18 ديسمبر، 2024 6:27 م

الانتخابات … ومضامين المسؤولية

الانتخابات … ومضامين المسؤولية

لم تشهد عملية الانتخابات في اي دولة من دول العالم  لغطا وتشكيكا مثلما تشهده الانتخابات في بلدنا،والفارق بين الحالتين بسيط ولا يعدو اكثر من كلمة واحدة اسمها الإيمان .
فالانتخابات لا تمثل حالة انتقالية للسلطة من مجموعة الى اخرى سواء كانت تلك المجموعة كتلة او حركة او حزب ،  او من شخص الى اخر سواء كان هذا الشخص يمثل الحكم الرئاسي او البرلماني .
 بل ان ما تشكله الانتخابات من اهمية يكمن في كونها عملية تحريك لمتغيرات ضرورية يجب ابرازها في مواقعها الصحيحة لاستبدال واقع متردي او متهالك وبقصد تصحيح وإزالة الترسبات والتراكمات على ذلك الواقع لغرض النهوض به من اجل تقديم الافضل والأصلح لبناء الوطن وخدمة المواطن .
ولكي تكون العملية الانتخابية ذات مضامين فعلية وليس تسويقية أو تسويفية كان لا بد من التعامل معها على اساس انشاء الثقافة المروجة والداعمة لها اولا ثم بعد ذلك يتم تبني معطياتها المستقبلية .
 ولأجل توفير الارضية المناسبة للانتخابات كان لابد من  التأسيس لإيديولوجية خاصة تتبنى اشاعة ونشر اهمية الانتخابات من كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية …. والخ وعدم حصر الموضوع بالجانب السياسي فقط.
اما التعكز على اساس ان الانتخابات هي عملية لا طائل منها ما دامت تقع ضمن منظور محدد ولجهات معينة،فهذا تحليل بعيد عن الواقعية لان الانتخابات عملية متاح المشاركة بها للجميع وهو ما يعني ان الكل مسؤول عن التغيير ويقع ضمن دائرتها ما دام يمتلك المؤهلات التي تمكنه من ذلك .
وبغض النظر عن نوعية القناعة بالانتخابات من عدمها إلا ان المشاركة بها يعد امرا ملحا لكونه مسؤولية شرعية ووطنية وأخلاقية يجب ان يتم فيها التغاضي عن المسببات المانعة الاخرى .
اما الدعوات التي تنطلق من هنا او هناك بمقاطعتها واللجوء الى خيارات اخرى بحجة استهداف طائفة دون غيرها ، فهذه الدعوات لا تمثل اكثر من دعوات للحرب الطائفية والتمرد والترويج المسبق للعصابات  الاجرامية والإرهابية بإطلاق يدها في ارتكاب المجازر ومخالفة القانون والتعدي على المحرمات والمال العام .
 ثم لابد من التعريج على تحديد مسؤولية الناخب في تحديد اختياراته لكونه المسؤول الاول عن تحديد ملامح العملية السياسية وهو في نفس الوقت المسؤول عن اي وضع يترتب عن ذلك الاختيار وهو ما يعطي مجال لبعض السياسيين المنتخبين بالتحجج بأنه منتخب من قبل الشعب  مهما عاث فساداً .
وهو يتوجب على الناخب التأني في تحديد اختياره والتفكير مليا في الاشخاص والكتل والأحزاب والحركات التي يود التصويت لها  وان كان يفضل في هذه الحالة الاعتداد بالكتل والأحزاب الكبيرة التي تمتلك حضورا سياسيا وجماهيريا كبيرا لكونها ستكون مؤثرة في سرعة تشريع القوانين وتنفيذها .
 ورغم كل هذا إلا ان الاختيار يجب ان يكون اولا وأخيرا منصبا في تفضيل الاكفأ والأجدر بالثقة على ضوء ما حققه من انجازات او من المؤمل به ان يحققه مستقبلاً.
ولكي تكون الانتخابات عامل قوة واندفاع لأعمار البلد كان لابد من التثقيف على التعامل معها على اساس كونها حالة مؤسسة لعدة حالات متعاقبة تلقي بظلالها في النهاية على مجريات الامور في البلد وتدفعه باتجاه حالة من اثنين ،اما  الاستقرار والبناء ، وأما الارباك والتأخير في تقديم الخدمات،وتلك الحالتين يحددهما اختيار الناخب لا غير .
لذلك فان الانتخابات هي قاعدة لتأسيس مراحل بناء الدولة وهيبتها،  حيث سيكون الجميع امام المسؤولية الشرعية والوطنية والأخلاقية  ، وسيكون الناخب هو الرقم الاهم في المعادلة الوطنية التي بإمكانه اثباتها بحسن الاختيار.