في آخر سنة للملكية بحكم العراق أجري احصاء عام ١٩٥٧ حيث اعتزل قبله بسنوات نوري السعيد عن ممارسة لعبته المفضلة في ترأس الحكومة بعد فشل او إقالة او سقوط الحكومة السابقة وأسس لنفسه دائرة جديدة أسماها ( مجلس الاعمار ) وكان كل همه وغايته من هذا المجلس أمران الأول ان يخلد اسمه في ذاكرة العراقيين من خلال بعض الإصلاحات التي أصبحت مطالب تفرضها ضرورات الحياة في العاصمة بغداد بعدما اكتظت بسكانها واحتاجت خدمات حكومية ضرورية في المرافق الحياتية فتم بناء جسري ( الأئمة والملكة عالية ) لربط الكرخ بالرصافة من مكانين متباعدين والأمر الثاني وهو الاهم إخراج أصحاب ( مواسم الهجرة إلى الشمال ) اي النازحين من الجنوب المكتوين بنار الفقر والعوز والجوع وظلم الشيوخ والاقطاع إلى بغداد للعمل ( كوليه ) في ( مساطرها ) ومتطوعين في الجيش او على ( شرطة السيار ) وانتشرت صرائفهم واكواخهم في جانبي العاصمة في مناطق الشاكرية وام العظام والنزيزه والرحمانية والطوبجي والوشاش والمجزرة والعاصمة وخلف السدة والخندق وحجي امنيشد وشطيط والوزيرية والصليخ والعلوازيه والصرافية وغيرها لذا احتاج نوري السعيد ومجلس اعماره إلى معرفة عدد هؤلاء الذين لفظهم الجنوب المهمل الفقير الى العاصمة التي بدأت تنمو على أكتافهم وتظهر فيها المباني الجديدة مقابل ثمن بخس او دراهم معدودات عن أيام عمل وكد طويلة لكن السعيد احتاج الى معرفة عددهم الحقيقي ليتمكن من اخراجهم إلى أطرافها في أراض زراعية بور وكان الاجراء هو القيام باحصاء شامل للسكان فاعد له جيدا ومن يطلع على بعض حقول هذا الاحصاء سيكتشف غاية ( الباشا ) واضحة من خلال درج كل من قرر اخراجهم من العاصمة النازحين اليها من الجنوب تحت عنوان سكان ( الصرائف والاكواخ والعرصات ) ليسهل عليه في مابعد اتخاذ قرار إبعاد سكان ( الصرائف ) إلى خارج العاصمة لكن القدر لم يمهله لتنفيذ رغبته فاطاح به الزعيم وشلة من ضباط الجيش بانقلاب عسكري بعد مضي سنة واحدة على إجراء الإحصاء وأسقط الملكية ومجلس الاعمار واعدم السعيد سحلا وليس شنقا كما جرت العادة لكن الزعيم كان أكبر حظا من الباشا إذ استطاع تحويل الترحيل إلى( مكرمة ) انعم بها على سكان الصرائف الذين رحلهم بنفس غاية نوري السعيد لكن بتجميل لوجه الحكومة وشعبية لزعيمها ( صديق الفقراء ) وقد يعترض أحد على توحد الغايات فأقول ان دليلي على إخلاص وعمل كل الحكومات باتجاه سكان الصرائف وابعادهم عن العاصمة هو إحصاء( ١٩٥٧ ) الذي يحرم سكان الجنوب من تملك عقار للسكن في بغداد من زمن الباشا حتى نهاية عهد القائد الضرورة ولكي يميز الباشا سكان الصرائف عن غيرهم اختار لهم يوم ١ تموز يوم ميلاد للجميع ليكون دليل فرز بين سكان الصرائف واهل الديرة .