الاوضاع في البصرة لا تسر مواطناً شريفاً حريصاً على اهلها ومالها، بل العراقيون كلهم اليوم يعيشون في حالة من القلق على بصرتهم وعلى ما فيها، ويخشون من الامور قد تفلت من السيء الى الاسوء، هذه المدينة العريقة اصبحت رهينة للمافيات بلبوس احزاب وجماعات ومنظومات عشائرية، غاب القانون وسادت شريعة الغاب.
لم تعرف البصرة الاستقرار الا في مراحل قصيرة في العهد الجديد، بين مدة واخرى تتفجر الاوضاع الامنية فيها ولا يمر يوم الا الناس الابرياء ضحايا التعصب والتطرف والتمييز والتسلط والاستيلاء على المال العام والخاص على حد سواء اليوم البصرة فريسة للصراعات العشائرية ليس على الاعراف والمبادئ وانما على النفوذ والسلطة الى جانب صراعات وتجاذبات الاحزاب الحاكمة اشتد اوارها لقرب الانتخابات وفي خصم هذين الصراعين الاساسيين فقد الامن وتصول وتجول العصابات التي دفعت بعضهم الى العودة الى الولاءات الفرعية للاحتماء بها لانعدام تطبيق القانون وعجز السلطات الحاكمة والحكومة من القيام بواجباتها المنصوص عليها دستورياً.
الواقع ان البصرة يديرها الاسلام السياسي ليس هناك من طرف يهدده او يشكل معارضة تحتمل تغيير زمام الامور، ولكنه ليس منسجماً لا سياسياً ولا اجتماعياً ويدور الخلاف والاختلاف الذي يتخذ اشكالاً عنيفة للاستحواذ على الموارد وتوظيفها في القنوات الضيقة برغم المآسي والكوارث والشكوى الزائفة من الاطراف السياسية المكونة للحكومة المحلية ومن يدور في فلكها الا ان ايا منها لم يحرك ساكنا في حدود مجاله وامكاناته لايقاف الانهيار والفوضى بل ان الكثير منهم يغذيها للمحافظة على حصة من غنيمة المؤسسات والموارد التي تقاسموها واستغلوها ليس هناك من مجال ونشاط بانواعه لا يقع تحت طائلة نفوذ احدى القوى المتحكمة والناهية والآمرة، لذلك لا تجد الحلول طريقها الى التطبيق والالتزام اذا ما مست المجال الحيوي لهذه المجموعة او تلك.
الجميع يعرف ان المشكلة تكمن في بنية العملية السياسية ومشروع الدولة الذي لم يكتمل الذي بني على اساس المحاصصة والطائفية السياسية والاثنية الى جانب ان هذه القوى برغم وجود الامكانية لتخطي بعض شروره وكوابحه الا ان اطرافاً وجدت فيه الفائدة لتعظيم نفوذها واستغلالها لذلك هي في احسن الحالات تقف موقف المتفرج ان لم نقل المشجع لاستمرار الانفلات الامني والتناحر في المجتمع المحلي وتشضيه وانقسامه على نفسه وتسعير الصراع فيما بينه باشكال مختلفة مرئية ومباشرة وغير مباشرة.
ان هذه القوى استنفدت اغراضها واذا كان اهل البصرة الذين لا مصلحة لهم في الفوضى وانعدام الامن والعودة الى العصبية القبلية ما عليهم الا ان يتعاملوا بجد وحزم ومسؤولية في الانتخابات المقبلة وابعاد كل موتور ومافيوي ومتعصب ومتطرف عن السلطة ليس هناك افضل من هذه الفرصة للخلاص من بعض الفاسدين ولا نقول كلهم لانهم مايزالون يملكون ادوات التأثير والخداع لسلب الاصوات وتحريك السذج وغير الواعين لخدمة اهدافهم المناوئة لشعبنا ومصالحه وحقه في حياة حرة وكريمة.
ان هذا الانفلات قد تكون عملية جراحته صعبة وربما تمتد الى الجنوب كله الذي يغلي جراء تفاقم الاوضاع المعيشية واستشراء الفساد والتسلط والتحكم بالناس وانسداد افق الحلول.
المجتمعات في المحافظات الجنوبية مترابطة والوشائج بينها قوية وتعاني من ظروف متشابهة وتحركها عناصر واحدة وانتقال الشرارة في هشيم مخلفات الاحزاب والتجمعات ليس بالامر العسير.