أجرت صحيفة ( الاندبيبندنت ) حوارا مطولا مع السيد مقتدى الصدر , ولقي رواجا واسعا على مواقع وصحف عدة . وأتخم بتعليقات كثيرة مؤيدة ومعارضة , وأكثرها تحمل طابعا تهكميا على مواقع التواصل الاجتماعي ( الفيسبوك ) . تطرق في هذا الحوار الى مجمل ملابسات الوضع العراقي الداخلي , وتحديدا من يوم احتلال العراق عام 2003 والى يومنا هذا… وعفا نفسه من مسؤوليه ما جرى ويجري من فساد ودمار وقتل . .
في مقالي هذا … ساتوقف عند نقطة مهمة وتاريخية وموقف تعرض بسببه أطرافه الى التنكيل والتشهير هو الموقف من الحصار والحرب والاحتلال .
السيد مقتدى … هو ابن الشهيد محمد صادق الصدر , الذي أغتيل في مطلع التسعينيات مع نجليه من قبل أيادي أثمه . في منتصف التسعينيات وصلتني عن طريق معارف الى السويد رزمه من كاسيتات تحمل خطبا للشهيد الصدر . ألقيت في مساجد العراق أيام الجمع , وكانوا العراقيين مكتوين بجمر الحصار ونار الدكتاتورية . وقتذاك وبفضول الاطلاع الشخصي والمعرفي بعد ما شاع أسمه وخطبه ومواقفه بين أوساط العراقيين بين مؤيد ومعارض . حرصت على سماعها وأنا العلماني الماركسي الذي لا تجذبني أحاديث رجال الدين ومواعظهم المبطنه … لكني وللتاريخ وجدت خطبه وأحاديثه تمت للواقع بصله كبيرة أي نتاج ما يعانيه شعبنا من ويلات الحصار والدكتاتورية وكذلك لمست بها قوة البلاغة وحنكة الخطاب السياسي ولغة الوطنية ..
عقب الاحتلال الامريكي .. سطع أسم مقتدى الصدر من خلال جيشه ( جيش المهدي ). من خلال استعراضاته في شوارع بغداد والجنوب .. وخطاباته التي تدعوا لمقاومة المحتلين وعملائهم . في تلك الظروف تأملت به طريقا لتحرير العراق بعد ما خاب ظني بخطاب القوى الديمقراطية , والذي لم يتعدى خطابها عن أنبطاح للعملية السياسية المشوهة .. بل والمشاركة في برلمنها الهزيل .
لكن في تحليلي الماركسي والواقعي عن مجريات الاحداث وتصريحات السيد مقتدى الصدر الفورية وسرعان ما تهفت .. وتتناقض مع تصريحات اليوم الذي سبقها . دعاني أن افقد أملي بهذا الرجل في تحديه ومواجهته للاحداث , يبدوا لي لم يحسن لعبة السياسة … صحيح السياسة فن الممكنات , لكن ليس على حساب مستقبل وطن وشعب ومواقف وتصريحات تحمل تناقضاتها اليومية العجيبة والغريبة .
يقول السيد مقتدى .. لمراسل صحيفة ( الاندبيبندنت ) . خطأ العراقيين في التعويل على الحرب والاحتلال لتغير النظام في العراق .. بل يحملهم المسؤولية .. وانا هذا ما يهمني من ماهية الحوار وتداعياته السياسية على الوضع الحالي .
لكن نسى السيد مقتدى . كان هناك وسط كبير من العراقيين وقفوا ضد الحرب والاحتلال بل واجهوه وفضحوا نواياه .. وانا واحد من هؤلاء كاتب هذه السطور .. الم يحن الوقت والظرف لرد الاعتبار لنا على مواقفنا الوطنية .
أنا لم ولن أضع نفسي بموضع محلل شخصية مقتدى الصدر , لكني متابع جيد للاحداث المأساوية التي يمر بها العراقيين . كان بمقدور السيد مقتدى أن يلعب دورا كبيرا بحكم شعبيته ونفوذه حتى داخل المربع السني أن صحت التسميه . والعراقيين بطوائفهم المتعددة يدركون قوة تأثير السيد مقتدى في الشارع العراقي , ما زال بامكانه ان يقلب المعادلة السياسية الطائفية باتجاه وطن واعد ومستقبل وغد أفضل بقيادته الجماهير , والتي تتضور جوعا ورعبا وفسادا الى مستقبل منشود , تشدوا له بالخلاص من الفساد والارهاب والقتل الطائفي . لكن السؤال المطروح بالشارع وبالحاح … لماذا لا يعمله ؟. ويخلص العراقيين من نفق مظلم لا بصيص ضوء فيه .