانسان وسيعرف العالم وتتعرف الكثير من شعوب العالم الى (أور) التي تقع في ارض الرافدين .. وسيعلم العالم والذين لايعلمون فيه وهم الاكثرية بان المسيحية ولدت في ارضنا وانها ديانة سامية وان هذه الارض هي التي قدمتها للعالم وللغرب نعم انها ديانة سامية ولدت في ارضنا العربية حالها حال كل الديانات السماوية ( لاينزل المجد الا في مواطننا … ) وان المسيح عليه السلام ابن فلسطين انه ابننا كما كتب لي صديق بذلك وهو لم تلده باريس او روما اونيويورك .. ولدته فلسطين .. وان ابو الانبياء ابراهيم الخليل ولد في العراق ( في مدينة الثوار ) .. ومما هو جدير بالذكر بهذه المناسبة ان نقول انه على الرغم من الفضل الكبير الذي اعطيناه للغرب عندما اعطيناهم الدين ( المسيحية ) الا انهم استخدموا المسيحية ضدنا وضد المنطقة العربية وشعوبها بدءا من الحروب الصليبية وحروب الاسترداد في اسبانيا وصولا الى التدخل تحت مسميات حماية المسيحيين ومنذ بداية القرن التاسع عشر ووصولا الى حروب التجزئة ( سايكس بيكو ) في بداية القرن الماضي وخلق الكيان الصهيوني و من ثم الى حروب غزو العراق وسوريا وليبيا والصومال وما عملوه بفلسطين شاهدا على همجيتهم وقتلوا فيها المسيح الفلسطيني .. علينا القول ان الزيارة تمثل بعدا رمزيا ( وان كانت هناك خفايا وشكوك فهذا موضوع قابل للنقاش توضحه الايام ) يحمل معنى التاخي الديني والانساني لشعوب الارض كافة وان اختلفت الوانهم ودياناتهم انها بلاشك دعوة تلك ميزتها الاساسية دون ان ننسى او يغرب عن بالنا بانها ( ربما ستستخدم لاغراض سياسية وجيوسياسية ولتنفيذ اجندات مختلفة وحماية لمصالح دول ودويلة الكيان الصهيوني في المقدمة ) … لنعد الى زيارة العراق وهو في هذه الحالة الكارثية وتديره وتتحكم بمصيره الاحزاب الدينية الفاسدة والمفسدة تلك الاحزاب التي لاتحمل من الدين الا اسمه وهي بعيدة عنه .. لااريد ان اعيد الكلام عن الوضع العراقي بل ساذهب الى ثوار تشرين ومايمثلونه عراقيا .. وعلى الخصوص مدينة الناصرية شعلة ثوار 1 تشرين البواسل هذه المدينة البطلة التي زارها البابا ؟؟ ولكن سؤالي ؟؟ وهو اول مايتبادر الى الذهن هل وضعت الناصرية الحاضرة في الصدارة للحبر الاعظم ؟ كلا ..هل لديه العلم بما قدمه ثوارها من تضحيات في سبيل كرامة الانسان بحياة كريمة والتي يبشر بها البابا ..المفروض ..نعم ان يكون لديه علم .. اليس من الواجب المزاوجة بين زيارة الحج لأور وهؤلاء الثوار وانتفاضتهم نعم كان يجب .. وكيف يمكننا الجمع بين الناصرية المطالبة بالخير والكرامة والعدل والمساواة والعيش الكريم وبين ما يمثله الرجل وما يدعو اليه المزاوجة بين مدينة ثائرة ورجل يبحث عن المساواة والعدل بين الناس .. وهل تذكر البابا ثوار الناصرية ودمائهم الزكية عند محجته لأور انها مفارقة كبيرة ولعل البابا قد علم ويعلم ماقدمته مدينة ابراهيم الخليل على مذبح الحرية والكرامة الانسانية .. لعله في سره قد بارك فيها اهلها وماقدموه عندما دخل ارضها ونال بركة أور المقدسة هل علم البابا بمأساة المهجرين والمغيبين الذين هم بالّاف وهل لديه صورة عما هي عليه السجون العراقية التي أجادت سلطة الاحزاب الدينية بخلقها ( بدل المدارس والمستشفيات ) وتحت مسميات عديدة في مقدمتها مكافحة الارهاب هل علم ان احفاد النبي ابراهيم ( الثوار ) قتلوا بأيدي احفاد النمرود الطغاة ؟ بعدما طالب الثوار احفاد النبي ابراهيم تحطيم اصنام الفساد والوثنية والجهالة والظلمة فأحرقوا من قبل احفاد النمرود .. هل علم بذلك ؟ والاهم من كل ذلك ان الاضطهاد والقمع والتهجير لم يشمل المسيحيون فقط بل توزع على الكل من المسلمين والمسيحين والاقليات الاخرى فمن قصر النظر حصر كل المشكلة في المسيحيين فما هجر وقتل من المسلميين اضعاف ما هجر وقتل من المسيحيين .

لقد زار الحبر الاعظم المرجع الديني السيستاني ( وكنت اتمنى ان اسمعه يتكلم ولكن لم يتكلم ) وهو المرجع الشيعي الاول الم يكن الاجدر بمنظمي الزيارة ان يتضمن جدول زيارته لقاء مع من يمثل السنة وخصوصا بعد ان زار اربيل باعتبارها ممثلة للاكراد .. وكانت النتيجة ان العراق اختصر بالاكراد وبالشيعة فأين التعايش المذهبي والديني ؟ على ان اغرب ما سمعته ان السيستاني هو يمثل كل العراقيين .. وهذه مقولة خاطئة قطعا وبعيدة عن الواقع وفيها تهميش لطوائف الشعب العراقي بكل الوانه نعم نحن نحترم السيستاني ولكن بدون تأليه وتنصيبه زعيما كولاية الفقيه ! .. اليس الواقع العراقي الذي خلقه المحتل وباركته الاحزاب السياسية وكرسته كواقع طائفي مقيت ان العراق يتكون من الشيعة والسنة والاكراد فاين هم السنة ؟ نعم كان عليه ان تكتمل زيارته بلقاء مع ممثلي السنة ( وليس من العدالة ان يقدم للبابا ممثل للبهائية ويستبعد السنة ) .. اليس هذا هو التقسيم (العادل )الذي فتت وهشم النسيج الاجتماعي .. لكن لمن اللوم للدولة ممثلة بالكاظمي وجوحي ( اللذان نظما كل ما يخص الزيارة ) ام سكرتارية البابا ؟؟

لااعتقد ستكون للزيارة نتائج على الصعيد السياسي الداخلي العراقي فهذا الامر منوط بالعراقيين ولن تكون هذه الزيارة عصا موسى التي (تلقف ما يأفكون ) ان هذا الامر منوط بالعراقيين وهم الذين يقررون ذلك الثوار العراقيون هم من لديهم عصا موسى وليس الاحزاب العميلة الفاسدة وحتى الامم المتحدة التي تدخلت في العراق وتحت المظلة الامريكية لايمكنها الدفع ولو خطوة واحدة نحو انفراج سياسي عراقي ( بوجود بغايا الامم المتحدة في العراق ) … انه امر منوط بالثوار و الثوار وحدهم عندما تنتصر ثورتهم الباسلة فليس هناك امل بأصلاح الطغمة الحاكمة ابدا والحل هو جرف هذه الطغمة الفاسدة ورميها في مزبلة ( او حتى خارج مزبلة ) التاريخ العراقي ومحاسبتها محاسبة شديدة عن كل صغيرة وكبيرة .. لايفوتني ان اذكر منظر المضحك المبكي ( ولكنه ضحك كالبكاء ) في قداس كنيسة مار يوسف في بغداد والبابا يلقي موعظته ويقول (ان الغني عند الله هو من يعطف على اخيه )وعمار الحكيم والحلبوسي وبرهم في المقاعد الامامية وهم يهزون رأسهم ويرفعون ايديهم مؤيدين قول البابا ( امين ) منظر مؤلم فيه استخفاف بالبابا واستخفاف بالعراقيين واستخفاف حتى بالدين واستخفاف بكل شيء .. والمنظر الاّخر في القصر الجمهوري والبابا يتكلم عن التسامح وعدم العنف وهادي العامري يهز برأسه مؤيدا قوله .. اما كلمة برهم صالح فقد كانت مجة ومقيته خصوصا التطرق الى موضوع حلبجة والانفال ( وكأنه لم يسمع التقارير الامريكية عن المسؤول عنها ).. ثم ماهي مناسبة التطرق الى هذا الموضوع ..

اما من الناحية البروتوكولية فقد شاب الزيارة الكثير من الاخطاء ( ربما سنتحدث عن ذلك بأسهاب ) ولعل من المهم ذكر استقبال البابا بالسيوف بدل من غضن الزيتون الم يدرك منظمي مراسم الاستقبال ان فكر الرجل وطموحه هو التاخي والسلام والكلمة الطيبة وليس السيف وهناك امر اخر هو ظهور زوجة رئيس الجمهورية بلباس المراة الكردية وهو لباس لايمثل لباسا رسميا عراقيا وكان عليها ان تعرف انها زوجة رئيس جمهورية العراق وليست زوجة كردي ..

واخيرا اريد ان اقول امر ربما سيلاقي معارضة من البعض اقول ان كل ( البابوات ) او اغلبهم لديهم اجندات سياسية وان لم يصرحوا عنها ويكشفوا خفاياها وغالبا ما تتخذ هذه الاجندات غطاءا انسانيا او دينيا .. ولعل اكثر من اتبع هذا السلوك والتدخل في السياسة هو البابا يوحنا بولص الثاني البولوني الجنسية ودوره في تفكيك الاتحاد السوفياتي معروف وهو الذي بريء اليهود من دم المسيح بعد جدال ونقاش دام قرون طويلة .. ومن المهم الإشارة في الختام الى امر في غاية الخطورة نقف عنده للتفكير ان البابا يوحنا سبق ان طلب في عام 1999زيارة العراق ومنطقة اور بالذات على ان تتم الزيارة في عام 2000 ويقول الشيخ عبد الرزاق السعدي وانا بالتاكيد اثق بكلامه تماما خصوصا هو يقول والله شاهد على مااقول واي رواية اخرى مغايرة لقول الشيخ اكيد هي مدسوسة ومشبوهة .. يقول الشيخ ( ان رئيس الجمهورية في حينه صدام حسين شكل لجنة لدراسة موضوع الزيارة تضمني يعني الشيخ السعدي وتضم الدكتور بهنام ابو الصوف وهو مسيحي عراقي وطني واّخرين .. ولما اجتمعت اللجنة اول من ابدى رايه في منع هذه الزيارة هو الدكتور بهنام ودافع عن رأيه بكل قوة معززا رفضه بالادلة التي يحملها من ان هذه الزيارة ستنعكس على العراق بالخطر الكبير بسبب ان البابا اراد من هذه الزيارة اعطاء اليهود حقهم في ارض اور وان الهدف من الزيارة هو اعلان اور مقرا دينيا ومزارا حقيقيا للاديان ورفضت الزيارة )) انتهى كلام الشيخ اذكر هذه الحادثة بلا تعليق وحتى نحتاط للامر كله ..

اختم المقال بقول ل موليير في مسرحيته مريض بالوهم ( الحياة تراجيديا لمن يشعر .. وكوميديا لمن يفكر ) .. انتهت الزيارة وعاد كل الى حاله مثل عراقي قديم جدا يقول راح العيد وهلاله وكلمن رجع لجلاله ) حاولوا تبيض صفحة طغاة العراق .. على ان اجمل ماكان هو تجاهل ثوار تشرين كل ماله علاقة بزيارة البابا .. خصوصا ان الكثير من الثوار استشهدوا وابناءهم الصغار ينادون اين انت يابابا .. سيكون لنا عودة على هذا الموضوع

أحدث المقالات

أحدث المقالات