17 نوفمبر، 2024 4:29 م
Search
Close this search box.

الانتفاضة الشعبانية قُتلت مرتين

الانتفاضة الشعبانية قُتلت مرتين

سنة ١٩٩١ ميلادية وتحديداً بداية شهر آذار (شعبان ١٤١٥ هجرية ) في اليوم الثالث، انتفض شيعة العراق على نظام البعث الجائر الحاكم.
سميت هذه الإنتفاضة بالشعبانية لتزامنها مع شهر شعبان الاغر، الذي يزهر بمواليد أهل البيت عليهم السلام، وقد اعتبر شيعة العراق هذه الإنعطافة في تاريخهم، بمثابة فتح عصر جديد، وهي من ستحقق ولادة الدولة الجديد، الخالية من بقايا انظمة وسلاطين بغايا العباسيين والامويين، التي كان امتدادها عصابات البعث الصدامي الهالك.
بعد ان انهارت جميع قوي نظام البعث المقبور كاملة، العسكرية والاقتصادية، بعد هروبه من دولة الكويت، التي احتلها بناء لرغبات امريكية لتكون ذريعة لإدخال الأسطول الأمريكي، في الخليج، والاقتراب أكثر من استهداف الجمهورية الإسلامية، حيث هنا انفجر جيش الغضب الشيعي، بهتاف “الموت لصدام” و “الموت لحزب البعث” و ” لا فتى إلا علي ونريد قائد جعفري ” والشيعة كانوا يقصدون القائد الجعفري، هو ان القيادة تكون للمرجعية الدينية، وهذه عقيدتهم بالإمامة بأمير المؤمنين علي “عليه السلام ” وكانت هذه الهتافات تثير الرعب، في ديار الخليج والامريكان الذين يختبئون به.
كانت البصرة الفيحاء بوابة الجنوب العراقي، شرارة الانتفاضة الشعبانية، ومنها انطلقت إلى باقي محافظات الوسط والجنوب وحتى شمال العراق، حيث المحافظات الكوردية، وقد تميز منتفضو الجنوب بالبسالة في القتال وقوة الحركة، رغم الامكانات البسيطة والارض المستوية التي لا تساعد على التخفي، مما ساعد في تحرير جميع المحافظات الشيعية، وإنشاء سور جهادي حول كربلاء والنجف.
الظهور القوي للحضور الشيعي في جنوب العراق، فاجأ الوهابية في الخليج والشيطان في أمريكا، مما جعلهم يعيدون حسابات إحراق ورقة البعث، وتجديد بقائها عشر سنوات جديدة، حتى ينهي المشروع الذي كلفوه فيه، سنة ١٩٧٩ عند توليه النظام، وهو إبادة الشيعة في العراق وإيران الإسلامية، وهنا عاد النظام البعثي من جديد بدعم الطيران الجوي الذي منعته منظمة الأمم المتحدة، من الطيران سابقاً، وقد استخدم انواع الأسلحة المحرمة من القنابل الكيمياوية والصواريخ والدبابات والمدافع تجاه حركة لا تمتلك غير السلاح الخفيف.
انتهت الانتفاضة الشعبانية في الجنوب بعد ان قام النظام البعثي، بفرض حصار كامل على المحافظات الشيعية، منها التجويع والاعدامات والسجون، وتجفيف الاهوار والانهار، وموت المواشي والاسماك التي تعتبر مصدر عيش مدن المنتفضين، مما أدى لانتشار الأمراض والأوبئة ثم موت الانتفاضة.
تبين في نهاية حديث ما تقدم، طريقة وأد الانتفاضة والقضاء عليها بسلاح العدو الصهيوني، وهنا نشير بعجالة لطريقة ذبح الانتفاضة مرة ثانية، ونعني بها هو محو وإزالة هذه الصفحة المضيئة من ذاكرة الشيعة، وذلك بإسقاطها إعلامياً أولا، من خلال خلق قصص كاذبة تجاه الثوار والشهداء، وتارة باستهداف امتيازاتهم التي قدمت لضحايا الثورة في “مخيم رفحاء ” وغيرهم من الابطال, التي ما زالت تكررها أقلام البعث، تجاه صمت أقلام المجاهدين.
إن الانتفاضة الشعبانية رغم عمرها الذي لم يتجاوز الشهر، قد سجلت في التاريخ تجربة عجزت عنها حركات آلاف السنين، فهي نجحت في إسقاط نظام عمره خمسون.

أحدث المقالات