23 ديسمبر، 2024 7:22 م

كل تغيير وكل ثورة تتحقق بعوامل ذاتية وعوامل موضوعية ومن اهم العوامل الذاتية فضلا عن التنظيم الثوري  وقيادة النخبة الكفؤة الواعية و ارادة التغيير الشعبية وذلك لان التغيير لا يحدث دونما ارادة للتغيير واذ يقع التبرير لا تقرير حينئذ للمصير ،لذا فان عدم القناعة بالثورة لا يمكن ان تصنع شعبا ثائرا وهو ما لاحظناه من شعور بالدونية اصابنا عندما تخاذلنا في الثورة ضد نظام القمع البعثي الصدامي طوال 35 عام من تبريرات وكلام فارغ من قبيل (هذا اقل من استحقاقنا ولا خير فينا ولا يفيدنا الا الدكتاتور نحن شعب منافق وغيرها من القناعات السلبية  العامة الشائعة المركوزة انذاك )ولذا نجد ان كثير من النخب القادة و مراجع الدين  عندما طالبهم الثوار بالثورة قد اتهموا الشعب بالخذلان وبانه لا امان له ولا يمكن الاعتماد عليه)حيث  كان حال عامة الشعب ان  يستسلم للواقع وان لا يقرر التغيير ولا يتحرك للتغيير ثم حدث تطور هام بعد الانتفاضة الشعبانية وبعد ظهور حركة الشهيد الصدر الثاني رضوان الله عليه مرورا بالاحتلال  حيث تحرك الشعب منتفضا  الا انه ظل اداة تنفيذ ينتظر ان يقرر الغير بدلا عنه  لكن عندما سقط الظالم بعد الاحتلال بقيت منظومة الظلم لتلد الف ظالم ومن يعترض وينتقد بعض القادة يتحول الى عدو للشعب فمثلا في مسالة الانتخابات القادمة  اي تساؤل الان عن برامج المرشحين او عن مدى اهلية المرشحين المجهولين الجدد من حيث الاخلاص والنزاهة والكفاءة الادارية والقدرة على التغيير هذه التساؤل يعتبره البعض كفر والحاد وطعن بالقادة الزعماء ولا ادري كيف ولماذا؟وعدو الزعيم عدو الشعب ويتحول ابن الشعب الى عدو الشعب وهو يذكرنا بان عدو الشعب لقب مطاط يستخدم لوصف المعارضين السياسيين أو حتى المشتبه بهم من قبل بعض الأنظمة الاستبدادية، وقد ينعت به أحيانا حتى بعض الحلفاء السابقين. ويقصد به حرفيا أن الأعداء يتآمرون ضد المجتمع كله وهذا اللقب يتنافى مع كل جدل فكري أو إيديولوجي، بل أنه يشرع استعمال العنف والقمع وحتى التصفية الجسدية ضد المعارضين و  عدو الشعب (بالنرويجية En Folkefiende): مسرحية ألفها باللغة النرويجية هنريك ابسن عام 1882  وهي مسرحية تتحدث عن صراع خاص جدا بين الأخوين ستوكمان فأحدهما الطبيب توماس ستوكمان المشرف علي تنقية أحد عيون المياه العلاجية, والذي يكتشف خللا في نظام التنقية نتج عنه تلوث في المياه يستدعي اصلاحه كثيرا من المال والوقت, وهو ما يعارضه تماما رئيس البلدية, الذي نكتشف انه بيتر ستوكمان شقيق الطبيب الشريف, الذي يتصور أنه محصن بقوة الإعلام ورجاحة عقل المستثمرين الشرفاء, فيقرر عقد مؤتمر يكشف فيه حقيقة الأمر في الحمام العلاجي, نظرا لأهميته الناتجة عن كونه مصدرا سياحيا مهما للبلدة, وفي هذا المؤتمر تسقط كل الأقنعة وتتضح مؤامرة أصحاب المال والسلطة وأيضا الإعلام للتلاعب بمقدرات البسطاء, من خلال استغلال معسول الكلمات في تحويل هذا الطبيب إلي عدو للشعب وبناء عليه يتخلي عنه الجميع ولا يبقي له سوي زوجته وابنائه الذين يتم فصلهم من المدرسة, ولكن هذه المحنة لا تزيد الطبيب ستوكمان إلا إصرارا علي مواصلة المسير فيقرر التفرغ لتعليم أبنائه وكل أبناء الناس كل ما هو مخالف للشعارات التي من شأنها توجيههم نحو مصالح اصحاب المال والسلطة, رافعا في ذلك شعار إن أقوي رجل في العالم هو من يقاتل وحيدا.ان شعبا يعتبر  الانسان عدو له شعبا ميتا لا يستحق الحرية ولا يستحق الحياة لان الوعي وحده من يصنع شعبا والثورة وحدها من تحدث التغيير ولا تغيير بلا ارادة.