18 ديسمبر، 2024 8:11 م

الانتخابات … وسيكولوجيا الناخب العراقي !

الانتخابات … وسيكولوجيا الناخب العراقي !

حُدد يوم 12 أيار القادم موعدا للانتخابات البرلمانية في العراق ، حاسما بذلك جدلا دام عدة أسابيع داخل قبة البرلمان لتأجيلها ، بسبب وجود اعداد كبيرة من النازحين لم تعود الى محافظاتها التي هجرت منها بسبب العمليات العسكرية ضد الإرهاب ، السؤال الذي يطرح نفسه بعد أسابيع الجدل هذه ، هل كان ذلك الجدل عبارة عن عرض أزياء سياسي يستجدي أصوات أكثرية الناخبين من المهجرين الذين يسكنون العراء صيفا وشتاءا؟ ام هو محاولة اقصاء لهذا العدد من الناخبين بطرق مشروعة كانت او غير مشروعة لفسح المجال لجهة او مجموعة معينة للهيمنة على مقاعد البرلمان وبدون منافس ، او ليصبح هناك منافس بسيط بالإمكان السيطرة عليه؟.

للإجابة على هذه التساؤلات يجب علينا أولا معرفة من هو الطرف الأقوى ومن هو الطرف المذعن ، نظريا ، الطرف القوي هو الشعب ، والطرف الاخر بكل مسمياته هو المذعن لقرار الشعب ، ولكن ، في العراق وانتخابات برلمانه الحالة معكوسة تماما ، اصبح الشعب هو الطرف المذعن في هذه المعادلة ، والتي وان طالت ، لابد لها ان تنتهي يوما ما ، اما المضحك في هذه الانتخابات ، تحديدا بعد صدور نتائجها ، فعندما يرفض الشعب إجراءات معينة من قبل نوابه ، يلام الشعب كونه هو من انتخبهم ، نظريا صحيح ، اما عمليا ، فأن آلية الانتخاب وظروفها وميزاتها وامتيازاتها ، سلبية كانت ام إيجابية ، التي عرضت على الناخب فلا يتم التطرق اليها من قبل الذين يلومون الشعب الذي انتخب هؤلاء النواب البرلمانيين.

سيكولوجيا ، المفروض ان هناك عدة فئات من الناخبين ، يمكنني ان الخصهم بما ورد عن سيدنا علي رضي الله عنه حيث قال ” قِوام الديـن والدنيا أربعة رجال ، عالمٌ مستعملٌ علمه ، وجاهلٌ لا يستنكف أن يتعلم ، وغنيٌ لا يبخل بماله ، وفقيرٌ لا يبيع آخرته بدنياه ، فإذا ضيَّع العالم علمه، استنكف الجاهلُ أنْ يتعلَّم”.

وقرأت عن واقعة حصلت بين أبا حنيفة النعمان وطفل ، عندما رأى النعمان حفرة امام الطفل فقال له ” يا غلام إياك أن تسقط ، كان الغلام على درجةٍ من الذكاء والفطنة ، فأجابه: بل أنت يا إمام ، إياك أن تسقط ، أنا إن سقطتُ ، سقطتُ وحدي، وأنتَ إن سقطتَ سقط العالَمُ معك”.

لذلك ، على الشعب ، ورغم ما أصابه من ضرر ، بقصد او بغير قصد ، ان ينتبه جيدا الى ان صوته حتى لحظة التصويت مهم جدا ، وبعد التصويت ينتظر رحمة الله ، يجب الابتعاد عن التصويت لبعض الوجوه الكالحة والتي اضرت بالعراق وشعبه ، واختيار المرشح الذي تجد فيه العلم الذي يستعمله في خدمة أبناء شعبه ولا يبخل عليهم (من ماله الخاص) ، وليس السحت الحرام الذي جمعه من أموال الشعب ولا الجاه الذي حصل عليه من منصب في البرلمان او الحكومة ، ولا يبيع آخرته بدنياه ، فاذا اتخذنا ذلك أساسا لغرض انتخاب المرشح الاصلح ، فأننا وضعنا عجلة بناء الانسان والمجتمع على الطريق الصحيح ، بالإضافة لإعادة اعمار المناطق التي دمرها الإرهاب ، والعراق بشكل عام.. والله من وراء القصد.