18 ديسمبر، 2024 7:40 م

الانتخابات وموسم التفريخ

الانتخابات وموسم التفريخ

وربما التفخيخ أيضاً، فهو موسم تعج فيه الأحزاب والكتل والشخصيات وتُصاب بهستيريا كرسي البرلمان والحكومة، حتى يشكُّ المرء بأنهم مُصابون بأحد أنواع جنون السياسة، بل يظنُّ المراقب إنه موسمٌ للتفريخ في غياب قانون شرعي ينّظم العلاقة بين الشعب ومن تزوج نظامه السياسي، ويمارس معه أكبر الكبائر والفواحش منذ أطاحت أمريكا وحلفائها بنظام العنتريات واستبدلته بنظام الطوائف مع شعب أدمن مخدرات الشعارات الرومانسية حتى اندمج وذاب فيها، ناسياً حقوقه الشرعية في زواج شرعي موثّق!
ورغم عدم قناعتي بإجراء الانتخابات الموسومة بـ”المبكرة”، بل وحتى بالانتخابات التي جرت منذ 2005 ولحد آخرها التي أنتجت كلّ هذه التداعيات، فإن الأخيرة والمزمع إجرائها في حزيران القادم لن تختلف عن سابقاتها قيد أنملة إلا اللهم ببعض الاكسسوارات المزركشة بمودة التغيير ومكافحة الفساد، لأنها أساساً تجرى في بيئة موبوءة وغير صالحة لهكذا ممارسات، لأسبابٍ كثيرة أهمها غياب مفهوم جامع للمواطنة، ولكي لا ندخل تفاصيل الإرث التربوي والاجتماعي ومنظومة العادات والتقاليد وأعراف العشيرة والشريعة، فأننا نراقب تفاصيل الأحداث وتطوراتها وبلورة المشهد خلال الستة أشهر القادمة، وعلى ضوء بواكير الصراع غير المتكافئ بين الدولة المزعومة واللا دولة الفاعلة بقوّة ميليشياتها وعشائرها ومحركي دمى العرائس خلف الكواليس ممن يهيمنون على مقاليد الحلال والحرام في دولة كثُرت خطوطها الحمراء وتيجان رؤوسها وزعمائها المختارين لهذا العصر والمنقذين للامة وممثلي الرّب وأنبيائه وأوليائه وأئمة عصره.
وعلى ضوء هذه المظاهر نرى أننا إزاء انتخابات قلقة تتكالب عليها ذات القوى الفاعلة الآن خارج إطار الدولة والمدعومة سرّاً من فاعلين في الدولة ومؤسساتها، وبالتالي العبور إلى البرلمان بغالبية كبيرة لقوى اللا دولة مدعومة بقوّة من التشكيلات العسكرية خارج الجيش والشرطة، أو عدم إجرائها وهذا يعني حل البرلمان وإيقاف إرباكه للمشهد الاجتماعي المتوقد منذ تشرين الأول عام 2019، والذهاب إلى استمرار رئيس الحكومة الطامح بالتغيير والمتأمل بالانفلات من شباك الميليشيات وداعميها المحليين والإقليميين، وتحديد موعد مريح لانتخابات يتأمل الكثير أن تكون مختلفة عن سابقاتها، ولكي تكون كذلك يجب استغلال تلك الفترة بين حل البرلمان والانتخابات للتخلص من كثير من العقبات التي تعرقل وصول قوى التغيير إلى البرلمان بوسائل الشد الطائفي والقبلي وأحياناً العرقي والقومي كما يجري في المناطق المتاخمة لإقليم كوردستان، وتحديداً المناطق المتنازع عليها.
وحتى ذلك الحين ستشهد معظم الأحزاب والكتل انشقاقات وتفريخات، وربما تفخيخات سياسية تطيح بأشخاص او أحزاب او كتل، وفي خضم ذلك يبقى الكاظمي بين خيارين اما الاستمرار بالرقص بين الافاعي حتى يلدغه أحدهم وينهي محاولته الواعدة، او يجيد دور المايسترو حتى ينهكهم ويعبر الى حل البرلمان واجراء انتخابات مريحة تؤهله لتطبيق برنامجه!