23 ديسمبر، 2024 2:12 م

الانقـلابات العسكرية فـي المنطقة العربيـة

الانقـلابات العسكرية فـي المنطقة العربيـة

عـاشت منطقتنا العربية بين الخمسينيات والستينيات ، عقديـن من التفاعلات الداخلية التــي لا يمـكن إغفالها عن وقائع الإحداث التاريخيـة التي عرفتها وهي تتـوافق في البلدان الناميـة كافة مع انتشار الحـركات القومية ومساعي أتبـاع الملكية للبقاء في السلطة مقابل إصرار التيارات الحزبية اليسـارية واليمينية على حد سواء فـي الاستيلاء على سدة الحكم والإمسـاك بها عبر شتى السبل ، بما فـي ذلك اللجوء إلى الكفـاح المسلح الذي كان استثناء فـي المنطقة مقابل القاعدة العامـة وهي الاستعانة بوحـدات الجيوش النظامية الحديثة وقادتهـا لبلوغ طموحاتها في الحكـم .
والجيـوش النظامية كانت حديثة البناء فـي تلك الفترة ، كمـا كانت ترمز إلى الهويـة الوطنية لبـلدان قامت على مساحات كانت تتقاسمهـا دول الاستعمار الأوروبي الكبرى ثم أجبـرت على مغادرتها اثر تعـاظم حركات التحرر فيهـا ، كمـا أجبرت على تحويل ما تركته من وحـدات قتالية محلية إلـى قوات نظامية تابعة للدولـة المستقلة حديثاً دون أن تتخلى عن علاقاتها المميزة بضباطها الذين تعلموا وتدربوا فـي معسكراتها بل وفي دولها أيضاً ، بالإضـافة إلى إنها اعتمدت عليها في تسليح جيوشهـا .
لقـد غلب الطابع العسكري على غالبيـة الانقلابات التي شهدتها المنطقة بل يمكـن القول أن الانقـلابات السياسية أيضاً كانت غالباً مـا تفرز حكماً يكتسب شرعيته من رجال الجيش الذين عادة ما ينضمون إلـى النظام الجديد فيحتلون مراتـب وزارية كما فعل الرئيس الراحـل حافظ أسد حين تولى حقيبة وزارة الدفاع أثـر الإطاحة بـ أمين الحافظ عـام 1966 ، فبدل بزته العسكرية بأخـرى مدنية حتـى أصبح رئيساً للدولة أثر احتدام الصـراعات على السلطة بين البعثيين أنفسهـم .
وهـذا هو حال الرئيس العراقي الراحـل احمد حسن البكر مع الرئيس المخلوع الراحـل صدام حسين الذي اجبـره لاحقاً على الاستقالة ، وكـذلك حال البقية الباقية من الانقلابيين في مصر والسودان وليبيـا والجزائر وصولاً إلى آخر انقـلاب عرفته موريتانيا في الثالث مـن آب / 2005 .
ويعتقـد المراقبون ، إن المنطقة كـانت تعيش حالة من التفاعلات القومية والحزبية الناشطة ، ومـن البديهي إن يأتي الانقلابيون من رحم ذلك الغليـان الشعبي العارم وسط أحداث شكلت منعطفات تاريخية لهـا أثر عميق على الواقع والمستقبل العربـي برمته ، ومع ذلـك فأن الوثائق المنشورة تفند فكرة انتمـــاء الانقلابيين في المنطقة إلى تيارات ادعت تمثيلها ، بـل تشير في السواد الأعظـم منها إلى تخلي العديد منهـم عن الخلفية السياسية أو الحزبية التي أوصلتهم إلى السلطـة .
ولـكن ذلك لا يلغي حقيقة أن التفاعـلات الداخلية كانت سبباً رئيسياً في وقوع الانقلابات وهـذا ما تؤكده مجموعة من الوثائق المتعلقـة بعدد من الانقلابات التي شهدتهـا المنطقـة .
فقـد شهدت معظم الأقطار العربية الحديثـة مجموعة متغيرات مأساوية لأنظمة الحكم فيها خصوصاً بعـد الحرب العالمية الثانية عند وقوع أول انقـلاب في الوطن العربي وكان في سوريا عام 1949 ، على يـد رئيس الأركان آنذاك حسني الزعيـم فترددت أصداؤه في مصر حيث قامـت مجموعة من الضباط الأحرار عـام 1952 بانقـلاب على حكم أسرة محمد علي ، ومـا لبث أن تبعه الجيش العـراقي فأنهى حكم الهاشميين فـي انقلاب قاده عبد الكريم قاسم عـام 1958 . وفي العام نفسـه انقـلب الجيش السوداني بـزعامة إبراهيم عبود على حكومة الاستقـلال المدنية لتتوالى الانقلابات التي وصـف بعضها بالأبيض والآخـر بالأسود والدموي ، ولكـن الثابت فيها أن الجيش كـان في الغالب محور التغيـير ، لـم تشهد سوريا أول انقلاب في العـالم العربي فحسب بل سجلت الرقم القياسي من حيـث عدد الانقلابات فمن بين مـا يربو على أربعين انقلاباً عرفتها المنطقـة العربية منذ عام 1949 ، نجـد أن نصيب سوريا منها تسعـة ، تليها موريتانيـا بستة انقلابات ، ومن بعدها اليمن بخمسة انقلابـات ثم العراق والسودان اللذان سجلا أربعـة انقلابات لكل منهما تبعهما لبنان وجزر القمر بثلاثة انقلابـات لكل منهما . أمـا مصر والصومال وليبيا فقـد شهدت كل منها انقلاباً واحداً خلال تلك الفتـرة .
بعـد إن كان لـ حسني الزعيم شرف الإعـلان عن أول انقلاب في الوطن العربي قـامت مجموعـة من العسكريين المصريين أطلقت علـى نفسها لقب تنظيم الضباط الأحرار بالإعلان صبيحة الثالث والعشرين من تموز من عـام 1952 ، عن أسبـاب انقلابها على آخر وريث فعـلي لسلالة محمـد علي ، وتوجه الملك فاروق حسب الوثـائق البريطانية والأمريكية حينها بطلب المساعدة من السفارة الأمريكية فلم تستجيب ، وفـي السادس والعشرين تنازل عن العرش ليرحل إلى ايطاليا ويموت فيهـا .
عـام 1954 ، أطاحت أزمة مارس بالرئيس المصري محمد نجيب ليتولى جمال عبد الناصر الحكـم ويبقى في السلطة الفعلية مـا يقارب العقدين حتى مماته في 28 / أيلول من عـام 1970 .
وهـذا هو حال نظرائه من زعماء الانقلابات في بلدان عربية أخرى . فالرئيس السوري الراحل حـافظ أسد كان ضابطاً عسكرياً فوزيـراً للدفاع في حرب عام 1967 ، قبـل أن يقود ما عرف بالحركة التصحيحية التـي أتت به إلى كرسي حكم انتقل بعـد موته إلى ابنه الرئيس الحالي بشـار الأسد .
وهـذا أيضا حال الانقلاب الذي قادة الرئيس الجـزائري الراحل هواري بومدين الذي أطاح بالـرئيس الجزائري الأسبق احمد بن بلة اثر نزاعـات اجتاحت مراكز القوى في الجيش وجبهة التحرير الجزائرية تحـت شعارات حماية مسيرة الثورة ومكتسبـاتها . وبقي هواري بومدين على رأس السلطة فـي الجزائر منذ انقلابه في 19 /7 /1965 ، حتى وفاته عـام 1978 .
وفـي السودان ، وصل الرئيس الأسبق جعفــــر النميري الى سدة الرئاسة في 22/أيار/1969 ، بعد ثـلاثة انقلابات توالت على السلطـة دون الإمساك بزمام الحكم وقــد جاء النميري بدعم مـن عدة أحزاب سياسية بين القومية واليسارية وقــام فيما بعد بالعمل على تصفيتها تجنباً لانقلابهـا عليه ولكنه مع ذلك سقط بـانقلاب آخر مشابه بعد (16) عاماً من الحكـم .
وقـد أطاح انقلاب 14/ تموز /1958 ، بسلطة نـوري السعيد وبالأسرة الهاشمية في العراق ليـأتي بحكومة عبد الكريم قاسم الذي لـم يدم طويلاً فسرعان ما أطاح الانقلاب البعثي عام 1963 وبأنقلابهم عام 1968 بكل الرموز السياسية فـي البلد ليبقى الرئيس العراقي الراحـل صدام حسين في السلطة ما يقرب من ثلاثة عقود انتهـت بالغزو الأمريكي الذي أخرجه منها إلـى السجن ومن ثم الى الاعـدام .
هنـاك انقلابات أخرى كان زعماؤها أوفر حظاً . فـالرئيس الليبي معمر القذافي أطاح بأسرة السنوسي المالكة عـام 1969 ، واستولى علـى السلطة ليبقى فيها ما يقرب من أربعـة عقود لينتهيعام 2011على ايدي شباب ليبيا … ويبـدو انه كان يُعـد  ابنه سيف الإسلام لتولي سدة الـرئاسة من بعده اثر تنفيذه شروط الأمريكيين والبريطانيين وحلفائهـم .
وينـطبق ذلك على ما شهدته تونس من انقلاب سلمي ابيض قـام به الرئيس  زين العـابدين بن علي ليطيح بالرئيس الأسبق الحبـيب بورقيبة ويتمسك بكرسي الرئاسة من بعده حتى خلعته الجماهير التونسية بسببعدم اكتراثه بالمعارضة الداخليـة والدعوات الدولية المنادية بالتغييـر .
وهـذا هو أيضا حال العديد من الدول الملكية الوراثية التـي شهدت هي الأخرى بضعة انقلابات أطـاحت بوريث عمان السلطان سعيد بن تيمور وجـاءت بابنه السلطان قابوس بن سعيد ، وأعفت العاهل الأردني الملـك طلال ليرثه ابنه الملك حسين وربمـا أدت بالملك السعودي فيصل بن عبد العزيز ليرثه أشقاؤه السدريين السبعـة .
لقـد شكلت تلك الانقلابات العسكرية والمدنية بمجموعها منعطفات تاريخية هامة في الحياة السيـاسية لبلدان المنطقة خصوصاً وان بعضاً من رمـوزها ما زال يحكم حتى اليوم بالرغم من التعقيدات السياسية الـداخلية والخارجية التي تميز هذا العصـر .
جـاءت الانقلابات العسكرية والسياسية بأشكال وأعذار مختلفة . وتحـوّل الانقلابيون فيها إلى زعمـاء أقاموا هيئات ومجالس عينوا أنفسهم قـادة عليها وعملوا من خلالها على تحويل مجريات الإحداث السياسية فـي البلاد بعد أن منحوا أنفسهم الحق المطلق فـي امتلاك الرأي السديد في توصيه البلاد وتحديد مستقبلهـا .
إن أسبـاب الانقلابات كثيراً ما تكون ذات شأن داخلي (الفصل الأول) وليس لهــا علاقة مباشـرة بالخارج ، منها مـا يتمثل بموضوع الصومال وانقلاب الرئيس السابق محمد سياد بري حيث تحدثت معظـم المراجع والأبحاث عن اليد الروسية الطولى والواضحـة في الانقلاب . والوثائق التي أوردهـا المؤلف بخصوص هذا الانقلاب أكـدت التأكيد البريطاني والفرنسي على انه ليس لروسيا أو ألمانيا علاقـة بالموضوع وان أسباب الانقلاب داخلية بحتة ، وفـق بعض المقاربات التي يمكن البناء عليها بعد الاطـلاع على ما توفر من وثائق ومراجع بحثية متنوعة . وهذا ما ينطبق على الحالة الليبية . مـع أن الجديد هنا قـد يكمن في المفارقات المتعلقة بمواقف الملك إدريس المتأرجحة أو في التفسير البريطاني لمعـاهدة الدفاع المشترك مع ليبيا حينمـا طلب (الشلحي) التدخل العسكري من اجل عـودة النظام الملكي ، كمـا أن هذا قد تقاطع مع المعلومات المتوافرة فـي كثير من المراجع حول تورط (الشلحـي) في انقلاب كاد يسبق حركـة القذافي في الإطاحة بالسنوسـي .
وعـلى مستوى آخر تتكرر في بعض البلدان التـي شهدت انقلابات متعددة ظاهرة اتهام دول عربيـة وإقليمية أخرى في الإعداد لها أو التـأمر مع الانقلابيين أو ضدهم حسب التحالفات الإقليمية المطلوبة ، هـذا ما شوهد في ادوار لعبتها مصر والسعودية والعراق فـي بعض منها مما دفع ذلك المؤلـف لوضع اعتبار للمشهد الإقليمي فـي بعض الانقلابات (الفصل الثاني) وهو مـا نقرأه في الوثائق المتعلقة بـانقلاب سامي حلمي الحناوي في سوريا عام 1949 ، والمتمثل فـي علاقة العراق بالانقلابييـن وارتباطه بفكرة الكونفدرالية التـي كان ينادي بها الهاشميون فـي بغداد وما إلى هنالك من مـخاوف وإطماع توسعية إقليمية مشابهة وقفـت وراء الكثير مما عرضته المنطقة من انقلابـات .
إمـا عن الأردن فأن المفاجئ والجديد في الوثائق البريطانية هو الدور الاستثنائي للملكة زين الشرف والـدة الملك حسين في التأمر مع رئيس الـوزراء آنذاك توفيق أبو الهدى على زوجها الملك طـلال وكذلك الرشاوي السعودية لـرئيس الوزراء توفيق أبو الهدى للحفاظ على بقـاء الأردن خارج نطاق التأثيـر العراقي وكذلك ما كان يدفع فـي علاج الملك طلال في القاهرة حينهـا . هذا ما يـوفر بعـض المعطيات التي تشير إلى الدعم الإقليمـي لإعفاء الملك طلال وتسليم السلطة سلمـاً إلى ابنه الملـك الراحل حسين بالرغم من سنّه اليافعـة .
وحـول مهادنة الانقلابيين للدول الكبرى (الفصل الثالث) جــرى التعامل معها كظاهرة تكررت عبر السـواد الأعظم من القائمين على الانقلابات . يـورد المؤلف إحدى الوثائق الصادرة عن السفارة البريطانية فـي القاهرة والموجهة إلى الخارجية في لندن يـوم 18/ أيلول /1952 ، تضم مجموعة رسائل تقـول : إن أربعة من كبـار الضباط الأعضاء في اللجنة العسكريـة العليا أو القريبين منها تناولوا الطعام على مـائدة الملحق العسكري البـريطاني ، وقد تم اللقاء في منزله وحضـره مساعد الملحق وشخصية أخرى (مجهولـة) وسجلا محضراً باللقـاء .
هنـاك تقييم لكل من جمال عبد الناصر وجمـال سالم وصلاح سالم و زكريا محي الدين . وقد وصف جمـال عبد الناصر فيه بأنه قريب مـن الإخوان المسلمين وليس على عداء مع بريطانيا . وتبدأ الوثيقـة بقول الملحق العسكري انه : بنـاءً على طلبي أحضر زكريا محي الدين ثلاثـة من أعضاء اللجنة العسكرية العليـا لتناول الطعام في منزلـي …
تحتـوي الرسالة الثانية على دراسة نفسية شخصيـة وسياسية للضباط الأربعة وأرائهم بينما تضم الرسـالة الثالثة انطباعات كونها الملحق العسكري البريطاني عن الضباط الأربعـة الشخصية والنفسية والسياسية ، وهـذه الرسالة أشبه بتقرير مخابراتي دقيق أمـا الرسالة الرابعة والأخيرة فهـي تصف أجواء وظروف الغـداء .
كمـا توحي الوثائق التي استطاع المؤلف الحصـول عليها بان بريطانيا والولايات المتحــدة كانتـا تكرسان جل اهتمامهما على حمايـة شيوخ وأمراء دول الخليج كمـا ورد في وثيقة من السفارة البريطانية فـي دمشق إلى الخارجية في لندن فـي 19/3/1963 ، حول انقـلاب الحناوي في سوريا ونتائجـه تقول : من المهم تجنـب الميل إلى جانب أي من الإطـراف المتنازعة العربية وحصر أنفسنا فـي مصالحنا الحيـوية وحماية مشايخ الخليج وتجنـب أزمة دولية حول الأردن . ممـا يؤكد توافر المعطيات الضروريـة في كثير من الانقلابات دفـع المؤلف للخوض فيها في فصل آخر من الكتاب يشيـــر إلى دور الـدول وأدائها تجاه الانقلابات (الفصل الرابـع) .
وقـد تدخل جوانب من الحركة الانقلابية لمـا عرف بثورة الرئيس الراحل جمال عبد النـاصر في 23/ تمـوز/1952 تحـت هذا العنوان ، مـع انه لا توجد إجابة واضحة عن دور بريطـاني أو أمريكي مبـاشر في دعم الانقلاب ألا إن الاجتماعات المتكـررة التي انعقدت بين سفراء البلدين وقادة الانقـلاب ، يمكن تلخيصها بـان الاهتمام الرئيسي لبريطانيا كـان منصباً على موضوعة المصالح العسكرية ، القـواعد ومخزون السلاح في مصر ، والاقتصادية (قناة السويـس) .
إمـا الوثائق الأمريكية فتشير أحداها إلى كراهيـة أمريكية لـ الملك فاروق ونظامه وتشكك بالـدعاية القائلة بان الانقلاب ذو طابـع شيوعي بينما توحي مراجع متنوعة إلـى رغبة واشنطن في تـدهور السيطرة البريطانية على مصر فترجـم ذلك في المرحلة الأولى وقوفاً مع الانقلابيين بالـرغم مـن تغيير ذلك في مراحل لاحقة ليصبح أكثـر اعتماداً على مقاييس الحرب الباردة وحماية نفوذها ومصالحها فـي المنطقة ، وقـد لا نجد اختلافاً جوهرياً في دور وسياسة الاتحاد السوفيتي والدول التي دارت في فلـكه تجاه تلك الوقائع في منطقتنا العربيـة .
وهنـاك حالة انقلابية فريدة خرجت عن مجمـل القواعد السابقة في هذا الكتاب مع أنها بقيـت الأقـرب إلى التصنيف الرابع منها ولكن المـؤلف آثر تكريس فصل خاص بهـا (الفصل الخامس / انقلاب أردني) لمـا اكتنفها من غموض أبقاها طـي الكتمان أحياناً وفي إطار نظريات المؤامرة أحيـانا أخرى حتى أخـذت ملامحها تتكشف منذ الإفراج عن مجموعـة من الوثائق البريطانية التي تسلط الأضـواء علـى وقائع وإحـداث بقيت لعدة عقود غير قابلة للجـدل .
الانقلابـات التي شهدتها دول المنطقة العربية منذ قيامهـا أواسط القرن الماضي ، وقفت وراءها مجمـوعة من الأسباب حاول المؤلف تسليـط الأضواء على ابرز جوانبها والخوض في تفاعلاتها والرئيسية ومـا أحاط بها من ظروف سياسية محليـة وإقليمية ودولية انطلاقاً مما توفر للمؤلف من شهـادات ومذكرات اعتمدتها شخصيات إقليمية ومـراجع ووثائق رسمية صدرت عن دول غربية اعتقد المؤلف أنهـا لعبت دوراً رئيساً في تلك الإحـداث أو كان لها عين المراقب المهتـم والمتابع لوقائع تـاريخية شكلت منعطفات حاسمة في مسار هـذه المنطقة ومازالت حتى اليوم تؤثـر على حياة المواطن العادي فيهـا .
وان كـان لهذا الكتاب أن يركز على جوانب محـددة من أشكال الانقلابات في دول المنطقة ، فهـو بذلك يبقي الباب أمـام مجموعة من التساؤلات الضرورية المتعلقة بذا الموضوع خصوصاً انه لم يسعى للخـوض في الجهود التحليلية المتعلقة بالتفاعلات المحيطة بتلك الوقائع ومدلولاتها السياسية والفكرية ألا قليـلاً .
ولأن الحـرية لا تكتمل ألا بالمعرفة ، رأى المـؤلف أن شح الوثائق التي أفرجت عنها الـدول الغـربية وانعدام المصادر العربية الرسمية كليـاً شكل واحداً من ابرز العوائق أمام سعي الأدب السياسي العربي للعمـل على اكتمال الصورة في أحجية الانقلابات العسكرية والمدنيـة التي شهدتها المنطقة العربيـة .

* الكتـاب :
ملـف الانقلابات في الدول العربية المعاصرة ، تأليـف : نبيل خليل خليل ، ط1 ، دار الفارابــي ، بيـروت ، 2008 ، 293 ص .

[email protected]