18 ديسمبر، 2024 4:26 م

الانتعاش الاقتصادي العالمي وشيك، ولكن ليس في البلدان الفقيرة

الانتعاش الاقتصادي العالمي وشيك، ولكن ليس في البلدان الفقيرة

ترجمة وإعداد: د. هاشم نعمة

تشير التوقعات الاقتصادية إلى أن الضرر الناجم عن أزمة كورونا ليس بنفس مستوى الضرر الذي تسببت فيه الأزمة المالية لعام 2008. لكن هذا ينطبق بشكل خاص على البلدان الغربية.

التعافي الاقتصادي العالمي من أزمة كورونا جار، لكن توزيعه غير متساو؛ إذ البلدان النامية والناهضة على وجه الخصوص هي الأكثر تضررا من البلدان الصناعية. نشر ذلك صندوق النقد الدولي (IMF) في تقريره نصف السنوي عن آفاق الاقتصاد العالمي، والذي صدر يوم الثلاثاء 6 نيسان| أبريل 2021.

تحسنت الآفاق الاقتصادية العالمية بشكل طفيف، لكن التباينات بين الدول تبدو كبيرة؛ إذ تأتي الولايات المتحدة في المقدمة، ومن المرجح أن تعوض الضرر الناجم عن كورونا هذا العام. أما بالنسبة إلى معظم البلدان الأخرى، يحدث هذا لكنه سيتأخر كثيرا. وستعمل إسبانيا أو إيطاليا، بقطاعيهما السياحيين الكبيرين في هذا الاتجاه، لكن ذلك يمتد إلى عام 2023 على الأقل.

وبحسب صندوق النقد الدولي، في العام الماضي، تم تقديم مبلغ هائل قدره 16 ألف مليار دولار (13500 مليار يورو) من المساعدات الاقتصادية من قبل جميع دول العالم – في شكل مساعدات أو على سبيل المثال، بصورة تأخير دفع الضرائب. بدون هذا الدعم، لكان معدل الركود الذي حدث (بلغت نسبة الانكماش الاقتصادي العالمي 3,3 في المائة) أكبر بثلاث مرات.

بالنسبة إلى البلدان الغربية، فإن الأضرار التي لحقت بها أقل من الأضرار التي تسببت بها الأزمة المالية لعام 2008. ومع اقتراب التعافي، فإن وضع البلدان الناهضة والنامية يتسم بالخطورة بدرجة أكبر؛ إذ هناك خطر يتمثل في أن أسعار الفائدة في البلدان الصناعية التي ظلت منخفضة للغاية في الوقت الحالي، سترتفع مع تقدم الانتعاش الاقتصادي. يمكن أن يحدث هذا بشكل خاص في الولايات المتحدة. في هذه الحالة، يمكن أن تتوجه التدفقات المالية الدولية إلى البلدان الغربية، مما يتسبب في جفاف التمويل في البلدان الناهضة، ومن ثم حدوث أزمات.

الانتعاش غير المتكافئ

قالت جيتا جوبيناث كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء 6 نيسان| أبريل 2021، إن هذا الانتعاش غير المتكافئ هو ما يقلق صندوق النقد الدولي. ويقدر تراجع رفاهية الفرد بسبب الوباء بمتوسط ​​2,3 في المئة في البلدان الغربية، و 4,7 في المائة في البلدان الناهضة (وحتى 6,1 في المائة إذا لم يتم تضمين الصين) و 5,7 في المائة في البلدان النامية. ولأول مرة منذ مطلع القرن، يظهر المزيد من الفقراء المدقعين في جميع أنحاء العالم، حوالي 95 مليون مقارنة بالتنبؤات السابقة للوباء.

في العام الماضي، وافقت مجموعة العشرين (أهم البلدان بالنسبة للاقتصاد العالمي) بالفعل على وقف سداد ديون البلدان ذات الدخل المنخفض. وهذا الأسبوع، تم إدراج هذه المسألة على جدول أعمال الاجتماع الربيعي الذي تعقده مجموعة العشرين وصندوق النقد الدولي.

كما أن زيادة مقدار حقوق السحب الخاصة (SDRs) من صندوق النقد الدولي التي تتمتع بها البلدان مطروحة الآن على طاولة النقاش. وتتكون حقوق السحب الخاصة- وهي العملة الاحتياطية لصندوق النقد الدولي- من سلة من العملات القوية (الدولار واليورو والجنيه والين والرينمينبي الصيني). وتتمتع كل دولة من الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي بإمكانية الوصول إلى مقدار من حقوق السحب الخاصة، والتي تكون بمثابة ضمان لقرض سريع يمكنها الحصول عليه من الصندوق، دون شروط كثيرة.

قد يكون كثير من البلدان النامية والناهضة في ورطة بسبب الوباء وبسبب قروضها المستحقة بالفعل من العملات القوية أو قد تحتاج إلى مزيد من التمويل في المستقبل. ويمكن أن تؤدي زيادة مقدار حقوق السحب الخاصة التي تشكل أساسًا نوعًا من احتياطي النقد الأجنبي الإضافي إلى التخفيف من أعباء هذه البلدان.

تتمثل النقطة المهمة في أن حقوق السحب الخاصة يتم توزيعها بما يتناسب مع حجم اقتصادات البلدان الأعضاء. لذلك سينتهي الأمر بالبلدان ذات الدخل المنخفض بحصولها على 21 مليار دولار من مجموع 650 مليار دولار تعهدت مجموعة العشرين بدفعها لصندوق النقد الدولي مؤخرا.

قالت كبيرة الاقتصاديين جوبيناث إن السيناريوهات الاقتصادية في جميع أنحاء العالم تعتمد بشكل كبير على مسار الوباء ومعدلات التطعيم. فالأهم هذا العام، وفقًا لصندوق النقد الدولي، هو تلقيح أكبر عدد ممكن من الأشخاص في أسرع وقت ممكن. سيتم في معظم البلدان الصناعية، الانتهاء من هذه العملية بحلول صيف هذا العام. لكن لن تكون كثير من البلدان النامية مستعدة لذلك حتى نهاية عام 2022.

طالبت جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية في خطاب ألقته يوم الاثنين 5 نيسان| أبريل 2021 بإقرار حد أدنى لضريبة الشركات على مستوى العالم. إذ ترغب الولايات المتحدة في أن تقوم بلدان مجموعة العشرين ذات الاقتصاديات الأكثر أهمية في العالم، بمناقشة هذا الموضوع في اجتماعها هذا الأسبوع.

يرتبط الاقتراح هذا بخطة إدارة بايدن الضخمة المخصصة للبنية التحتية التي خُصص لها 2300 مليار دولار أمريكي والتي سيجري تمويلها من خلال زيادة الضرائب على الشركات الأمريكية. لذلك، يجب رفع ضريبة الشركات في الولايات المتحدة من 21 في المائة إلى 28 في المائة. ويمكن أن يساعد تحديد حد أدنى لمعدل الضريبة العالمي على الشركات في منع الشركات الأمريكية من اللجوء إلى البلدان الأخرى إذا تم رفع معدل الضريبة في الولايات المتحدة.

على الرغم من أن صندوق النقد الدولي يؤيد تحديد حد أدنى للضريبة على مستوى العالم وفقًا لجوبيناث، فإن هذا يهدف أساسًا لمنع التهرب الضريبي ولضمان قدرة الدول على تمويل نفسها بشكل كافٍ. وأشارت إلى أن التخفيض الضريبي الأمريكي في عام 2017 في عهد ترامب، أعاد عددًا قليلا من الشركات إلى الولايات المتحدة مما كان متوقعًا. على العكس من ذلك، قد تؤدي الزيادة في الضريبة إلى انتقال أعداد أقل من الشركات خارج الولايات المتحدة.

بالنسبة إلى هولندا، يقدر الصندوق بأن النمو الاقتصادي سيكون بنسبة 3,5 في المائة هذا العام. وهذه النسبة أكثر بكثير مما توقعه مكتب التخطيط المركزي الهولندي الأسبوع الماضي، والذي جاء عند 2,2 في المائة فقط. علما ليس في الغالب أن تختلف التوقعات كثيرًا فيما بينها.

الترجمة: عن NRC Handelblad, 7 April 2021