لمن يراقب الأحداث بعد تولى أوباما الرئاسة يشاهد الانسحاب الكبير للولايات المتحدة من الشرق الأوسط وترك الساحة لمن يملئها سواء كانت ايران التي تتدخل عن طريق الشيعة الموجودين في بلدان الشرق الأوسط أو تركيا التي تتدخل عن طريق وجود الأخوان المسلمين في بلدان الربيع العربي .
حسب تقارير المراكز والمعاهد السياسية أن هنالك أكثر 700 شركة امريكية كانت تعمل في الشرق الأوسط قبل بداية الحرب على الأرهاب أما الان تبقى منها أقل من 200 شركة .و البلدان التي كان المواطن الأمريكي لايستطيع الدخول اليها في الشرق الاوسط وشمال أفريفيا زادت من خمسة بلدان الى أكثر من عشرين بلد .
وأن البعثات الدبلماسية والمواطن الأمريكي أصبح لايستطيع العمل أو مجرد التنقل في بلدان مثل اليمن وليبيا وسوريا ولبنان ومصر والعراق التي خسرت الولايات المتحدة كل نفوذها فيه بسبب النفوذ الايراني وبسبب الانسحاب الغير مسؤول للقوات الامريكية من العراق عام 2011 وهو الأمر الذي أساء الى الولايات المتحدة قبل أن يسئ الى العراق لأن فكرة الديمقراطية الأمريكية التي كان يتمناها كل العرب أصبحت مكروهه بسبب تدهور أوضاع العراق السياسية والأمنية والأقتصادية ورأينا في مصر كيف أعادت الناس أنتخاب رجل عسكري المشير عبد الفتاح السيسي بعد أن قاموا بثورة أطاحة برجل عسكري حسني مبارك فقط حتى لاتتدخل الولايات المتحدة في شؤون مصر. ورأينا كيف كان تذبذب الاراء حول سوريا حتى بعد أستخدام النظام السوري للكيماوي ضد شبعه ورغم قباحة النظام السوري ولكن لا أحد يريد أسقاطه خوفا من عراق ثاني لذلك يتفاوض الجميع على خروج بشار الأسد من السلطة فقط.
الولايات المتحدة التي خسرت أكثر من عشرة الاف جندي قتيل وأكثر من أربعين الف جريح ومئات المليارات من الدولات بين تكلفة الحروب والمساعدات في الشرق الأوسط أصبح البعض يتكلم عن أن جائزة نوبل التي أعطيت للرئيس اوباما بعد فوزه بالولاية الاولى قد قيدته لكن الجميع يعلم بأن الولايات المتحدة دولة مؤسسات قد يكون الأمر الأخير للرئيس لكن هذه المؤسسات لايستطيع أحد التحكم فيها، والبعض الأخر يقول أن سياسة أوباما تعتمد على التركيز على الداخل في الولايات المتحدة ولكن الجميع يعلم بأن الولايات المتحدة كسبت عظمتها من الخارج كونها لاتملك تاريخ عريق مثل روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا فهي دولة حديثة لايتعدى عمرها 250 عام وظهرت كقوة توازن في الحرب العالمية الثانية بعد أن مالت الكفة لصالح المانيا وبعد أنهيار الاتحاد السوفيتي كقوة ردع بوجه الدول التي لاتلتزم بالقوانيين الدولية .
يبقى السؤال في ضل تراجع النفوذ الأمريكي والانسحاب من الشرق الأوسط والتي كان أخره ما أعلنه الرئيس اوباما عندما قام بزيارة مفاجئة الى أفغانستان ورفض مقابلته الرئيس الافغاني حامد كرزاي عن تخفيض عدد القوات الأمريكية في أفغانستان الى 9600 جندي فقط بعد أن كانت في بداية الحملة أكثر من 250 الف جندي ، وبعد أن أعلن الجيش الامريكي عن خفض تعداده وموازنته التي أصبحت تمثل عبئا على الاقتصاد الامريكي هل سينسحب الجيش الامريكي من قواعده في الخليج ويترك اسرائيل الخائفة من العرب رغم أمتلاكها أفضل سلاح بالمنطقة؟ وايظا هل سيترك حلفائه من دول الخليج الخائفين من ايران رغم أمتلاكهم لسلاح أفضل من سلاح ايران؟ وهل سيترك المنطقة التي يخرج منها 60 بالمائة من النفط العالمي دون تأمين ؟وهل سنشهد ظهور قوة عظمى جديدة تسيطر على الشرق الأوسط علما أن هذه المنطقة لم تستطع أي قوة البقاء فيها بدءا من العثمانين والفرنسيين والبريطانيين الى الأمريكيين أذا ما رحلوا.