23 ديسمبر، 2024 7:12 ص

الانتهازية والانتهازيون  ( 1 )

الانتهازية والانتهازيون  ( 1 )

الانتهازية مرض طفولي يصيب المجتمعات المتخلفة التي تسود فيها الانظمة الشمولية او الدكتاتورية او القبلية والعشائرية والطفولية مما يتسبب في انتهاز الفرص لمجموعة من المواطنين لتشكيل تكتل وهمي يضم في ثناياه افراد من طبقات اجتماعية مختلفة اقتصاديا وثقافيا ومن هذا نستخلص ان الانتهازي هو الفرد الذي يتخذ مواقف سياسية او فكرية لا يعتقد بها لتحقيق مصالح شخصية على حساب الاخرين حتى لينسى ما يعتقده من اراء او فلسفة في الحياة ولو بشكل مؤقت تماشيا مع التيار الذي ربما يحد من طموحاته الانانية التي لا حساب لها في مصلحة الشعب مما ينتج عنه اتخاذ مواقف مبطنة المعلن منها غيرالمخفي وسرعان ما ينقلب على الموقف المعلن بين ليلة وضحاها والمتابع لبعض العناصر يجدها قد انقلبت على ما اظهرت من مواقف عديدة دون حياء او خجل والمبررات كثيرة لتصرفها وبهذا تكون وسيلة هدم للمجتمع في اي نظام سياسي يسود في مرحلة ما ولا يهما سوى ابقاء سلطتها ونفوذها هي ومن ثم الحفاظ على مواقعها ومصالحها ورب قائل يقول ان كل الطبقات السياسية لها نفس الهدف كالرأسمالية والبورجوازية والاقطاع والفلاحين والعمال وهذا صحيح لكن هذه الطبقات ذات منهج معلن تسعى من خلاله تحقيق مصالح الطبقة التي ينتمي اليها واما الانتهازية فأنها غيرثابتة الموقف لانها تتلون مع السلطة السائده وربما يبدو للمراقب انها اشد اندفاعا ممن يديرون السلطة مما يصنع (هالة ) تجعل السلطة الحاكمة تعيش حالة (وهم )على انها ذات النفوذ الشعبي الاكبر والحشد الاعظم بما يجعل السلطة تغدق عليهم المكارم والمنافع والتسهيلات والمواقع الادارية والتي بدورها تحجب عن السلطة الرؤيا الحقيقية وتحيلها الى عدو للشعب من خلال التصرفات الاجرامية ( للانتهازية ) حيث تمارس القتل والتعذيب والتهجير وسلب الممتلكات والحقوق من الذين لاغطاء يحميهم من فتك تلك الزمر وحين تتهاوى السلطة تجدد تلك العناصر المنقلب الاول على من كانت تستغله قبل يوم وتدعي انها هي التي قوضته وهي هي وفي ذلك صحة في الادعاء ولكن بسبب الفساد الذي مارسته وليس الكفاح من اجل اسعاد الجمهور ان هذه المجاميع ليست طبقة سياسية او اقتصادية او ثقافية وانما هي كل ذلك تجد بينها السياسي والمثقف والذي ينتمي الى طبقة من طبقات المجتمع كالرأسمالي والبرجوازي والاقطاعي والفلاح والعامل ويرتبط هؤلاء بحبل وهمي ولو اردنا ان نقترب من حالات التكوين لهذه المجاميع تجد مثلا قسم من ابناء الطبقات الفقيرة يكون انتهازيا محاولا بذلك حرق المراحل للوصول الى وضع افضل والاغنياء يريد ان يقفز الى الاعلى او الحفاظ على مصالحه من توجهات السلطة التي ربما تحتك بتلك المصالح واخطر تلك الزمر هو المثقف والسياسي الذي يحمل   المعول الذي يبني فيه مصالحه في الوقت الذي يستعمله لهدم مصالح الاكثرية الساحقة بل الادهى والامر في الانتهازية انها تخطت الفردية الى الدول والاحزاب والمنظمات والشخصيات العالمية فعلى سبيل المثال الحركة الكردية ابعد الملا مصطفى البرزاني من العراق بعد سقوط جمهورية مهاباد في ايران عام 1945 مما اضطر الملا وجماعته الى مغادرة العراق الى الاتحاد السوفياتي وبعد قيام ثورة 14 تموز وبناءا على النهج الوطني للثورة فقد ارسل الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم في دعوة الملا وجماعته للعودة الى العراق وتم تكريمه اذ اسكن في دار نوري سعيد وخصص له راتب شهري وزودته الثورة بالسلاح للدفاع عن نفسه وانصاره اسوة ببقية العشائر الكردية غير انه سرعان ما انقلب هذا السلاح في عام 1961 بوجه الثورة والله اعلم لماذا وفي قيام 8 شباط الاسود قدم وفد برئاسة صالح اليوسفي وعضوية فؤاد عارف وشوكت عقراوي وتوجهوا الى الاذاعة حيث مقر قيادة الانقلاب وقدموا برقية تهنئة هذا نصها ( لقد تلاحمت الثورتان الثورة الكردية والثورة القومية العربية وقد تهاوت قوى الظلام والشعوبية تحت ضربات الثورة ) وقد ابلغ اليوسفي بأمر البرزاني بوقف العمليات العسكرية ضد الجيش العراقي على كافة جبهات القتال في كردستان .. في 31-8-1996 قال ( طاهر حبوش ) دخلت اربيل لنجدة مسعود برزاني بأمر من صدام حسين وعند تطهيراربيل من جماعة الطالباني قال مسعود انه مستعد للتوقيع على بياض على كل ما يطلبه صدام حسين وطلب مني توجيه الشكر الى القيادة وصدام حسين لاستجابتها لندائه لتحرير اربيل من عبث جلال طالباني وزمرته العميلة لايران وكان من النتائج تصفية جميع عناصر المعارضة المتواجدة في اربيل انذاك وفي عام 2003 انضم الحزب الديمقراطي الكردستاني الى احزاب المعارضة التي تحالفت مع القوات الغازية تحت شعار ( تحرير العراق من نظام صدام حسين ) ومن المواقف الانتهازية حينما انطلقت قوات الشرطة مع المشاركين في مسيرة 1 ايار عام 1959 لتردد شعار ( اسأل الشرطة وما تريد وطن حر وشعب سعيد ) ؟؟ وهم الذين كانوا بالامس القريب يمارسون الاضطهاد لكل وطني معارض للعهد الملكي ومارس من يدعي تمثيل الشيوعيين نفس الدور الانتهازي حينما استظل تحت خيمة الاحتلال وشغل سكرتيره ادارة مجلس الحكم لمدة شهر ضمن تلك الدورة مما اضعف موقف الحزب ذو التاريخ النضالي الطويل وافقده هيبته وسمعته الوطنية وتشتت انصاره ومؤيديه وتوجههم الى الاحزاب الطائفية والقومية الشوفينية للانضواء فيها وفعلها حزب البعث حينما اتفق مع امريكيا من خلال التعاون مع بعض العسكريين المحسوبين على امريكيا للاطاحة بحكم الرئيس الراحل عبد الرحمن عارف هذا على الصعيد الوطني العراقي وهناك مئات الامثلة على الانتهازية وادوارها في الوطن العربي والعالم كما يحدث في امريكيا حيث يتهافت مرشحي الرئاسة للحصول على التأييد من اللوبي الصهيوني في امريكيا ولو على حساب المباديء التي يدعون بها .