8 أبريل، 2024 11:35 م
Search
Close this search box.

الايزيديون تواقون للعودة الى سنجار بعد تحريرها للتو من براثن داعش

Facebook
Twitter
LinkedIn

لكن المخاوف تعتريهم مما هو قادم في قابل الايام
ابناء هذه الاقلية الدينية يخشون ان تتسبب السياسات العشوائية والفقر المدقع بأطالة امد محنتهم
بقلم صوفيا جونز “سلانت بوينت دوت كوم”
بعد يوم وحسب من استعادة القوات الكردية، مدعومة بغطاء جوي من الضربات الاميركية، استعادتها لسنجار من قبضة تنظيم داعش المتطرف، لم يكن هنالك أي اشارة على الاحتفالات في تلك المدينة العراقية الشمالية حيث كان هنالك 4 رجال يجلسون وقد شبكوا اقدامهم داخل احد المساكن. وعوضا عن ذلك، جلس هؤلاء يتطلعون بصمت كئيب على شاشة تلفزيون.

على شاشة التلفزيون، نقل مراسل خبر الكشف عن مقبرة جماعية في سنجار، حيث اشار الى انها تضم رفات ما يعتقد انهن 80 من النساء الايزيديات.

هز احدهم ويدعى فلاح الذي يبلغ الـ21 من العمر، هز يده وقال “اين هي الانسانية؟”

لاكثر من 15 شهرا، سيطر المتطرفون على المدينة، الامر الذي لم يترك لفلاح سوى العيش في هيكل متداع بجدران من الصوف والقماش في اقليم كردستان العراق شبه المستقل.

قد تكون سنجار محررة الان، الا ان ما تبقى منها ليس سوى مدينة اشباح يقف مصيرها على كف القدر. وتساءل فالح بنبرة اسف و هو يرغب بشدة بالعودة الا ان خوفه يمنعه جراء الفقر المدقع والسياسات الفوضوية التي ستطيل من امد محنة ابناء جلدته, تساءل قائلا “ما هو جدوى الضربات الجوية اذا ما كان كل شيء مدمرا يا ترى؟” واضاف كذلك “اننا بحاجة لما هو اكثر من مجرد الضربات الجوية”.

شغلت سنجار عناوين الاخبار العالمية شهر آب من العام الماضي حينما سيطر المتشددون الذين يدينون بمذهب متطرف من الاسلام اثار غضب المجتمع الدولي، سيطروا عليها بعد حصارها، ليعمدوا بعد ذلك الى تنفيذ مذابح واغتصاب واستعباد النساء الايزيديات من بنات المنطقة.

ويعتبر متطرفوا داعش افراد هذه الجماعة الدينية عبدة للشيطان. غير ان هذه الديانة القديمة تنبع اساسا من مزيج غير متجانس من المعتقدات المسيحية والاسلامية واليهودية وحتى الزرادشتية الفارسية التي تعود الى حقبة ما قبل الاسلام.

تستذكر باسمة، وهي ايزيدية وام لطفلتين صغيرتين، تستذكر ذلك اليوم الذي فرت فيه من سنجار مع اقتراب مليشيات داعش بالقرب من محيط منطقة سكنها. وتقول باسمة وحدقات عيونها توسعت وهي تستذكر، معلقة “لقد كنت مرتعبة جدا.” و تضيف “هل لكم ان تتخيلوا شكل الموقف حيث لم يكن لدينا وقت لحزم او اخذ اي شيء”.

اما زوجها مراد ، فقد تمكن لبرهة من العودة الى منزلهم بعد استعادة قوات البيشمركة الكردية العراقية لاجزاء من المدينة لاحقا. وتمكن مراد من استعادة صور زفافه وباسمة مع بعض افلام الفيديو العائلية، حيث لم يكن هناك سواها في المنزل بعد ان اخذ الدواعش كل شيء.

تعيش عائلة باسمة على اساسيات الحياة التي تحصل عليها كمساعدة من الامم المتحدة وباقي الجماعات الانسانية الاخرى. وفي الوقت الذي فقد العديد من اقربائهم الامل مما حدا بهم للمخاطرة بأرواحهم عبورا بالبحر المتوسط، راغبين بالوصول الى ملاذ آمن وعمل في اوروبا الغربية، فأن عائلة باسمة المكونة من 4 اشخاص تخطط للعودة الى سنجار في اقرب وقت ممكن.

لكن يتوجب على مراد وباسمة، كما هو الحال مع الآلاف من الايزيديين الاخرين، يتوجب عليهم البدء من الصفر من حطام ما تبقى، ليجمعوا شتات حياتهم بالمال القليل والموارد المحدودة التي يمكن ان تتوفر.

في هذه الاثناء، يتوجب اعادة بناء المساكن والمستشفيات والاسواق من حطامها الحالي، فيما يحتاج الناس لاستعادة الكهرباء والماء وغيرها من الخدمات الاساسية. يقول الكثير من الايزيديين ان مهمة اعادة بناء سنجار ليست لوحدها ما يهبط عزائمهم ويقلقهم، وانما الوضع السياسي المضطرب في الاقليم كذلك.

ان عملية اعادة السيطرة على سنجار، هذه المدينة التي ادعت بغداد واربيل كليهما استعادتها من براثن داعش، انما مثلت انتصارا كبيرا للبيشمركة الذين تمكنوا من ذلك بسهولة حيرت الكثيرين.

وفي الوقت الذي لم تكن فيه سنجار ذات اهمية استراتيجية بارزة للجماعة المتطرفة، وعدا عن النصر الرمزي الذي حققته بالسيطرة عليها، فأن الخط السريع الذي يمر بهذه المدينة انما يربط الموصل التي يسيطر عليها التنظيم مع عاصمة دولة الخلافة التي اعلنها المتطرفون في الرقة السورية.

اما الجماعات الكردية الاخرى، فتقول ان دورها انكر في دفع تنظيم داعش. فها هو حزب العمال الكردستاني PKK الذي يشن حربا على الحكومة التركية منذ عقود باسم حقوق الشعب الكردي، فضلا عن ذراعه السوري المعروف باسم وحدات حماية الشعب السوري، انما يصر على انه لعب دورا محوريا في الاشهر التي سبقت هجوم سنجار الذي طال انتظاره. لكن هذا الدور انهار على ما يبدو نتيجة لحالة الاحتراب الداخلية في كردستان العراق.

من جانبه، قال مسعود برزاني رئيس اقليم كردستان في مؤتمر صحفي يوم الجمعة الماضي على الجبل حيث رفع البيشمركة علما كرديا عملاقا، قال معلقا “لن يرفع علم غير العلم الكردي في سنجار”.

وفي الوقت الذي يقول فيه بعض الايزيديين انهم لا يكترثون لمن يمسك العنان في سنجار ما دام هنالك امن فيها، فضلا عن كونهم يهللون لتحرير المدينة من تنظيم داعش، فان بعضا آخر يصر على ان لا جماعة لها الفضل في ذلك التحرير سوى الايزيديين انفسهم.

عن هذا الموضوع، علق حسن، و هو رجل ايزيدي في الخمسين من عمره وانخرط في صفوف البيشمركة مؤخرا بغية محاربة التنظيم المتطرف، علق عن هذا الموضوع بالقول “اذا ما كان حزب العمال الكردستاني قد حرر سنجار، فأن سنجار لا تعود اليهم”. واضاف حسن كذلك “ان الامر كذلك ينطبق على البيشمركة الكردية، حيث لابد للايزيديين من تولي زمام الامور والسيطرة على سنجار”.

من جانبها، لم تسمح البيشمركة الكردية للمدنيين بالعودة الى سنجار، مشيرين الى الاعتبارات الامنية التي لا تزال موجودة مثل المتفجرات والعبوات ومصائد المغفلين التي يمكن ان يكون تنظيم داعش قد تركها وراءه.

فيما كانوا يقفون على الطريق الرئيسي المؤدي الى جبل سنجار، انتظر رجال ايزيديون الدخول الى المدينة التي تحررت للتو، وبصرف النظر عن المخاطر والقلق من احتمال عدم قدرتهم على العودة الى منازلهم من جديد.

وقد بقي احد هؤلاء الرجال ويدعى خيرو, بقي منتظرا على قارعة الطريق حتى بعد ان منعته نقطة التفتيش من الوصول الى المدينة.

وقد ختم خيرو قائلا “ان سنجار ليست تحت سيطرة الايزيديين، ولسوف تتقسم هذه المدينة وحسب.”

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب