23 ديسمبر، 2024 10:47 ص

الاهواز…. مدينة التعايش والماء والبترول

الاهواز…. مدينة التعايش والماء والبترول

خوزستان المدينة الحادية والثلاثين من مدن إيران , وتعني بالفارسية بلاد القلاع والحصون ,الا ان البعض من سكنتها صحح لي المعلومة وقال : خوزستان تتكون من كلمتين خوز  تعني سابقا السكر واستان تعني : مدينة أي – مدينة السكر – لكثرة ما يزٌرع فيها من قصب السكر , مركزها مدينة ( الاهواز) او كما يلفظها العرب (الاحواز) لان حرف الحاء(ح) ينطق هاء(ه) (H) بلغتهم الفارسية احيانا , تقع خوزستان جنوب غرب ايران  و تحادد العراق من جهة الشرق ولها حدود طويلة مع محافظتي ( البصره و ميسان ) تقرب من (400 ) كم طول , تبلغ مساحتها ( 63213 )  كم2 وعدد سكانها ( 4,345,607 )  نسمة وتضم (20 ) قضاء , أما الاهواز فهي عاصمة ومركز محافظة خوزستان , يبلغ عدد سكانها ( 1,841,145 ) نسمة حسب احصاء عام 2006 ومساحتها تبلغ (135)كم2.
وقد اجمع المؤرخون المسلمون ان شعب خوزستان خالط الكثير من الشعوب بسبب موقعها على الخليج العربي من جهة الجنوب وما تضمه من موانئ تجارية وثروة سمكيه وزراعية وما تحويه ارضها من ثروة نفطية هائلة اكتشفت عام 1908 منذ ان حكم الاهواز الشيخ خزعل  ( 1897 – 1925 ) قبل استلام رضا خان زمام السلطة في ايران وبداية الحكم الامبراطوري فيها  , خاصة المناطق المحاذية لحدودها مع العراق حيث توجد حقول نفط مشتركة بين البلدين في الفكه وابوغرب ومجنون , لدرجة كانت تظهر المدينة بما تحويه من اجناس وإشكال ولغات كمنطقة تجمع وان احتفظت بطابعها العربي – الاسلامي , مما اوجد جنسا خليطا متعددا لا هو بالعربي ولا هو من الاجناس الاخرى , هذا ما لحظناه من خلال كلامهم معنا , يتكلمون بلغة عربية ركيكة عبارة عن خليط من الكلام العربي – الفارسي وخاصة الشباب منهم , اما كبار السن فأنهم يتكلمون اللغة العربية الدارجة في الجنوب العراقي 0
تلال  – جذابة – بعد ان كانت مسرح للعمليات العسكرية في عهد النظام البائد اصبحت اليوم مركز استقبال للعراقيين الراغبين بالسفر الى ايران عبر منفذ الشيب الحدودي في محافظة ميسان ,  مرورا  بالشارع الضيق الذي يؤدي بك الى ناحية  ( البسيتين ) أو ما يسمى بالطريق العسكري الذي يوصلك الى المدن الحدودية الايرانية التي اجتاحها النظام السابق ووصل الى ضفاف نهر الكرخة مقابل مدينة الشوش حيث دارت معارك طاحنة على تلك الارض منذ عام 1980 حتى عام 1988 راح ضحيتها مئات الالوف من الطرفين كان ابرزها معارك ( الشوش –  دزفول )عام 1982 .00 وهذا ما لحظناها عند دخولنا مدينة البسيتين وسوسنكرد ( الخفاجية ) والحميدية حيث مقابر ضحايا الحروب وصورهم معلقة في الشوارع العامة 0
سائق التاكسي / سعيد / العربي الاصل يتكلم العربية بركاكة ويسال عن بعض الكلمات ومعناها ونحن نوضح له , يتجول بنا في المدينة من الصباح حتى المساء دون ان يفرض علينا مالا ويترك الخيار لنا ,  تتجسد فيه الاخلاق العربية الاصيلة عندما دعانا الى وليمة غداء في بيته الواقع وسط المدينة واستقبلتنا زوجته دون ان نعرف منها كلمة واحده سوى السلام لأنها لا تجيد العربية 0
/ نهر الكارون / يخترق المدينة من الشمال الغربي مرورا بوسطها حتى الجنوب الشرقي منها مما اوجد ساحل طويل في مركز المدينة يضم حدائق ومتنزهات وزوارق نهرية للسياحة , أصبح متنفس للزائرين تجد فيه التحرر الكامل للمرأة الايرانية وهي تتناول النارجيلة مع زميلاتها بكل حرية تسحب منها الانفاس الطويلة وتنفذها في الهواء 0
والمرأة الاهوازية تهتم بأناقة ملابسها وشكلها فتجد الكثير منهن تعمل عملية تجميل للأنف وكأنها ظاهرة حضارية حديثة عند المرأة الايرانية ,ومحاولة لتقليد المرأة الاوربية ووسيلة للتحلي وجذب الشباب والزواج بمن تهوى بدلا من تقوقعا في دائرة ضيقة او بقائها خارج المنظومة الحضارية 0
فيها اسواق حافلة ومنها تحمل السلع الى الجنوب العراقي بواسطة منفذي الشيب والشلامجة الحدوديين , وأسواقها مجهزة احسن تجهيز فكل شيء متوفر ويباع بأسعار زهيدة باستثناء المستورد منه او ما يطلقون عليه – خارجي – فانه غالي الثمن , وتشاهد العوائل في الحدائق العامة والكازينوهات والمطاعم يتناولون اطايب الطعام على شكل جماعات وبكميات وفيرة  , مما يدلل على الرخاء العام والكياسة في الرجال والمروءة في النساء وحدت سلوكهم وجعلت المدينة مركز للسرور والبهجة , رغم الحصار الدولي المفروض عليهم وهبوط العملة الايرانية – التومان – نحو الادنى , ولكن حال الناس يقول : لقد اصبح عندنا اكتفاء ذاتي فأصبحنا نحصد ما نأكل ونلبس ما ننسج ونشرب ما نعصر 0
/الاهواز / هي السوق الرئيسي لمقاطعة خوزستان وهي مدينة واسعة الشوارع ذات سهل زراعي خصب منبسط والمناخ فيها حار لذلك ينمو النخيل بكميات كبيرة في مناطقها ويصنع فيها السكر من القصب والحنطة والشعير والذرة هما الانتاج الزراعي الرئيسي وسكانها العرب يعيشون على السمك والتمر ,  وهي ليست كبيرة على قدر ما لكنها جميلة , فيها مباني عالية من الحجر ذات طوابق متعددة ونوافذ كثيرة وكلها مبنية على الطريقة الايرانية التي تعتمد الحديد كقواعد في البناء بدلا من الخرسانة 0
وأهل – الأهواز – كخليط بشري يرتدون الملابس العربية المعروفة والأغلبية ترتدي القميص والبنطلون , ونسائهم تلبس الزى العربي العباءة العربية او الاسلامية كما يسمونها وخاصة الريف الاهوازي المحادد للجنوب العراقي , اما المرأة الاهوازية في مركز المدينة فان الاغلبية الساحقة منهن ترتدي القميص الطويل والبنطلون وتضع الشال على رأسها وهو يغطي نصف شعر الراس والنصف الاخر في الهواء الطلق 0
/ سوق الجمعة / وسط المدينة يمتد على مسافة طويلة يفتح ابوابه صباحا لبيع السلع القديمة والجديدة يشبه سوق الجمعة عندنا حيث ملابس اهل الخليج العربي المستعملة تباع هناك لان اغلب البائعين والمتبضعين هم من العرب , و تباع الكاسيتات العراقية لعبادي العماري وحاتم العراقي وياس خضر وغيرهم ,  تصدح بصوت عالي وسط السوق الذي يقفل ابوابه عصرا وهي تقول  ( إعزاز عدنا ومن هويناهم هوينا الناس كلها )