18 ديسمبر، 2024 9:53 م

الاِنفصَال بِبصيرة الكَبار

الاِنفصَال بِبصيرة الكَبار

لكل جواد كبوة, ولكل مرحلة هفوة, ولكل زمان مفترق طريق يجب مراعاته, ويجب أن يؤخذ بالحسبان, أن لكل بلد عدة مراحل يمر بها, فلا وضع ممكن أن يأتي بتلك السهولة التي نتصورها, ولا أستقرار ممكن أن يتم بلا مشقة وعناء, مأخوذة بعين الاعتبار كافة الظروف والعوامل الاساسية والثانوية, التي ادت أو ستؤدي بشكل أو بأخر, لتلك النتيجة المُتصورة, ولكن الادراك يحُتم على كبار البصيرة, الادراك الواعي لتلك المراحل, لكي يتم التعامل معها, بكل حيادية ودبلوماسية وحنكة سياسية متقنة, فالهفوات هي استغلال لنقاط ضعف, ليتم تنفيذ مآرب ومصالح معينة, ولفئة معينة, قد تكون معروفة ضاهرياً, أو تدير الاوضاع من خلف الكواليس, داخلياً كانت او خارجية, يكفي معرفة ان تلك المصالح, لن تسلك طريقاً صحيحاً, بل ستبتعد عن الاستقامة, والأهم من ذلك, أن تمتلك الادوات والحواضن الفعالة, لاغراضها الغير شرعية .
أحد أهم تلك الموجات التي نتعرض لها اليوم, هي موجة الاقليم, والاستفتاء حول استقلاله, فالتصعيد والتخبط, يجتاح لغة الاعلام يميناً ويساراً, دون التوصل لموقف محدد, ربما لاعتلاء نظرة ضيق الافق, لبعض من لا يفقه لغة السياسة بشيء قط, فحكومة الاقليم تسعى وتسير في طريق مظلم, وأن كان داخل ذلك الظلام وعود وأمال , ولكنها تبقى جزء من ذلك الظلام, الذي لن يجعلهم يصلون لأي حلم وهمي, فالأنفصال لا يمكن أن يتم عن طريق ورقة أستفتاء, معارضة للدستور, وبأعتراف من يقوم به فقط, فمركزياً هو مُعارض للدستور, ودولياً معارضاً للعديد من الدول التي من شانها أن تقف ضده وبقوة, لانه يمس الخارطة الاقليمية لتلك الدول, وبالتالي لن يكون الطريق في ذلك النفق الحالك ظلاماً طريقاً سهلاً بالنسبة لمن يريد تنفيذ مآربه, حتى ولو كان الداعم واللاعب الاساسي والمنشئ لذلك النفق أسرائيل .
بصيرة الكبار, صوت المرجعية, كان واضحاً وصريحاً, وكلمة الفصل, فكما كان لها الدور المحوري الاهم والاكبر , في تجاوز محنة داعش, بفضل ابناء هذا البلد الواحد وتضحيات رجاله, مما يجعلنا تحت تلك المسؤولية التي تتطلب ضرورة المحافظة على وحدة العراق أرضاً وشعباً, ولا نقبل بأي نفس يعيش بيننا بطائفية أو بعنصرية, فالكل في هذا البلد متساوي, وتعدد المكونات والطوائف لا يمكن أن يكون الا تحقيقاً للوئام المجتمعي تحت مظلة الدستور الضامن لحقوق كل فرد عراقي, فلا وجود لتقسيماً ولا انفصالاً في داخل ذلك البلد الذي اعتاد العيش بكل طوائفه ومكوناته بوحدة ولا نظير لها ابداً, الخطوات والقرارات القادمة , والمٌتخذة تجاه هذا الامر, يجب أن لا تؤثر سلباً على الحقوق الدستورية لكل طرف من تلك المعادلة, فالمسار الدستوري واضح في حل تلك القضايا الخلافية بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم, ويجب أن تكون العلاقة المتينة بين ابناء الوطن , والوحدة الموجودة بين كافة فئاته , عرباً كانوا, أو كرداً, أو تركماناً, المبدأ الاعلى والاسمى في هذه المرحلة , متجنبين كل ما يمكن أن يؤثر على اللحمة الوطنية بشكل أو بأخر …