23 ديسمبر، 2024 4:19 ص

الانتخاب المبكرة … قراءة في واقع الحال

الانتخاب المبكرة … قراءة في واقع الحال

تحديد الكاظمي السادس من الشهر  السادس 2021 موعدًا لأجراء الإنتخابات قضية ستواجه ردات فعل مختلفة من القبول والرضا او الرفض والتحفظ، إلا أنها بكل تأكيد ستضر بمصالح الكثير من الكتل السياسية سيما تلك التي كان لها الدور الاكبر في قمع التظاهرات او الضغط لأنهاءها بمختلف الوسائل،  وتلك التي لم تقدم اي من الخدمات لجمهورها. هذه الكتل ستعمل على عرقلة إجراء الانتخابات في هذا التوقيت، مفضلة موعد ابعد يمنحها الفرصة لإعادة ترتيب أوراقها من جديد وحجز مكانة تؤهلها لتدوير نفسها ثانية عبر تغيير عناوينها والاستعانة بشخصيات طازجة غير “محترقة” في مراحل سابقة .
القضية المهمة في الموضوع بعد إقرار قانون الانتخابات وإكمال الاستعدادات اللوجستية للعملية الانتخابية هي : قدرة الحكومة على توفير بيئة انتخابية مناسبة في طول البلاد وعرضها .
 انطلاقا من ذلك يمكننا تقسم العراق إلى ثلاث مناطق تمثل بيئات انتخابية مختلفة .
الاولى
إقليم كوردستان وبعض المناطق التي تدار بطريقة مشتركة بين المركز والإقليم
هذه المناطق تتوفر فيها بيئة آمنة إلى حد كبير، يمكن إجراء الإنتخابات فيها بنوع من الإرتياح.
الثانية
المناطق التي خرجت من الصراع (المحررة)
في هذه المناطق هناك أكثر من موقف قد يعكر صفو العملية الانتخابية، بدءً من السلاح المسلط على رقاب الناخبين ، وصولًا إلى فرض ارادات سياسية على مناطق معينة عبر القهر والاضطهاد والتركيع، وليس انتهاء بتأثير المال السياسي على المناخ الانتخابي عبر شراء الذمم . كل هذا سيولد عملية انتخابية مشوهة تنتج لنا ممثلين غير حقيقيين لما يريده الشارع في تلك المناطق .
الثالثة
ما تبقى من العراق (من بغداد حتى البصرة)
الصراع في هذه المنطقة سيكون محتدمًا بين من يملك السلطة والسلاح وبين إرادة التغيير الشبابية التي يتزعمها قادة التظاهرات ، وهنا سوف نشهد إزاحة الكثير من زعامات التظاهر والناشطين عن المشهد بالإكراه واذا لزم الأمر قد تضطر بعض الجهات إلى تصفيتهم(لا سامح الله) . نتائج هذه المنطقة ستتوقف على قدرة الحكومة في ردع تلك الجهات، وأن حصل ذلك لن تجني تلك الكتل السياسية نصف ما تطمح له .
مفتاح النجاح والفشل
تعد مفوضية الانتخابات حجر الزاوية في كل عملية اقتراعية تجري، ومن خلالها يكمن مقدار النجاح او الفشل لتلك التجربة . حتى اخر انتخابات لم تكن اي من مجالس المفوضية مستقلة كما هو معلوم، ففي العادة يجري اختيار أعضاء المجلس من قبل الزعامات السياسية وبذلك يكون دور هذا المجلس إعادة تموضع تلك الزعامات في أماكنها وهو ما ولد حالة من الاستنكار الشعبي والسياسي سيما  من قبل الجهات السياسية التي تتواجد خارج حسابات الكتل الكبيرة ، إضافة إلى ملاحظات إقليمية ودولية ترافق كل مرحلة انتخابية . هنا وجب على الحكومة اللجوء إلى الأمم المتحدة وجعلها تشرف بشكل مباشر على اختيار مجلس مستقل للمفوضية ، او حتى الإشراف المباشر على العملية الانتخابية وتوثيق إجراءاتها كي لا تترك ثغرة يمكن أن تستغلها بعض الجهات لصالحها على حساب احلام الشعب وطموحاته.
قانون الانتخابات
هذا المسألة قد تلعب دورًا محوريًا في أبعاد اللاعبين الأساسيين عن المشهد او تعزيز تواجدهم ثانية في الساحة السياسية. حتى الآن يواجه القانون موجة من التحفظات في أروقة المؤسسة التشريعية سيما تلك التي تتعلق بتقسيم المحافظة إلى دوائر انتخابية متعددة وهو ما يضمن تمثيل مناطق محددة حُرمت من التمثيل رغم النسبة الكبيرة لمواطنيها، الا ان بعض من الكتل السياسية استطاعت عبر قانون الدائرة الانتخابية الواحدة من الاستحواذ على مقاعد هذه المناطق رغم وقوعها خارج حدود تأثيرها مثلما حصل مع مركز إحدى المحافظات الذي حرم من التمثيل في أكثر من دورة انتخابية. في حين حصلت بعض المدن الصغيرة على أكثر من ممثل لها بفعل طبيعة هذا القانون . لكن إحدى معضلات قانون الدائرة الانتخابية المتعددة هي إيصاله لشخصيات مجتمعية تمثل عوائل او عشائر معينة وهذا ما سيجعل البرلمان المقبل خالٍ من التكنوقراط.
موعد الإنتخابات
لم يكن رئيس الوزراء موفقًا في اختيار حزيران الشهر الصيفيّ موعدًا لأجراء الإنتخابات،  حيث يمثل هذا الشهر من السنة بداية لأرتفاع درجات الحرارة وهو ما يعزز من فرصة عدم ذهاب الناخب إلى مراكز الاقتراع، إضافة إلى أن البعض لم يعد يؤمن بالعملية الديمقراطية اصلًا بعد تجارب اكدت أنها شكلية في أكثر من منطقة انتخابية ولم يهذب للتصويت في الربيع فكيف به ان يذهب في الصيف ؟ وجب على الحكومة اختيار موعد اخر يكون فيه الطقس أكثر ملاءمة لذهاب الناخبين إلى مراكز التصويت، كأن يكون الشهر العاشر من نفس العام كونه اكثر ملاءمة من حزيران الساخن  وهذا ما يعطي مساحة اوفر من الاستعداد لتوفير بيئة انتخابية مناسبة لمناطق عديدة ، إضافة إلى فسح المجال أمام مفوضية الانتخابات لإكمال التحضيرات المطلوبة للمعركة الانتخابية المقبلة والتي ستكون أكثر منافسة من سابقاتها كما تشير المعطيات الحالية .