23 ديسمبر، 2024 10:13 ص

الانقلاب على الأعقاب

الانقلاب على الأعقاب

باختصار شديد ، يمكن القول :
إن المسار الناصع ، والموقف الشريف ،وحمل الهموم الكبار ، والانتصار للقضايا العادلة ، والتفاعل مع الآلام والآمال الشعبية ، والاتسام بالأخلاقية العالية ،وكل الخصال الايجابية التي تشكّل رصيداً ايجابياً كبيراً (للمناقبية)، لابُدَّ ان تبقى محفوظة مصانةً من الصدأ ، والانقلاب على الأعقاب ..!!
فقد يكون “الرجل” في مرحلة معيّنة من الزمن ، واحداً من الأحرار المتميزين بشجاعتهم ، وعذوبة منطقهم ، وصدق أحاسيسهم بمعاناة المظلومين والبائسين ، ولكنه في مرحلة لاحقه يتحول الى “رقم مرعب” للسفالة البشرية في منتهى انحداراتها ودناءاتها ..!!
إنّ التحول من خندق (الأصالة) الى خندق (السفالة) ليس صعباً على الاطلاق .
انه واقع ملموس ومشهود ،في معظم الأقطار والأعصار …!!!
ان قسماً ممن كاتَبَ الامام الحسين (ع) من أهل الكوفة ،ودعاه الى القدوم الى العراق ،وأعلن أنه مستعد لان يكون من جنده وأعوانه لانقاذ البلاد والعباد من الظلم الأموي الفظيع ،خرج الى حربه يوم عاشوراء …
وحين قال لهم الحسين ..
ألم تأتِني كُتُبُكم …، أنكروا ذلك، ومادمنا في ظلال العشرة الأولى من شهر محرم الحرام، لابُدَّ ان نذكر بالمثال الأبرز للانقلاب على الاعقاب متمثلاً
بشبث بن ربعي ، الذي قاتل في صفين تحت راية أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم خرج الى كربلاء ليحارب الحسين على رأس 4000 مقاتل..!!
انه انسلخ من ماضيه المجيد ،وأصبح من أبشع الساقطين في حمأة الاجرام، لم يكن صعباً عليه أنْ يميّز بين راية الحق التي رفعها الامام الحسين (ع) وبين راية الباطل، التي رفعتها جيوش بني أميّة … ولكنها العاقبة السيئة، التي قدّمت الانصياع لاغراءات الشيطان، على التمسك بأهداب العزّة والانسانية التي دعا اليها القرآن ، والتي أوضحها الامام الحسين بأجلى بيان :
(اني لم أخرج أشراً ولابطراً ولامفسداً ولاظالماً وانما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي …
اريد ان آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر )
وقوله (ع) :
{ الا ترون الى الحق لايُعمل به والباطل لايتناهى عنه }
وكل ما طَرَحَهُ الامام الحسين (ع) في خطاباته، من مفاهيم وحقائق ، لاتُبقي مجالاً لأحد للنكوص عن الانضواء تحت رايته، بينما اختار –شبث بن ريعي- وعن –سبق اصرار – الاصطفاف مع معسكر العفن الجاهلي، متمثلاً بيزيد وعصاباته الشقيّة المجرمة …
ومن يوم (كربلاء) الى أيامنا الراهنة ، وتضاريسها الداكنة :
فكم شهدنا من ممارسات فجّة ، وانتهاكات فظيعة للقيم والمبادئ والمواضعات الاجتماعية، وبرزت صفحات سوداء من التزوير والخداع ، والتنكر للضوابط والموازين ، والطيش والعبث بالكرامات والحرمات والانتهاب المنظم لثروات الوطن، دون وجل ولا حياء، وتقريب الابناء والاصهار والاقرباء والأنصار وتسليطهم على رقاب الناس ، وتهميش البارعين  من المهنيين والمختصين …..
والانشغال بالمصالح الشخصية والفئوية على حساب الوطن والمواطنين، الى آخر حفلت به قائمة المواخذات الكبيرة،على فريق لايُستهان به ممن تصدّروا ميادين النضال أيام الحكم الدكتاتوري البغيض البائد .
أليس هذا انقلابا على الاعقاب ؟!!
وتغليباً لشرعة الغاب ؟!!

[email protected]