9 أبريل، 2024 10:50 م
Search
Close this search box.

الانهيار العربي .. تحت عباءة الخوارج

Facebook
Twitter
LinkedIn

عندما تكون عيون أية امة مرفوعة إلى الأعلى تنظر تفوق الحضارات الاخرى عليها,وتركع بإرادتها إلى العنصر الثقافي المتغرب أو المستجذر,والمستورد محليا عبر العقول والأدوات الثقافية المحلية,يعني انك واقف على ارض رخوة,تهزك رياح القادمين خلف أو تحت عباءة الأزمات والاضطرابات المفتعلة,وتنخر نسيجك الاجتماعي الفتن النائمة بفعل الضرورات أو الموانع الرسمية والاجتماعية.
امتازت الحضارة الغربية الحديثة بكثافة التنظيم العالمي أو الخارجي العابر للسيادات(منظمات ومؤسسات عالمية ظاهرها تقديم الخدمات والاستشارات الإنسانية والثقافية والاقتصادية تصول وتجول في مختلف دول العالم-وإعلام تجاري عنصري مسيس), والاهتمام بالتوجيه الثقافي ألاستلابي, اصطدم مع الحضارات البعيدة أو المنهارة ,وسرق منها كل الموجودات والممتلكات المعنوية أو المادية,
في المقابل هرب المسلمون من تاريخهم المليء بقصص وأحداث التصفيات الثقافية والسياسية والجسدية,وقبل ان يعرف المفكرون والمثقفون العرب إن الأديان لا يمكن اقتلاعها من الجذور,
ولا توجد أي قوة في الكون ان تجد البديل للمعتقدات الفطرية الملامسة لكل الماورائيات والتأملات والتفسيرات الكونية العليا للأشياء المحسوسة أو غيرها,
عجزت هذه القوى والجماعات الثقافية والفكرية من إن تسيطر على مناهج الأديان وتسيرها وفقا للضرورات الاجتماعية,لتفرض هيمنتها على مدارس التفسير والتأويل وحتى التطبيق,
وتبعد تأثير الخطابات الثورية المقدسة زورا والمتشنجة من الشارع ,وهو تركة متوارثة عن تكرار الأخطاء التاريخية,لذلك في تأريخنا الإسلامي نجد إن الدولتين الأموية والعباسية سيطرت على المؤسسة الدينية بشكل مطلق,
بل إن أول خطوات الخلفاء الراشدين كانت منع حركات التوسع الفردية أو الجماعية ان تعمل بحرية,وكانت في أحيان أخرى تمارس القمع والنفي وأساليب أخرى,وفرض حتى منع تداول وتدوين الأحاديث النبوية أو التعامل بالتفسيرات والقراءات القرانية المخالفة للنهج السائد,
(حادثة أبا ذر الغفاري زمن الخليفة الثالث عثمان- وحروب الجمل وصفين والنهروان-وواقعة كربلاء-وحادثة حجر بن عدي وأصحابه أيام معاوية),
أما حادثة الخليفة الأول في مايسمى حروب الردة أو مانعي الزكاة,نعتقد إنها اخطر عملية تحول في أصول العقوبات الجزائية في الإسلام,استخدمت اليوم كذريعة لتمادي الحركات الفوضوية المتطرفة التكفيرية في القتل والتنكيل بالمسلمين
(ولايجوز القول بالأصولية لأنها أكثر تطرفا من هذه التي كانت معروفة في خمسينيات القرن الماضي),تستخدمها كذريعة لتنفيذ جرائمها البشعة بحق كل من يقف بوجهها أو يتعرض على تصرفاتها أو لا يؤيدها(ومن يخرج ضد مرسي رئيس مصر في 30 يونيو في حملة تمرد فهو كافر على سبيل المثال لا الحصر).
هناك ثلاثة أشياء مهمة أو جوانب ومنعطفات خطيرة ساهمت بتدمير المجتمعات العربية, وقضت على طموحات أجياله,”الفكر الوهابي-الأنظمة العربية العميلة للغرب-السلفية الجهادية الخارجة عن الإجماع الإسلامي”
(خارجة عن المذاهب السنية الأربع وعن التشيع وفرقه المختلفة),
ولكل واحدة من هذه الجوانب أفرع وتشعبات وتحليلات تطول لسنا في معرض التطرق إليها ألان,لكننا سنتكلم بإيجاز عن السياسة عند السلفيين الخوارج
وأنت ترى اجتماعهم بالأمس في القاهرة تحت عنوان تحشيد جهاديين جدد من فقراء ارض الكنانة,لزجهم في محرقة طالبانية جديدة,على غرار وقود محرقة الحرب الباردة في أفغانستان,
والملاحظ إن كل شيوخ الفضائيات المتطرفة اجتمعوا في قاعة الفتنة السعودية القطرية السلفية الخارجية في مصر,وهي خطوة خبيثة غايتها مصر نفسها ,وليس سوريا فقط,هذه الشلة الفاسدة التي شرفها العريفي وغيره,تعلم إن تحشيد وقود الجهاد يعني خطوة إلى الإمام في مشروع تقسيم شمال أفريقيا العربي ,كما فعل بالسودان(مصر-ليبيا- إضافة إلى سوريا-واحتمال تونس أيضا),هذه الخطوات والدعوات المحمومة لجر البلدان والشعوب العربية للتورط أكثر في المستنقع السوري,هي محاولات إرهابية لاتخدم إلا الاحتلال الإسرائيلي,والأجندات الامبريالية الغربية,وتساهم كما يعتقد رؤساء الفتنة في إبعاد شبح الخطر(خطر الربيع العربي الهدام) عن أنظمتهم الداعمة للإرهاب,
(دول الخليج العربي – وتركيا وأوربا -وأمريكا) ,في اكبر واخطر عملية تفريغ التطرف الإسلامي في محارق الأزمات,حيث أصبحت فتاوى التكفير أسهل من شربة ماء,فتجاوزت حدود المعقول وتفوقت بالإجرام على الحركة الخارجية في عهد الإمام علي ع,وصار نحر الأطفال واغتصاب النساء المسلمات المحصنات وسرقة البيوت والممتلكات العامة فتوحات إسلامية مباركة!
لماذا انهار المجتمع العربي؟
كيف انخدع الشباب العربي بالحروب الطائفية؟
لماذا تنتشر ثقافة التكفير والذبح أو النحر والفوضى وإيقاد الفتنة ألان؟
لماذا اختفى أو ابتعد المفكرون والمثقفون والأدباء العرب عن  ارض المواجهة أو المعركة؟
كيف فاز الإخوان المسلمين في مصر ومن مول حملتهم الانتخابية؟
 كيف سمحت الدول العربية بتنامي الصراع الطائفي في المنطقة وفتحت حدودها لما يسمى بالجهاديين للعبور إلى سوريا؟
لماذا شعار الشيعة اخطر من إسرائيل, وحزب الله حزب لاهوت أو اللات(وهو يحارب من اجل الإسلام وكرامة السنة العرب )؟
الجواب على كل هذه الأسئلة أمر يطول شرحه,ولكن لنعطي مثلا ,نقول كيف أصبح الحكام العرب صدام ,وحسني مبارك,والقذافي, وبن علي, وعلي صالح ,وملك البحرين ,والسعودية ,وقطر وبقية الدول العربية,رؤساء يحكمون المجتمعات العربية بالحديد والنار,اهو الدين أو المذهب أو التراث أم العادات والتقاليد العربية البدوية,أو الشعور بالنقص لذات مهزومة لقرون,أو هي التربية الأسرية وتلوث البيئة الحاضنة المليئة بالعشوائيات والانحرافات الثقافية والتربوية,
هل هذه مخلفات ثقيلة لتركة الإمبراطورية العثمانية التي هزمت العرب وحطمت تاريخهم وثقافتهم وتراثهم ويمكن حتى رجولتهم, نعتقد إن كل هذه الأسباب وغيرها هي من ولدت لنا أجيالا تتغنى بذبح الأطفال وسبي النساء,واعتقد جازما إن الانهيار سيستمر والمعاناة ستطول إن لم يجلس المفكرون والمثقفون العرب على طاولة الحوار والتجرد من الانتماءات الضيقة,
فلن نستطيع فهم أسباب الانهيار,ولن  نستطيع ان نجد الحلول للانهيارات الاجتماعية والدينية  المستمرة المتخفية خلف عباءة الدين الخارجي الجديد.
المؤامرة خطيرة ستمتد أثارها إلى العراق وإيران والأردن ومصر إن سقطت الدولة السورية,ولهذا طالبنا بعقد اتفاقية أمنية بين العراق وسوريا لملاحقة الحركات التكفيرية عبر حدود الدولتين,لمواجهة تصاعد حدة التوترات الطائفية في المناطق الحدودية,والعمل على إيجاد حل عقلاني للازمة السورية تستبعد منها الحركات التكفيرية.
أخيرا نقول من سيقاتل إسرائيل ويحرر القدس,والاستنزاف العربي والإسلامي مستمر في سوريا!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب