ازداد في الفترة الاخيرة، الحديث عن انسحاب امريكي من العراق، وكان المقصود من هذا الحديث هو الانسحاب الكلي في نهاية المطاف من العراق. في ذات الوقت، بل في تزامن اكثر ايضا الحديث عن ان امريكا هي في صدد او في طور احداث تغيير كلي في المنظومة السياسية في العراق، بمنظومة اخرى بديلة. ان كلا الرؤيتين لما سوف يكون عليه النظام السياسي في الوطن؛ اي انسحاب امريكي مع تغير في منظومة الحكم؛ ما هي الا فهم سطحي. ان هذا التحليل او هذه الرؤية السياسية لا تنم عن قراءة عميقة وواسعة وشاملة لما هو جاري، وسيجرى في الزمن المقبل من تغيرات وتحولات في المشهد السياسي الاقليمي والدولي. موقع العراق، الوطن هو في قلب او مركز ثقل هذه التحولات سواء الاقليمية اقصد فيها؛ جوار العراق. النظام الدولي؛في الطريق الى نظام دولي مفترض جديد؛ قاعدته؛ التعددية القطبية،او تعدد مراكز التأثير الدولي والاقليمي؛ وهي عملية تحديث للعبة الدولية التي تلعبها القوى العظمى والكبرى حين تكون قواعد ومعايير الحوكمة الدولية في الصراعات والعلاقات الدولية؛ قديمة وعتيقة وعبرتها التغيرات والتحولات ولم تعد صالحة للعمل وفقها في العلاقات الدولية وصراعتها، وتنافسها على زيادة مساحة تأثيراتها ونفوذها.هناك عدة مواقع صراعية ساخنة جدا، بل ان ما يجري في بعضها عبارة عن كم هائل من المحارق للبشر والزرع والضرع والأرض؛ نتائجها سواء سلبا او ايجابا، اي الفشل او النجاح؛ سوف تكون هي البداية لتعبيد الطريق الى عالم التعددية القطبية: اولا، الجريمة الصهيونية على الشعب العربي الفلسطيني في غزة، وهذه لها علاقة عضوية ومتداخله مع ما يجري الآن في لبنان واليمن وفي العراق، وفي سوريا. من وجهة نظر كاتب هذه السطور المتواضعة ان الفشل الاسرائيلي في غزة سوف يكون هو الواقع المنتظر والمأمول. ثانيا، النووي الايراني. مع ان موضوع النووي الايراني هو غطاء لتشديد الخناق على ايران سياسيا واقتصاديا، والعمل بطرق خفية ومناقضة لتصريحات مسؤولو امريكا عن التفاوض والحوار في الذي يخص النووي الايراني؛ بل ان العملية كلها؛ هي لعزل ايران اقليميا ودوليا. هذه السياسية ليس الهدف منها هو النووي الايراني، بل الهدف هو تغيير النظام الايراني بطريق لا تقود او لا ينتج عنها فوضى واضطراب في المشهد الايراني، قد ينتج عنه ما تريد امريكا والغرب الجماعي ان يكون له وجود في اليوم التالي لتغير النظام الايراني حسب التصور والرؤية الامريكية والاسرائيلية. ثالثا، الحرب في اوكرانيا التي هي محور الثقل الاساس، او مفتاح المفاتيح في فتح الطريق الى عالم جديد مفترض. رابعا، الصراع في بحر الصين الجنوبي والشرقي، وفي تايوان، وفي اسيا الوسطى، وفي مناطق اخرى.. نعود الى فرية الانسحاب الامريكي من العراق والى كذبة او خدعة تغير النظام السياسي في العراق، الوطن الحبيب. امريكا ليس في بالها ولا في عقيدتها هو الانسحاب من العراق وهنا ما اقصده بالانسحاب هو الانسحاب تام والكلي، كما انها ليس في كل خططها؛ عملية التغيير السياسي الكلي في العراق ابدا اقول ابدا وبكل قناعة او بقناعة كاملة ومستقرة في الذهن والنفس. إنما من الجانب الثاني، اولا، تريد امريكا من العراق ان لا يكون الرئة التي تتنفس منها ايران؛ وان لا يكون لها( ايران) مراكز سياسية وعسكرية تهدد بها حلفاء امريكا سواء في داخل العراق( كردستان العراق) او في جوار العراق. ثانيا، ان لا يكون العراق مساحة استثمار صيني وروسي عن طريق او بواسطة ايران. مما يعني توسيع نفوذ الثنائي الصيني الروسي. هذه القراءة الشخصية هي حسب قرأتي لمخطط الامريكي الاسرائيلي الغربي، وليس كقناعة شخصية، بل ان العكس هو الصحيح. ثالثا، الدعم الايراني للمقاومة سواء في فلسطين او في لبنان او في اليمن.