23 ديسمبر، 2024 8:38 م

الا تستحق دماؤنا استجواب المقصرين ؟

الا تستحق دماؤنا استجواب المقصرين ؟

تحدث النظام الداخلي لمجلس النواب في فصله العاشر المواد 50 -61 عن (السؤال والمساءلة والاستجواب) حيث نصت المادة 56 منه على ( لعضو مجلس  النواب وبموافقة 25 عضوا توجيه استجواب الى رئيس مجلس الوزراء او احد نوابه او الوزراء لتقييم أدائهم في  الشؤون التي  تدخل في اختصاصهم ولا تجري  المناقشة في الاستجواب الا بعد سبعة  ايام في الاقل من تقديمه)  اما المادة 58  فقد بينت آلية الاستجواب  حيث نصت على انه ( يقدم طلب توجيه الاستجواب كتابة الى رئيس المجلس موقعا من طالب الاستجواب وبموافقة 25 عضوا على الاقل مبينا فيه بصفة عامة موضوع الاستجواب وبيانا بالامور المستجوب عنها والوقائع والنقاط الرئيسية التي  يستند اليها مقدم الاستجواب).
والسؤال هو الا تستحق دماؤنا التي تراق يوميا في شوارع مدننا المنكوبة بمسؤلين آمنيين فاشلين استجواب هؤلاء الفاسدين؟ الا تستحق دموع ثكالى ويتامى الخروقات الامنية المستمرة منذ عقد من الزمن استجواب المسؤولين الامنيين المقصرين؟ الا يوجد نائب واحد تأخذه الغيرة على هذا الشعب المسكين فيقدم طلب الاستجواب؟ الا يتوفر في  مجلس  نوابنا العتيد 25 عضوا تأخذهم الغيرة على دماء  شعبهم ليوافقوا على الاستجواب من دون ان يجبنوا او يتراجعوا امام الحسابات السياسية الفئوية؟
هل دماء  العراقيين رخيصة الى هذا الحد بحيث لا يجرؤ نائب واحد على تقديم استجواب للمسؤولين الامنيين المترهلين؟ اذا كنا نعترف في بيانات الاستنكار والشجب التي دأبنا على اصدارها بعد كل  فاجعة تحل فينا بوجود قصور وتقصير في عمل اجهزتنا الامنية, واذا كنا نطالب بتلك البيانات البائسة بمحاسبة المقصرين فلماذا لانترجم اقوالنا الى افعال ونستجوب المسؤولين الامنيين الذين اثبتت التجربة خلال السنوات العشرة المنصرمة فشلهم وفشل خططهم وسياساتهم الامنية؟ اليست بيانات الاستنكار والشجب تلك تصدرعن كتل برلمانية تمثل قوى سياسية تتغنى ليل نهار بخدمة (المواطن) وبناء (الوطن) وتأصيل (المواطنة) والتأكيد على الهوية (العراقية) والدعوة الى (الحوار) بنهج (الوسط) على اعتبار اننا (عراقيون) الى غيرها من الشعارات التي ترفعها تلك الكتل والقوى والتي  تعنونت بها داخل مجلس النواب؟
لا اظن ان استجوابا جديا سيحصل حتى لو هلك نصف الشعب, والدليل على ذلك اننا لم نشهد اقالة مسؤولاً امنيا منذ عشرة سنوات هو عمر العملية السياسية, والذي يعزز هذه القناعة لدي هو ان مجلس  النواب لا يزال  يتردد بتسمية الاشياء بمسمياتها, فالاستجواب الذي اكد عليه نظامه الداخلي تراه قد تحول الى (استضافة) وهذا التخفيف في  اللهجة تقف وراءه غاية سياسية قذرة وهي ان الاستجواب يعني بالضرورة اقالة المسؤول المستجوَب اذا فشل في  الاجابة على الاسئلة التي  توجه اليه هذا اذا لم تنتصر له قبيلته السياسية اعني حزبه داخل مجلس النواب مثلما حصل اكثر من مرة, اما الاستضافة فلا يترتب عليها الاثر القانوني الذي يترتب على الاستجواب, وهكذا تحول الاستجواب المفهوم القانوني الذي  نص عليه النظام الداخلي لمجلس النواب وكذلك الدستور الى مفهوم غير  قانوني  ومطاطي وهو الاستضافة, كل  ذلك لحماية المقصرين والفاشلين وليذهب  الشعب الى الجحيم.
في الدول التي تحترم شعوبها وتحترم سمعتها, تستقيل  الحكومات ويقال  المسؤولين لمجرد فشلها او تقصيرهم في  حماية مواطن واحد, او وقوع قتلى نتيجة كارثة طبيعية. اما في بلدنا العراق(العظيم) مهد الحضارات يقتل يوميا عشرات المواطنين من دون ان (يهتز لمسؤولينا شارب) حيث ينطبق على اكثرهم قول  شاعرنا الكبير النواب:
 تتحرك  دكة غسل الموتى … اما انتم لاتهتز لكم قصبة. 
فرج الله عن شعبنا المنكوب بقادته المتحاصصين ومسؤوليه الامنين الفاشلين.
 [email protected]